الوفاء في تنفيذ المعاهدات يحقق الاصلاح السياسي !!/عبدالامير الخرسان

Sat, 17 Nov 2012 الساعة : 0:36

 

الوفاء صفة حميدة وخصلة طيبة وسجية كريمة واعتبرها رسول الله(ص) "توأم الصدق" جعلها الاسلام أساس الثقة بين الرجل وعائلته وبين المواطن والمجتمع وبين المواطن والمسئولين .. باعتبار الرجل الذي يؤمّل أبنائه بشراء الملاعيب أو الحاجات الضرورية لهم ولم يفي لهم يصابون بالاحباط النفسي ويفقدون ثقتهم بأبيهم وتؤدي الى تفكيك أسرتهم لا سامح الله بينما الوفاء يقوي العلاقات الاسرية والاجتماعية والدولية .
ان الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية والوفاء بها يحقق الثقة والتعاون بين هذه الدول الملتزمة بالمعاهدات والبروتوكولات . كذلك يورث محبة الشعوب وتضامنها وتمنح المزيد من السياحة والسفر بين هذه الدول وشعوبها وهذا ما يثري الدولة اقتصاديا وثقافيا ويشكل لها ثقلا سياسيا كبيرا لأن التزاور والسياحة بين الشعوب تساعد في نقل حضارة البلد وثقافة الشعوب وعاداتهم وأعرافم الى الدول الصديقة . وهناك أمثلة كثيرة منها حلف الناتو أو حلف الاطلسي الذي يشترك به ما يقارب من ثلاثين دولة صناعية وعسكرية كبرى تقودها أمريكا وهي التي أسقطت النظام العراقي البائد وكثير من الأنظمة في العالم .. كان سببه التعاون والتضامن ودخول في معاهدة حلف الاطلسي في كل الشئون السياسية والعسكرية والاقتصادية ولو تخلّت احدى الدول من الحلف الاطلسي ربما تفرض عليها غرامة مالية ثمن المعاهدة التي تعاهدوا عليها ودخلوا فيها ..
في بداية التاريخ الاسلامي سجلت الكثير من المعاهدات بين القبائل لتتضامن في حلف يضمن التعاون العسكري والتجاري والاجتماعي . وأول معاهدة في الاسلام كانت معاهدة صلح الحديبية بين المسلمين بقيادة رسول الله (ص) وبين المشركين بقيادة سهيل بن عمرو بن عبدود عندما قدم رسول الله "ص" مع أصحابه لحج بيته الحرام فمنعوهم وتصالحوا على ان يرجع رسول الله وأصحابه الى المدينة ويعود للحج بعد ثلاث سنوات وتستطيع أي قبيلة أن تنظم مع قريش او تنظم مع رسول الله "ص" وتحالفت قبيلة بكر مع المشركين وقبيلة تغلب مع المسلمين ولكن قريش نقضت العهد بأن أمرت حليفتها قبيلة بكر بالهجوم على قبيلة تغلب وقتل رجالها ونهب مواشيها فنقضوا الصلح كله ومن هناك عاد رسول الله بجيش المسلمين فاتحا ومحررا مكة المكرمة من الأوثان والقبلية والعصبية . ودخل مكة وأسلم كل أهلها وسامح رسول الله المشركين وسماهم "الطلقاء" .
كانت العرب تحترم المواثيق والعهود وتلتزمها في القول والفعل . وهناك معاهدة الصلح أو الهدنة بين الامام الحسن"ع" ومعاوية ولكن معاوية نقض الصلح ولم يفي بالمعاهدة . وهكذا بقيت الفئة الضالة الباغية تبغي على الاسلام والمسلمين وتبغي على الحق والعدل وتثير الفتن والقتل والابادة بين الشعوب البريئة الى يومنا هذا فالارهاب هو بن معاوية ويزيد الضلال والفجور والخيانة .
نحن نرى العراق الحبيب في زمن ما بعد السقوط وبعد كتابة الدستور ان المسئولين من وزراء وأعضاء البرلمان لا يلتزمون بالدستور ولا يفون بعهودهم ووعودهم ومعاهداتهم فيما بينهم وبين الشعب , وبينهم وبين أنفسهم لقد تعاهدوا بينهم بتنفيذ المادة "140" وكذلك اتفاقية أربيل بما فيها مجلس السياسات واستقلال القضاء والمشاركة في صناعة القرار السياسي لكن من هذا لم يحدث شيئا وبقي مجلس السياسات لم ينفذ والقضاء غير مستقل والفساد الاداري طفح كيله وهذا سبب التوتر بين الكتل السياسية المتنازعة التي امتنعت عن التصويت لصالح البناء والعمران وصالح الشعب الذي بقي ضحية هذه اللامبالات الغير مسئولة وتسبب في حرمانه من الكثير من طموحاته وبقي يرزح تحت البند السابع من الوصاية الدولية ويعاني من الفقرونقص الخدمات في كثير من الجوانب.
