أردوغان يُشِيْدُ بصلاح الدين ، لكنه يبطش بشعبه !/مير عقراوي
Tue, 20 Nov 2012 الساعة : 15:26

في يوم السبت الماضي زار السيد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي مصرا على أثر الهجوم الإسرائيلي على غزة الفلسطينية ، ثم ألقى خطابا في جامعة القاهرة بحضور كبار القادة والمسؤولين المصريين والأتراك .
في خطابه المذكور تحدث أردوغان عن الثورة المصرية والنظام المباركي السابق ، فأشاد بالثور المصرية وشعبها ونظامها الجديد ، مع إشارته الى التحالف الستراتيجي بينهما ، مضافا إنتقاد إسرائيل والدفاع عن فلسطين والشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه وما يتعرض له من عدوان ، ثم تحدث عن سوريا وأوضاعها وحتمية سقوط نظامها البعثي الحاكم في دمشق .
وعن صلاح الدين الأيوبي قال أردوغان : ( هنا بجوارنا أبراج قلعة صلاح الدين شاهدوها لنرى [ صلاح الدين ] الأيوبي وتاريخ هذا البلد وحضارته وسنمضي نحو المستقبل ) . نقلا عن جريدة [ الشرق الأوسط ] الدولية بتأريخ 2012 / 18 / 11
وما قاله أردوغان عن صلاح الدين الأيوبي وإفتخاره به يُعَدُّ بالحقيقة مفارقة كبرى وتناقضا صارخا في أقواله من ناحية ، وبين طريقة تعامله وحقيقة مواقفه تجاه شعب صلاح الدين الأيوبي . فأردوغان قال ذلك ، لكنه عمليا ، وعلى أرض الواقع كرئيس للوزراء وكنظام وكحكومة يبطش بشعب صلاح الدين وأحفاده ، ويشن عليهم الحرب ويفرض الأحكام العرفية العسكرية عليهم ، ويمنع عليهم الصدع بهويتهم الكوردية والكوردستانية والدراسة باللغة الكوردية ، مع النكران التام لحق الكورد في التمتع بحقوقهم السياسية والانسانية ، القومية والوطنية التي أقرّتها الشرائع السماوية والوضعية ، وفي مقدمتها حق تقرير المصير .
حبّذا لو سأل مسؤول مصري ، أو صحفي مصري جناب أردوغان السلطان العثماني الجديد : لماذا لا تتعاملون مع الشعب الكوردي المغدور وقضيته المشروعة على أساس الحق والعدل وموازينه ، ولماذا ظُلِمَ ويستمر الظلم على الشعب الكوردي في كوردستان الملحقة بتركيا ، والى متى تستمر الحرب بين الحكومة التركية والثورة الكوردية ؟
نحن هنا نُردف أسئلة أخرى مفتوحة للسيد أردوغان ، وهي : اذا كان جنابه يشعر بالمسؤولية الايمانية والانسانية تجاه الحق والمظلومين والمضطهدين ، أو انه ضد الظلم والاضطهاد والعدوان والاحتلال في فلسطين وغيرها فلماذا إذن ، يتعامل بكل الإزدواجية والتلون مع آراءه ومواقفه المذكورة خارج تركيا إزاء الشعب الكوردي وثواره في كوردستان الملحقة ببلاده قسرا وعنوة ، وبالحديد والنار ، ولماذا لايشعر بنفس تلك المسؤولية الايمانية والانسانية أيضا تجاه الكورد وكوردستان ؟
لهذا فالسيد أردوغان له مكاييل عدة للكيل والميزان مثل غالبية الحكومات العربية وايران ، وذلك حينما يتعلّق الأمر بالقضية الكوردية . لذا لو كانت فلسطين في كوردستان وكوردستان في فلسطين لرأينا نفس المواقف الحالية لأردوغان ، ولكان في حينها شمّرَ ساعده دفاعا عن الكورد المظلومين والمعتدى عليهم ، ولأدان الفلسطينيين ولشن الحرب وفرضها عليهم كما يتعامل الآن ومنذ سنوات طوال مع الشعب الكوردي في كوردستان – تركيا ! - . هكذا تنقلب المعايير والقيم رأسا على عقب وعقبا على رأس ، وهكذا يتم التلاعب بالحق والحقوق والقوانين والتعاليم الاسلامية السمحاء والعادلة ، وهكذا يكون التلون والازدواجية في المواقف والأفكار والتعامل ! .
أما الحكومة المصرية الجديدة فكان عليها ، مثلما يقتضي العدل والحق ، وفي مقدمتها الرئيس المصري السيد محمد مرسي أن يطرحوا على أردوغان ملف القضية الكوردية المغدورة ، وأن يطالبوه بالتعامل معها بحسب ما تقتضيه العدالة والديمقراطية ، وبحسب المعايير الاسلامية ، وأن يطالبوه كذلك بإطلاق سراح الزعيم الكوردي الأسير والمعتقل السيد عبدالله أوجلان منذ عام 1999 من القرن الماضي ، لأنه من المخجل جدا أن يحاول في ذلك مشكورين العديد من الشخصيات الأفريقية ويسكت عنه العرب والحركات القومية والاسلامية العربية ! .
إن الكورد وكوردستان هي حقيقة عريقة في أعماق التاريخ ، وهي حقيقة جغرافية لا سبيل الى إنكارها ولو كان بالحديد والنار ، حيث فشلت جميع الممارسات الانكارية العنفية فشلا ذريعا . لذا فالأفضل للجميع الإعتراف بهذه الحقيقة المطلقة الساطعة كسطوع الشمس في رابعة النهار . وإن خارطة المنطقة الجديدة تنتظر على أحر من الجمر تزيينها بخارطة الدولة الكوردية الى جانب الدول التركية والايرانية والعراقية والسورية ، وحينها يأخذ العدل مجراه والمساواة والأخوة مجراها الطبيعي ، وحينها يمكن التعارف والتعاون الحضاري والانساني بين الأمم الكوردية ، التركية ، الايرانية والعربية ودولهم المستقلة كما أشار الى ذلك القرآن الكريم : { وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا * إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات / 13 ، وليس التعارف والتعاون والأخوة في غصب وإحتلال أجزاء كوردستان وفرض الحرب والعنف والارهاب على شعبها وغمط حقوقه وآستعباده ، فالاحتلال يعني الاستعباد ، والغصب يعني سلب الحرية والكرامة ليس إلاّ ، فهل من مُذَّكِّرْ !؟