العقل الشيعي/عقيل عبد الجواد
Tue, 20 Nov 2012 الساعة : 12:46

العقل الشيعي له هيئة وشكل خارجي هي الحوزة العلمية وقد تعرضت الحوزة لأخطار كحال أي صنيعة بشرية في عالم التجربة ..
أما الخطر الاول : وهو خطر داخلي ناشيء من داخل الحوزة أي خطأ العقل البشري المسيطر عليها مما ينتج عنه قرارات تاريخية خاطئة .
بعد التحرير من براثن الطاغوت عبر عن الحوزة شعاران وهما " علي وياك علي " والثاني " قشمرتنا المرجعية وانتخبنا ......." .
الاول مادح والثاني ناقد وبرأيي الشعاران كلاهما حق فالاول يمتدح الدور المعتدل للحوزة بقيادتها السيد السيستاني ولنا ان نتصور لو ان قيادة الحوزة كانت تحت يد أي عالم اخر غير السيد السيستاني لكان حالنا غير حالنا الان ولكان مقدار استثمارنا لما حصل اقل بكثير من استثمارنا له الان
اما المقولة الثانية فتعبر عن خطأ المرجعية الاكبر وهو تدخلها بالسياسة ودعمها لأحزاب دينية اوصلتها للحكم لكن سرعان ما تراجعت الحوزة ونأت بنفسها عنهم لكن ذلك لا يلغي تدخلها الخاطيء .
كان السبب الحفاظ على هوية العراق الاسلامية وهو امر افهمه فيما لو كان هناك من ينادي باصدار تشريع يسمح بزواج المثليين واصدار عقود زواج لهم من المحكمة او كان هناك من يريد ان ينظم مسيرات تعري اذ بعدم وجود خطر واضح محدق بالهوية كالامثلة المذكورة تبقى الروح الاسلامية سائدة . لكن الهوية والخطر المزعوم لم يكن الا جواز مرور للحكم والدليل ان الذين اسندتهم الحوزة ليصلوا لكرسي القيادة ويطبقوا الدين طبقوا العلمانية الصدامية بحذافيرها لم ينقصوا منها او يزيدوا عليها شيء لأنهم قبل غيرهم يعلمون ان مسألة الهوية امر خيالي موهوم ليس له أي وجود بعالم الحقيقة .ان الدين يختلف عن الاخلاق في انها يمكن تجزئتها بحيث يتمتع احدنا بخلق لكنه يفتقد لاخلاق اخرى اما الدين فلا تصح فيه التجزئة فمن بشّر بانه يريد الحفاظ على هوية العراق الاسلامية لم يذكر ولا كلمة حول باب القصاص في الاسلام وكانه غير موجود أي اصبحوا مجزئة أي مبتدعة وان قالوا انما نسينا تطبيق كل الدين لاننا معتدلون فاعلم الحقيقة التالية التي لا يذكرونها ابدا ً او لعلهم لا يدركونها وهي ان مفردة مسلم معتدل واعتدال اسلامي انما هي المرادف الوحيد المتوفرعلى وجه البسيطة لكلمة علماني وعلمانية .
ان خطأ الحوزة باظهار التاييد يعود بأغلبه الى عدم نضوج فكري وفشل هيكلي بمنطق التفكير الديني وليس اطماع سياسية لديها او بحث عن نفوذ .
الخطر الثاني : وهو خطر الغباء البشري المتأتي من البيئة المحيطة بالحوزة أي من الاتباع ويكون بالخروج على الحوزة ودورها تحت شعارات ومبررات شتى .
لكن حوزتنا عودتنا انها تواجه صخب الصغار بحكمة الكبار كما واجه الامامين علي والحسن عليهما السلام من خرج عليهما اذن الأمر ليس بالجديد على المذهب اذ هناك دائما ً من احب ان استعير تسمية ( الشيعة المجانين ) كعنوان لهم .
وميزة من يخرج على العقل الشيعي هو النفاق والخواء الفكري ونستدل عليه بسرعة انفعالهم وهذا الامر يحصل مع الاشخاص الذين ليس لديهم المنطق الكافي لدعم حجتهم او لأنهم بلا حجة اصلا ً فيحاولوا ملء الفراغ بالحماس لذا تراهم سريعي الغضب وبالتالي سرعة الوقوع في الخطأ . دار نقاش بيني وبين احدهم وكان ينتقص من دور الحوزة وصمتها فقلت له انها تحفظ هيبة الشيعة فاجابني بصراخهم وخواءهم المعهود ( اشخبصتنا بالهيبة ) فقلت له "اتستهزأ بما اورثه رسول اللهصلى الله عليه واله للحسن عليه السلام عندما جاءت به فاطمة الزهراء عليها السلام لأبيها قائلة هذان ابناك فورثهما فقال اما الحسين فورثته سخائي وشجاعتي واما الحسن فاورثته سؤددي وهيبتي : المصدر الخصال للصدوق " فسكت ولم يحر جوابا .
