التحرش الجنسي دوافعه ومجابهته/المحامي يوسف علي خان

Wed, 28 Nov 2012 الساعة : 1:40

 

تفشت في السنوات الاخيرة ظاهرة التحرش أو الاعتداء الاخلاقي التي يمارسها الشبان تجاه النساء وخاصة الشابات منهن وبدأت الكثير من العوائل تشكو من هذه الافعال الشاذة و الظاهرة المسيئة لبناتهن التي يتعرضن لها في الشوارع العامة او في حافلات نقل الركاب مما يسبب لهن احراجا شديدا ومضايقات يجعلوهن في توجس وخوف مستمر... والتي قد يتعدى ذلك حتى الى السيدات الكبيرات في السن في بعض الاحيان... وما قد تسببه من ملاسنات ومشاجرات وعراك دون أن يجدن من يلتجأن اليه من رجال الشرطة لوقف هذا الاعتداء الذي يخدش الحياء أي كان نوع هذا التحرش وهو أمر يتكرر يوميا وبشكل مستمر رغم الشكاوي المتعددة التي يقدمها المعتدى عليهن فلا يجدن اذنا صاغيا او اجراءا فعالا يوقف مثل هذا العدوان أو يخفف من غلوائه أو استشرائه داخل المجتمع المصري بشكل خاص مع تواجده في معظم الدول العربية في الحقيقة ولا تخل دولة عربية من هذه الظاهرة المشينة واضحت مشكلة عجزت عن كبح جماحها جميع السلطات في هذه البلدان.... وقد يكون للانفلات الامني اثره في تجسد هذه الظاهرة خلال هذه الايام ...مع كونها ظاهرة لا تنسجم والقيم العربية والاعراف الشرقية والاسلامية المبنية على الاخلاق الحميدة والسلوك الحسن... فهي ظاهرة مرفوضة على جميع المقايس من قبل كافة الشرائح الاجتماعية او التيارات الدينية... ومع كل الادانات التي واجهتها التي يجب ان يبتعد عنها الشباب ويكفوا عن ممارستها دون الحاجة الى الملاحقات السلطوية التنفيذية منها والقضائية.... فهي بالاضافة لكونها مخالفات قانونية فهي مخالفة لكل الشرائع والمعتقدات الدينية السماوية ... مما يدفعنا للبحث والاستقصاء عن اسباب رواجها وانتشارها في هذه السنين الاخيرة إذ انها لم تكن متواجدة قبل ثلاثين او اربعين سنة فلماذا ظهرت في هذه الاونة ولماذا تجسدت في مصر اكثر من غيرها من البلدان العربية ؟؟؟ اسئلة تستحق الطرح ولا بد أن نجد لها جوابا شاف حيث انها لا يمكن ان تتأتى من فراغ او دون مؤثرات فهي ناجمة من وجهة نظرنا الى عاملين اساسيين الاول هو التشدد الديني السلفي المتمركز في مصر والذي استطاع أن يؤثر على الشرائح الشعبية والريفية إن لم يكن ايمانا حقيقيا فتحت ضغوط وتأثيرات نفسية متنوعة والعامل الثاني المعاكس هو التيار المتحرر والذي هو ايضا يضم بنفس الوقت شرائح كبيرة تتمثل بالطائفة القبطية ذات العدد الكبير في مصر والشرائح العلمانية المتمثلة بالعديد من التنظيمات الحزبية ومنظمات المجتمع المدني التي استطاعت أن تجد لها مساحة كبيرة خاصة داخل المدن المصرية مثل القاهرة والمدن السياحية الاخرى اضافة للشريحة المثقفة الكبيرة... والعالم الفني المسرحي والسينمائي ... ما جعل هذان النقيضان يلعبان ادوارا مهمة في خلق هذه الظاهرة الشاذة وتفشيها داخل المجتمع المصري وخصوصا بين الفئات العمرية الشبابية الصغيرة بينما لانجد هذا الهيجان الجنسي المحموم عند الفئات العمرية الكبيرة وبالطبع هذا له اسبابه فالفئات العمرية الكبيرة التي استطاعت أن تكون لها اقتدار مالي محترم فهي إما متزوجة شرعيا بواحدة أو اكثر وبصورة علنية أو انها قد وجد في مجال الزواجات العرفية المنتشرة في مصر بابا للتنفيس يجعلها تتعفف عن اعمال التحرش الصبياني الذي يمارسه الصغار مما لم تتهيأ لهم مثل هذه الفرص ....