اجتماع وزراء الخارجية العرب ونظرائهم الأوربيين والمسالة السورية/عبد الأمير محسن أل مغير
Fri, 16 Nov 2012 الساعة : 1:17

كان لقاء وزراء الخارجية العرب مع وزراء خارجية الاتحاد الأوربي في القاهرة يوم 12/11/2012 ليس مجرد مصادفة او موعدا (روتينيا) وانما أمرا مخطط له حيث أوكلت الولايات المتحدة للاتحاد الأوربي التحرك باتجاه احداث المنطقة العربية محاولة منها وكالعادة ان لا تظهر بوجهها الحقيقي بمهاجمة اماني الشعوب اضافة لتوجه اوباما وطبقا للوعود التي اعطاها لمعالجة المسائل التي تركتها اثار الحروب والاحداث في الشرق الاوسط في الجوانب التربوية والصحية والاجتماعية في الشأن الداخلي الامريكي خصوصا وان التسلسل التأمري بما سمي بربيع الثورات العربية حيث مزاعم الديمقراطية والتي اتضحت لشعوب هذه المنطقة بانها فاتحة هيمنة جديدة على منطقة الشرق الاوسط كأسلوب جديد لنهب خيراته وتحولا لما يمهد بتحقيق تطلعات الكيان الصهيوني خصوصا وان عملية ما سمي بثورات الربيع العربي لم تظهر بشكل دقيق وفق الحسابات الغربية حيث كان الحلفاء الجدد للغرب وفق ذلك التخطيط هم الاخوان المسلمين الا ان عناصر وهابية ارهابية متطرفة من القاعدة والحركات التكفيرية اخذت زمام المبادرة وهي تضايق الان الحكام الاخوانيين الجدد في كل من تونس وليبيا ومصر كما ان تلك الاحداث افصحت عن ظهور مخاطر جديدة على انظمة تعتبر مقربة من الغرب كالأردن والامارات والكويت لذا يرى اغلب المحللين ان التقاء وزراء الخارجية العرب مع السيدة (اشتون) مسؤولة الاتحاد الاوربي للشؤون الخارجية ورهطها الغربي في وقت تكاد ان تنتهي فيه مهمة المندوب الدولي الاخضر الابراهيمي للمسالة السورية واعطاء تقريره النهائي فجاء اجتماع الدوحة والاجتماع المشترك في القاهرة الذي اشرنا له كمحاولة لمصادرة توجهات السيد الابراهيمي السلمية كما فعل نبيل العربي وامير قطر والسعودية بأفشال مهمتي مراقبي الجامعة العربية والسيد (عنان) فيما مضي وكان اجتماع الدوحة عبارة عن مسرحية اتت بعدد من الاشخاص الذين لا يمثلون في حقيقة الامر الا انفسهم حيث قطاعات واسعة من المعارضة السورية في الداخل والخارج لم تحظر ذلك الاجتماع كونه قد جري تحت مظلة امريكية وفي دولة لا تعي من الديمقراطية شيء والحقيقة التي لا يمكن نكرانها ان حضور السيدة اشتون ورهطها الغربي وتمويلها لافتتاح ما سيمي غرفة عملية الازمات في القاهرة لتقود من خلال تلك الغرفة نبيل العربي وجامعته باتجاه ما يحقق الاهداف الغربية في وقت تعتصر اورربا ازمة اقتصادية خانقة وقد وصل اليورو يوم 14/11/2012 الى ادنى مستوى له وسيكون مفتاح التخلص من اثار تلك الازمة نهب النفط الليبي كما قال كاميرون في حديث سابق (باننا سنستخدم النفط الليبي لدعم الديمقراطيات في المنطقة) ومثل هذا القول امر مضحك فالديمقراطيات لا تدعم من خلال اجتماع يرعاه حمد ال ثاني الذي لم يعرف من الديمقراطية حتى تعريفها وقد طلبت اشتون بكلمتها البدا بمرحلة جديدة بين هذه المنطقة والغرب بعيدة كما تقول عن الكراهية ومثل هذا القول مثير للسخرية حيث ان تلك الكراهية تتأكد يوميا من خلال قصف الوليد الغربي الصهيوني للأطفال والنساء في غزة والدفع بال سعود وقطر بدعم المرتزقة لتدمير المجتمع السوري اما نبيل العربي فقد اعترف في كلمته بان طلب من اطراف المعارضة الباقية ان تنضم لمجلس الدوحة وبعد ان تضمن كلامه تباكيا على القضية الفلسطينية (نفاقا) طلب ايضا دعم السيد الابراهيمي في مهمته السلمية في حين قضي على مضمون تلك المهمة وبنفس تلك الكلمة عندما زعم بان الشعب السوري والجيش العربي السوري هو الذي يقوم بالأحداث الدامية في سورية مع ان الداني والقاصي وهو في مقدمة الجميع يعلمون علم اليقين بان من اشعل نار فتيل تلك الفتنة هي امريكا وهولاند وكاميرون حيث دفعوا بشيخ قطر وال سعود بتمويل المرتزقة وزجهم الى الاراضي السورية من خلال تسهيلات ورعاية اوردكان واكمل نبيل العربي كلمته بالاعتراف بما سمي بمجلس المعارضة السوري كما انه اجاب عن سؤال حول عدم وقوف الجامعة العربية الى جانب السودان عند قيام اسرائيل بقصف معمل الاسلحة في الخرطوم فقال (هل المهم الان ان نقف بوجه اسرائيل لقصفها معمل اسلحة او لأنها تقصف