حرب المقدَس والمدَنس/حسين شلوشي
Tue, 27 Nov 2012 الساعة : 0:40

ينتقد الكثيرون فكرة المقدَس ورواسبها في المجتمعات ويعدونها واحدة من أدوات صنع الطبقات الإجتماعية العابرة لمحددات وتوصيفات التكامل الانساني المادي والمعنوي، ولاسيَما متعلقات الكفاءة الذاتية إلى جوار إلتزامات معنوية وتاريخية معينة، وإذ يحتدم الصراع النقدي بين فريق وآخر فإن الذين ينتقدون فكرة المقدًس يذهبون إلى إمكانية قياس الكفاءة مادياً وعدها وتقديرها في المقدمات والنتائج، بينما لا يتوفر ذلك في توصيف المقدَس إلا وصفاً أو الركون إلى الغيبيات وتحميل الصفات من الذات الالهية ليكون مانعاً وقاطعاً الطريق إلى أي توصيف آخر يعلو هذه المكانة المقدسة، وربما لديهم تفصيلات آخرى تتعلق "بالنفس" البشرية ومايشوبها من تراكمات ذاتية لـ(المقدَس) ليس آخرها الرياء الذي يتحول إلى معنى آخر في التوصيفات الحديثة ليكون (خداعاً) أو (تضليلاً).
وبين حوار العقل أو العقل النقدي لتقييم المعقولية ورفع هذا أو ذاك إلى صف (المقدَس) وبين التداخل والخلط والاسفاف للتمرير والطرق في أسس متبنيات المجتمعات أو الناس في مجتمعات مختلفة، وما يهمنا منها هو المجتمعات الإسلامية التي تستقبل سيلاً عارماً وهجوماً ضخماً في حصونها لتبيد ذاتها بنفسها من خلال توظيف (النموذج) أو (الحالة) السيئة وتعميمها على النوع كله، ولاشك أن ذلك ينتج عنه بالنهاية فريقين متضادين ولو نظرياً أحدهما يدنّس الجميع أو لاينزّهُ أحداً وآخر يتحفظ على تدنيس الكثير من المسميات والعناوين المقدسة لهم، وقد يكون هذا الجدل طبيعياً الآن في المجتمعات الشرقية أو الإسلامية باعتبارهم ما زالوا يقرأون في التجربة السياسية ومخاضات الفكر السياسي والفلسفي لأوربا في القرن السابع عشر والثامن عشر لنظريات الحكم ولا يريدون أن يصلوا إلى مراحل الاستعمار في القرن العشرين والواحد والعشرين التي قامت به هذه الدول مجتمعة أو بتحالفات في احتلال بلدانهم عسكرياً وقهرهم واغتصاب خيراتهم وحرائرهم، والدماء مازالت ساخنة والقبور ندية، حتى يصدقوا وبكامل الوعي والإدراك إن ما ينظرون له في الغرب ولاسيَما أميركا وأوربا في الحريات والحقوق والنماذج السلوكية المثالية لهُ, يعدونها حقيقة كاملة, الا انهم يتجاهلون الحقيقة الأكبر والأهم والتي تتعلق بوجودهم الانساني وكينونة دينهم الإسلامي بأن كل ذلك (المثال) لايتجاوز حدودهم الجغرافية وجنسهم البشري باعتبارهم "مقدسات" لا تدنس وعلى الآخر في الضفة الآخرى من العالم أن يكون مدنساً وفاسقاً حتى يركع لهذه المقدسات دون غيرها.