قالتشدد الديني قد خلق ضروفا ملجأة إما الى الاتجاه بمنافذ الزيجات المتنوعة للمقتدرين وإما الى الانحراف والانجراف نحو الشوارع في هجمات التحرش التي نشاهدها والتي يشتكي الشعب المصري برمته من ثاثيرها المزعج والمقلق له .. حيث خلقت هذه الضروف العزلة والانفصال التام بين الرجل والمراة والتخفي تحت اغطية الشرانق والحجاب بالنسبة للمجتمعات المتشددة المنغلقة وتجسيد الحرمان الجنسي والعاطفي لدى صغار السن من المراهقين ما يجعلهم يبحثون عن وسائل تنفيس لهذه العواطف المتأججة في دواخلهم فيخرجون الى الشوارع ليجدوا امامهم العشرات من الفتيات المتحررات السافرات يتمشين سيرا على الاقدام ذهابا الى الاسواق او غيرها من الاماكن وهن في ثيابهن القصيرة الملتصقة على اجسادهن تظهر الكثير من مفاتنهن وواضعات مختلف المساحيق والعطور التي ينتشر شذاها الى عدة امتار داخل الشوارع والمحلات ما يثرن غرائز هؤلاء الشبان المحرومين داخل ضروف عوائلهم المتشددة فيندفعوا نحو تلك الفتيات دون وعي فاقدين الارادة تحت تأثير الشهوات المشتعلة فيقومون بالتحرش غير مبالين لاي عنصر ردع خارجي أو وازع من معتقد او ضمير ...وهو امر طبيعي ورد فعل متوقع يستحيل منعه أو ايقافه ..فيكون التحرش نتيجة هذه الاثارة التي سببها الاول التشدد الديني الذي يخلق الحرمان عند الشباب من كلا الجنسين فالعديد من بنات العوائل المتشددة تستغل الانطلاق الخفي من سطوة البيت كي تغير من مظهرها المتزمت الى الحالة الانفلاتية المتحررة ثم تعود ثانية الى البيت متخفية خلف البراقع . إذ الامر لا ينحصر فقط عند فتيات العوائل المتحررة فكثيرا ما تلجأ فتيات العوائل المتشددة الى صديقتها من فتيات العوائل المتحررة كي تغير ملابسها وثيابها كي تتبرج على احسن وجه وتذهب خفية الى الاماكن التي لا تتوقع وجود احد من اهاليها المتشددين ثم تعود الى بيت صديقتها لكي تتشرنق من جديد وهكذا دواليك تستمر الحياة .. فيحدث التحرش المعاكس بكل صوره واشكاله .. فالتبرج إذا هو ظاهرة من ظواهر الدعوات الغريزية التي تمارسها المراة لاجتذاب الرجل اليها تحت ذريعة المظاهر التحررية وضرورة الاعتناء بالمظهر الخارجي وغيرها من التبريرات لتغطية دوافعها الخفية .. فبالتأكيد ستكون عرضة بهذا الشكل المثير الى التحرش خاصة في حالات انعدام الرقابة السلطوية وانعدام الامن المركزي .. مما يستدعي من الفتيات التوقف عن هذا المسلك المحفز.... فالخطأ لا يقع فقط على الشبان ولا لوم عليهم ولا يجوز ان يلاحقوا ويردعوا .. فهو امر يكاد أن يكون شبه مستحيل خاصة ونحن نعلم بان الغرائز احاسيس ومشاعر جسدية تنتج عن انعكاسات لا ارادية .. فالتحرش اذا هو شكل من هذه الافعال الانعكاسية اللاارادية وهو امر يصعب كبحه والتصدي له .. وقد يكون الحال نفسه في دواخل الفتيات انفسهن التي تدفعها الرغبات الجسدية الدفينة الى التبرج والتجمل بمختلف مساحيق ودهونات المكياجات وتصفيف الشعر وبلبس الباروكات ونشر العطور وكلها مهيجات جنسية لا يمكن اغفالها.... بما يثير الغرائز في الشباب ويدفعونهم الى التحرش بمن كن السبب .. فمن اجل منع او الحد من ظاهرة التحرش هو في تخلي الفتيات في الظهور في الشوارع العامة بهذه الالبسة المثيرة القصيرة والضيقة والمكشوفة التي تبرز الكثير من المفاتن وهن في هذا المجتمع الشرقي الاسلامي المنغلق المتخلف .. فالشوارع وجدت للتنقل وقضاء الحاجيات وليست قاعة لعرض الازياء او لاختيار ملكات الجمال ... فهي اماكن عامة وعليهن أن يخرجن محتشمات غير متبرجات خلال هذه الشوارع وبامكانهن التعري بالشكل الذي يرغبونه على البلاجات أو في النوادي الخاصة او في الحفلات الليلية أو داخل الشقق المغلقة كما يفعل غيرهن من البشر فيأخذن كامل حريتهن فيها.. وكما يفعل حتى البعض من المتشددين منهم... حتى لا يثيرون الزوابع دون مبرر ... يؤكد هذا الرأي ما اجاب به احد الشبان الذين تم القاء القبض عليه وهو متلبس بحالة تحرش ببعض الفتيات إذ قال انني فعلت ذلك حفاظا على الفروض الدينية وحماية للاخلاق العامة بمنع الفتيات من المشي بالشوارع متبرجات وبالبستهن الضيقة واللصيقة