والميزة الاخرى لهم هي غياب الايمان وقرينتها الاستهانة برموز سواهم من الرموز الشيعية وهي بالاحرى رموزهم واستسهال التهجم عليها والطعن فيها . زارت مجموعة طلابية السيد السيستاني فنقل هذا الشخص ما جرى باللقاء ومنه تاكيد السيد لهم على اهمية دراستهم وتركيز اهتمامهم عليها ثم ما لبث هذا الشيعي التابع ( المخلص المفترض ) ان بدأ يهزأ بالطريقة التي كان يتكلم بها السيد واصبح يقلد طريقة كلامه فبدأ يحرك فكه متلاعبا ً به بطريقة ساخرة . اتساءل واياكم افبهكذا مسوخ تنهض الحوزة ام لهكذا مسوخ تنهض .
الخطر الثالث : وهو خطر خارجي مصدره حقد العقل البشري على العقل الشيعي والذي اعتبره خطر ايجابي وقد عبر عن نفسه بتغذية توجهات شيعية بعيدة عن الاعتدال تختزل كل المذهب والدين بفكرة الظهور الامر الذي يضفي عليها طابع اتصال غيبي في مقابل خفض درجة العمل الفردي الاطاعي .
لذا قامت الجهات الخارجية بتغذية تيارات شيعية غيبية مثل جند السماء وسواهم وتظهر مخططات جند السماء مؤشرا ً ايجابيا ً بل رائعا ً وهو استهداف للحوزة في النجف . ان هذا الاستهداف يحمل بطياته ادراك الخارج للحوزة واعتراف بتأثيرها ودورها كالعقل من الراس والراس من الجسد الشيعي باكمله .
يبقى ان نتناول مسالة الصمت التي لطالما اثيرت ضد الحوزة واقول اذا اصبحت في عالم تفقد فيه السيطرة على الامور بعد ان يستأثر بها احدهم كوجود طاغية فمجرد الصمت فيه هو ابلغ الكلام ومجرد الوجود أي بقاءك موجودا ً فهو انجاز وتأدية لدور .
فالشيخ الكبير في المنزل وقد هرم وخرج من سلسلة الاحداث والتأثير لكن يبقى وجوده مهما ً مؤديا ً لدور معنوي كبير بركة شعور بالامان شعور بقرب من الله وامتداد لنسماته على من في المنزل .
كذلك الحوزة اعظم دور لها ادته للمذهب انها بقيت موجودة ولطالما دوى صمتها ارجاء الدنيا واضفى عليها وعلى الشيعة والعمائم السود هيبة اعظم من ان تكون من صنع هذه الارض .
كما انك عندما تبدأ بفقد الاخلاص الحقيقي لله فالانكماش على الذات هو ما يتبقى إذ ان هدف الدين هو العمل مع المخلصين وليس مع الاتباع وان كثروا فليس هدف الدين كثرة الاتباع بل المخلصين لله . ومن ينسى ذلك فهو لما يفهم الدين . فالدين لا ينهض الا بالمخلصين لأنه ان عرّض حياتهم للخطر فيكونوا قد نالوا الشهادة وان سكت فقد ادخرهم ولو افترضنا انه ثار بالأتباع وانتصر فهو ايضا ً لم يحقق غايته لأن كثرة الاتباع والحكم هي غاية كل مذهب ارضي يريد السيطرة على نقاط القوة والتحكم لكن ليس الدين فالله يهتم بالجوهر لا بالكم .
اذن الاخلاص يكون في اتباع الله فقط اما أي شيء اخر حتى وان كان شعار ديني يتفرع عنه الرغبة بالظهور لدى الاتباع فاحكم عليها انها امر باطل وهدف دنيوي عارض خارج من كونه تقوى لله بل انه مستتر بطلاء ديني خادع اولا ً لمن يحمله قبل غيره . فالدين لا يرجو الظهور ولن يتم له ذلك الا بالمخلصين لا الاتباع الطقوسيين .