وهذا من الجانب الاسلامي حرام شرعا !!لأنه يجب الوفاء بما عاهدوا الله عليه من تطبيق المادة "140" وتنفيذ اتفاقية اربيل . وهذا الأمر الشرعي هو الذي دعا السيد مقتدى الصدر أن ينظم الى الدكتور أياد علاوي والاستاذ مسعود برزاني لانهم الطرف الاول في هذه الاتفاقية والمادة وينبغي عليهم تنفيذها لكن السيد مقتدى الصدر رفض الانضمام اليهم في اللحظة الأخيرة ربما لصعوبة المادة "140" التي تقضي باقتطاع أراضي كبيرة تعادل محافظتين الى اقليم كردستان العراقية واتفاقية أربيل أيضا عسيرة التطبيق على دولة القانون لأنها تحد من صلاحياتها وانشاء مجلس السياسات الاعلى للدكتور أياد علاوي وهذا لا يستسيغه أصحاب القائمة الحاكمة وربما يضر الطائفة الشيعية باعتبار قائمة التوافق أو العراقية تضم الكثير من معتمدي الارهاب والقتلة . من هنا ينبغي على التحالف الوطني أن يأخذ رأي المرجعية الدينية الرشيدة في هذا الأمر العسير وأنا أعتقد ان المرجعية الدينية التزمت الصمت تجاه هذه الأزمة السياسية ..لشدة خطورتها لأنها تدعو لتجزئة العراق والنقطة الأخرى ان السياسيين تآمروا فيما بينهم وعقدوا الاتفاقية بدون علم المرجعية وعلم الشعب وبدون التصويت عليها , ما يلقي اللوم على السياسيين الذين اتفقوا وتعاهدوا بدون علم الشعب الذي انتخبهم من أجل الحكم والتسلط على الشعب بغير حق. من هذه النقطة لا يستطيع المرجع التدخل في أمر متراضي عليه ومتفق عليه ومتحالف عليه مسبقا واعطاء الحق وتنفيذ المادة والاتفاقية معا أو عدم تنفيذها . لذا تتحمل الاطراف السياسية التي وقعت على المادة والاتفاقية هذا الوزر الكبير وما عليها الاّ أن تعتذر للشعب عن هذا الخطأ الفادح وتخرج من العملية السياسية بماء الوجه وتعطي الفرصة لانتخابات مبكرة حرة ونزيهة وعدم السماح لهؤلاء المغفلين بالتسلط مرة أخرى على رقاب الشعب العراقي الغيور . والاّ لماذا يوافق السياسيون العظماء والفطاحل الكبار بهكذا بنود ومعاهدات تدعو لضم ثلث الاراضي العراقية لاقليم كردستان الذي يحلم قواده بالانفصال وتشكيل دولة كردية لها دستورها واقتصادها واستقلالها وهذا من حقها, ولكن ليس من حقها أن تزحف على بقية أرض العراق لتظمها اليها ظلما وعدوانا . وبهذا نجني على تقسيم العراق وتجزئته وتمزيق وحدته وتفريق شعبه الذي ساهم بكل أطيافه في القضاء على دكتاتورية النظام البائد ! لماذا نسمح بتجزئته وتقسيمه بغير حق ؟ الاّ ارضاءا لبعض النفوس التي تسلطت على الشعب العراقي بالحيلة والمكر كتسلط معاوية على المسلمين .
بعد هذا العرض ينبغي ان نضع عرضا آخر.. بتصوري المتواضع أن يتوافق السياسيون على المادة "140" واتفاقية أربيل على البنود التي تخدم المواطن والوطن والتي لم تسبب عرقلة مسيرته وحياته وأن يغيروا بنود المادة "140" ضمن استفتاء شعبي يدخل فيه كل الشعب العراقي وليس شعب محافظة كركوك فقط وننظر في التصويت لصالح من يكون , عند ذلك يتصالح السياسيون ويبدأون العمل من جديد ( بعد اهدار عشر سنوات من عمر العملية السياسية المتعثرة )على حب الله وحب الشعب والله المستعان وهو ولي التوفيق . 
Share |