من أين لك هذا ؟!!/علي محمد الطائي
Thu, 29 Nov 2012 الساعة : 16:14

هذه المرة نجسد الواقع المأساوي البغيض والأليم الذي يتعرض له أغنى بلد يعيش فيه أفقر شعب وياليت هذا الشعب يصحو من نومه وسكرات الموت البطيئة التي رسمها القدر المرير الذي صير علينا هذه الحكومات المتعاقبة بلا رحمة ولا رأفة ، أنهم يجمعون المال ويكنزون الذهب ويتمتعون بالقصور . هل كان أهل البيت (عليهم السلام) يسكنون القصور ، لقد عاشوا وماتوا وهم فقراء لله ولم يكنزوا الذهب والفضة والدراهم والدنانير وجندوا كل طاقاتهم وحياتهم لخدمة وأعانة الفقير واليتيم والمسكين . أما الأن نشاهد ونسمع بهذه الأموال والأرقام الخيالية والمرعبه لا نعلم هل الثروات في العراق فردية ومقتصرة على نخبة ومجموعة محدودة ، وأذا ضبط أحد السياسيين في الفساد الأداري وأستغلال ثروة الشعب لحسابه الخاص ، أول ما يبادر و يصرح كالتالي ، أنا أبن عائلة غنية أنا مهندس أنا كان أبي وجدي يمتلك الأراضي والعقارات والبساتين ...الخ. لو سلمنا جدلا أنكم أغنياء وأولاد ذوات ولم تكونوا تسكنوا سورية ولم تعيشوا على مساعدات الحسينيات والحوزات ودعم المرجعيات ، ولم يكن القسم الآخر في لندن أو في الدول الأوربية عاطل عن العمل ويتقاضى راتب العاطل عن العمل ، مثلي عبدكم الفقير الى الله صاحب هذه السطور ، ولكن السؤال : هنا كيف تشكلت هذه الثروات والعقارات والأرصده والأستثمارات الشخصية خارج العراق ومنكم من يمتلك عدة قنوات فضائية ومنكم من يمتلك طائرات شخصية ، هل كان أبائكم وأجدادكم (عليهم السلام) ورثوكم كل هذه الثروة الخرافية ؟!!! . وكما يقول المثل العراقي ( أحنا ولد الكرية كلمن يعرف أخيه ) خلال السنوات التسع بعد سقوط نظام الدكتاتور أكتشف الشعب العراقي حجم الثروات الطائلة لمعظم القيادات وخلال التسع سنوات المنصرمة كون أغلب السياسيين ثروتهم في الظل وجاءوا يقتحمون عالم السياسة ويستحوذون على المصانع والمعامل والصحف والقنوات الفضائية والمقاعد في البرلمان وتشكيل العلاقات والتحالفات مع دول الجوار على حساب الشعب العراقي ، وصدرت القوانين والتشريعات التي تحمي النفوذ والقوة وتضفي عليها شرعية . وفاحة رائحة المال الحرام . أن الكلام طويل وممل في سرد سيرة أثرياء وحيتان عصر دولة القانون والمؤسسات والدولة الحديثة ودولة العراق الأسلامية ، فلم نسمع في زمن الحكومات التي حكمت العراق بهذا الكم الهائل من "المليارديريه" ولم نسمع بلقب المليونير ، الا عن مجموعة من التجار أو رجال الأعمال ، أو كانت الثروة في البلاد بيد الرئيس وعائلته وعشيرته . أما الأن ما شاء الله رجال الدولة يتسابقون على لقب الملياردير ، لقد سمعنا عن أول مليونير مصري كان نموذج للوطنية والأخلاص ، فقد كان (حسن طوبار) زعيما على أقليم المنزلة "بالدقهلية" ، وكان يمتلك ثروة طائله في مصر وكان الى جانب ذلك ينتسب الى أسرة عريقة ، وكان الفرنسيون يتطلعون إلى التخلص من هذا الزعيم ولكنهم لم يستطيعوا لمكانته عند قومه ، فأرادوا أن يستميلوه إليهم، خصوصا أن نابليون بونابرت أدرك أهمية وأبعاد المركز الجغرافي الذي يسيطر عليه الرجل ، إذ إن تحكمه في الممرات المائية بين البحر المتوسط وبحيرة المنزلة كان كفيلا بتسهيل مهمة السفن العثمانية في دخول مصر ، في حالة اتفاق رجال السلطان العثماني مع (طوبار ) وهكذا أرسل إليه (الجنرال فيال) الذي عيِن حاكما على دمياط ، سيفا مذهبا ولم يشأ أن ينحيه عن منصبه ، لكن (حسن طوبار) قابل ذلك بالسخرية الشديدة ، إذ كان حسه الوطني أهم عنده من غواية الهدايا . رفض (طوبار) لقاء الجنرال (فيال) ، وقال إنه لا يريد أن يرى أحداً من الفرنسيين ، كما أمتنع عن قبول هدايا ثمينة أرسلها له نابليون ، حيث أنشغل جنرالات الحملة الفرنسية ( بالشيخ حسن طوبار ) الذي وهب ثروته لمقاومة نابليون . هل يمتلك سياسيون العراق التضحية الوطنية والأخلاص الوطني الذي تمثل بالشيخ (حسن طوبار) ؟!!
علي محمد الطائي