باجسادهن وسارحات الرأس وهو خلاف ما يقتضيه الاسلام... إذ اننا بلد مسلم متدين ومحافظ يحارب الفساد ولا يرضى أن تظهر الفتيات بهذه الالبسة الفاضحة ... بالطبع مثل هذا الكلام تبرير لاصحة له في حقيقة الدوافع التي تدفع مثل هؤلاء الشبان للتعرض للنساء بصورة عامة .. فهل من واجب المواطنين العاديين مباشرة اعمال السلطات المختصة أم ان التعرض يعتبر اعتداء على الحريات العامة والمسؤول عن ضبط الفعل ومعاقبته هم السلطات الامنية والقضاء التي حين تضعف او تغيب تعم الفوضى ةتنتشر الجرائم ومنها التحرش الجنسي ايضا ...ومع مطالبتنا التزام الحشمة في الشوارع ليس من الجانب الديني فقط وانما من الجانب الاجتماعي فهل يجوز أن تلبس السيدة السواريه في وضح النهار فلكل مظهر مكانه واوانه ولكن لا يمكن ان يكون هذا مبررا لواقعة التحرش ومع أنه لا يحق لاي شريحة أن تفرض رايها على المجتمع وتطلب منه ان يخضع لطقوسها... ولكن على اية حال فقد قلنا باننا مجتمع لازال متخلفا وبحاجة الى توعية وتثقيف وهذا يتطلب وقتا طويلا يجب خلاله أن نلتزم بالضروف التي نعيشها ولا نكون شواذا فيها وهذه الضروف هي التي دفعت العديد من العوائل الى الهجرة من بلدانها المتخلفة الى الدول الاوربية وغيرها من العالم المتحرر .. فهذا هو قدرنا الذي نرفضه ولكنه يضطرنا أن نراعيه ونلتزم به وأن هذا يسري على جميع الفعاليات والنشاطات الاجتماعية والفنية التي تلزم الممثلين مثلا التخلي عن تمثيل المشاهد المثيرة للغرائز والتي تؤجج عصبية المتشددين والذين يرغبون الاصطياد في الماء العكر وتمنحهم المبرر بالهجوم على بعض الممثلين والممثلات واتهامهم بالفسق والفجور... وهو ما حدث فعلا في الاونة الاخيرة وما قد يعرضهم للمخاطر بل والملاحقة القانونية داخل الانظمة الاسلامية المتزمتة... فعلى المخرجين أن يراعوا التقاليد والاعراف والطقوس الدينية التي نعيشها ويبتعدون اثناء انتاج الافلام او المسلسلات التي تدخل كل بيت من مشاهد القبل والاضطجاع التي يتعمدونها كي يجتذبوا العديد من المشاهدين و يزيدوا الاقبال على المسلسل لكنهم يتعرضون لاحتجاج رجال الدين والتنديد بهم.. ولكن درء المخاطر خير من جلب المنافع خاصة من قبل دعاة الاخلاق والفضيلة المنتشرين وعلى الاقل اجتناب هذه المشاهد في الوقت الحاضر... كما على الفتيات أن يتجنبن التبرج المثير في الشوارع العامة أو في الجامعات والمدارس واليأخذن حريتهن في المناطق المتخصصة وكما يفعل الكبار الذين قد وجدن المنافذ المتعددة لاطفاء شهواتهم في الزواجات المتعددة التي ينتشر في مصر منها زواج العرفي وفي العراق وايران زواج المتعة وفي اليمن زواج المسيار والمصياف .. وياليت أن يخترع المتخصصون زواجا ينفع الشبان والشابات ولربما نجد خلال الاشهر القادمة زواجات جديدة تحل مشاكل الشبان فبلدنا بلد الاختراعات ولكن ليس في مجال الصناعة والتكنلوجيا بل في مجال الزواجات فهي اختراعات تقنية بشرية هي الاخرى .... واقتصارها على المناطق المؤهلة لاستيعاب مثل هذا المظاهر وتقبلها .. وقد اجد الحل بما قامت به بعض الدول من انشاء المباغي العامة التي تسمح للشباب باطفاء نيران اجسادهم بالمتخصصات بمهنة الدعارة وتحت اشراف حكومي ومراقبة طبية متشددة وهو ما كان موجود فعلا خلال القرن الماضي في العراق فقد خفف كثيرا من غلواء التحرش التي بدأ يظهر مجددا بعد الغاء تلك الدور او المناطق الخاصة فهي ضرورة اجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها وادعاء البعض بكونها دعوى للدعارة (( فالضرورات تبيح المحذورات)) وهل الاحسن أن يستمر التحرش أو يؤول الحال الى ماهو عليه في اوربا من انتشار الممارسات حتى في الحدائق العامة فعلينا أن نختار اهون الامرين ....!!!!
المحامي يوسف علي خان 
Share |