شرع الغرائز/حسين شلوشي
Sun, 25 Nov 2012 الساعة : 9:19

التشريع مسؤولية كبرى للدنيا والآخرة وفي مجالات الحياة كافة, وما من إرباك في هذه الدنيا إلا أن يكون تأسيسه خطأً أو تشريعه واهن, بأتجاه معين فيميل حيث ذهبت روح المشرع وتتكسر كل الأرواح الاخرى، لتبدأ مصائب الناس ومشكلاتها وأزماتها وصراعها الأهلي أو حتى أنها تتفاقم إلى حروب دولية, ونظراً لبعد المسافات والبعد الزمني بين المشرع ومن يقع عليه الاثر جراء التشريع تضيع فكرة المسبب في الحوادث اللاحقة ويتركز البحث في الجزئية الناتجة عن هذا الفعل أو ذاك دون الالتفات إلى التأسيس أو حذر السنة السيئة, والله سبحانه وتعالى بعدله الكاف وعلمه اللامنتهي يؤشر حقيقة مخلوقاته وانحرافهم عن مسار التشريع وبعدهم عنه ((وما الله بغافل عما يعملون ))"البقرة 144" ، ولعله من نافلة القول أن الغرائز هي التي تأخذ الرأي وصاحبه إلى الغابة وتجرده من انسانيته وآدميته ليعيش حيواناً بكل ما تعني الكلمة من معنى, ولو دعتهُ كل شرائع السماء والأرض فأنه لا يستجيب إلا لحيوانيته, وهنا لسنا في معرض الإشارة إلى ثقافة الديانات السماوية رغم أنها الوحيدة التي تخاطب الانسان انساناً عبر فيصل (العقل) ويميز الحيوان حيواناً ومعه فاقد العقل في وحدة العقاب والثواب, لكننا نلفت إلى أن التشريع الغرائزي (الحيواني) ينتج غابة تسرح فيها الحيوانات المتوحشة والضعيفة والاليفه وتنتج مفارقة أخرى من خلال فقدان الانسانية، وذلك لأن بعض الحيوانات تأكل أبنائها أو تضحي بها لتشبع غرائزها, والصورة في حوارات الساسة في مناطقنا العربية والإسلامية والأقرب من غيرها العراقية لاتنفك إلا وتلتصق بمطلبية جزئية لا تتجاوز حدود النزوات أحيانآ, وتغلف بعناوين التأسيس السياسي الكبير, مثل العقد الاجتماعي, الديمقراطية , الحريات, المواطنة , الدستور ... الخ. وكلها لا تؤدي إلا لزيادة الفجوة والتباعد في الرأي، فليس من المعقول أن تحمل هذه العناوين المجتمعية للعيش وتلجأ في حل مشكلة دولة عبر (فرد) واحد عساه يحمل عصا سحرية أوتفويضاً لا يقهر وهو ليس لديه تلك الامكانية إلا التفويض من المجموعة المختلفة نفسها ولو أنها التزمت بما أتفقت عليه لما أختلفت.
وفي العراق إذ تشير الجهات المتفقة والمختلفة إلى الوهن الدستوري والعجالة التي كتب بها فضلآ عن تعطيل تشريع القوانين المتعلقة بمواده وتجاهلهه وتجاوزه أحيانآ فأنها لم تحرك ساكنا بأتجاه التصويب لان غرائزها مشبعة أو تم إشباعها في طريق الذهاب إلى الاصلاح.