يوميا شعبا بكامله) ويقصد بذلك الشعب الفلسطيني وبرر قوله هذا (نحن محاطين بواقع لا نستطيع من خلاله فعل شيء) مع ان المثقفين العرب يدركون الان بان اي حركة لنبيل العربي لا تحصل في الوقت الحاضر الا بأذن وموافقة شيخ قطر الوكيل الرسمي لإسرائيل واعترف نبيل العربي نيابة عن كافة اعضاء الجامعة العربية بما اسماه بائتلاف المعارضة السورية وقد طلبت كل من العراق والجزائر ولبنان ان يصدر الاعتراف من كل دولة عربية على حده كما انه وجه امرا باسم الجامعة بوقف اطلاق النار الفوري في سورية مما اثار سخرية في الاوساط السياسية حيث ان ذلك الامر اذا كان من خلال مجلس المعارضة الذي اعترف به نبيل العربي واجلسه في مقعد سورية العضو المؤسس للجامعة العربية فهو لا يلزم الحكومة السورية بحكم عدم تمثيلها كما ان العناصر المسلحة هي الاخرى لا تلتزم به لأنها لم تلتزم بوقف اطلاق النار في اول ايام عيد الاضحى الماضي وفي مقدمة ذلك ما تسمى بجبهة النصرة كما صرح اعضاء في المعارضة السياسية من المجلس الوطني واطراف اخرى آنذاك بان المسلحين لا يلتزمون بأوامرهم وبنظر كافة المحللين ان اجتماعي الدوحة والقاهرة افرزا معطيات عدة منها ان الولايات المتحدة دفعت بالاتحاد الاوربي للواجهة بداية لعدوان غربي جديد وتحرك الاتحاد الاوربي ونبيل العربي وائتلاف حمد ال ثاني يعتبر بمثابة عدوان فاضح على سورية كما ان الولايات المتحدة اخذت تستعد الان لمحور دولي بدء بالظهور حيث اخذت قوة الاتحاد الروسي تتنامى كما ان روسيا قد احست بالخطر التي تخطط من خلاله امريكا بتسليح عناصر ارهابية اسلامية تشكل اكبر المخاطر عليها في المستقبل ومثل هذا الاسلوب خبرته روسيا فيما مضي من مواقف الولايات المتحدة السابقة كما ان اسهم الصين اخذت تتصاعد ايضا في جنوب شرق اسيا والعالم ويعزي المحللون ايضا الدفع بالاتحاد الاوربي الى الواجهة في الشرق الاوسط بقولهم ربما تستطيع السيدة اشتون ورهطها الالتماس من نتنياهو بان يتساهل مع الفلسطينيين حيث يخشى اوباما ان يغيض اللوبي الصهيوني في امريكا ويجمع اولئك المحللين بان الاجتماع المشترك في القاهرة وغرفة الازمات التي شكلت على اثرة تعبر عن حقبة جديدة تواجهها شعوب هذه المنطقة وعليها ان تسلك احد طريقين اما الخنوع للنفوذ الغربي الاستعماري الجديد او مواجهة ذلك النفوذ بالاستعانة بالدول المحبة للسلام فعمليات تفتيت هذه المنطقة بدأت تتراءى للعيان والتحركات الاخيرة في جنوب تركيا تعبر بجلاء عما سيحصل فيها كما ان السعودية ستواجه مصيرا سيء بالمستقبل القريب خصوصا وان قطر تخطط لها وفق ذلك لتقسيمها فأحفاد سايكس بيكو ينفذون وفق التفويض الامريكي لحقبة استعمارية جديدة ستلعب فيها كل من فرنسا وبريطانية والمانية دورا خبيثا جدا ويؤكد المتتبعين للأحداث السورية بان القوى الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة تسير بحذر اتجاه تلك الاحداث بحكم ما أعلنته جبهة النصرة والقاعدة بأنشاء دولة اسلامية على غرار ما تعلنه في عملياتها الارهابية في العراق مما جعل الغرب يعيد النظر بحساباته وطلبت كلنتون من ائتلاف المعارضة الجديد بأبعاد المتطرفين وجماعة القاعدة عن صفوفهم ومثل هذا القول يبدو خياليا اذا ما تمعن المرء في الواقع الموجود في سورية الان حيث الغلبة وبشكل يكاد ان يكون كليا لجماعة النصرة والقاعدة والحركة الوهابية التكفيرية بين اولئك المسلحين ونسبة من هؤلاء هم اجانب دخلوا سورية قادمين من بلدان اخرى وقد حذر السيد الابراهيمي مخاطبا المجتمعين بان الاحداث في سورية ستتخطى منطقة الشرق الاوسط بكاملها وسيكون لها اثر بالغ على الامن والاستقرار الدوليين ومما يوكد قوله ان التفوق السريع والمتنامي للعصابات التكفيرية الوهابية اخذت تغطي منطقة الشرق الاوسط وتشكل اكبر المخاطر على امنها بحكم التعصب والجهل حيث المخطط الامريكي الاسرائيلي والدعم المالي النفطي من قبل قطر والسعودية جعل المنطقة بمواجهة احداث خطيرة وربما تعتبر عقدتها الاساسية في هذه المرحلة هي الازمة السورية التي تتطلب حلا سريعا وقد توجه السيد لافروف وزير الخارجية الروسي يوم 14/11/1012 الى الرياض يروم الاجتماع بوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي للتداول بجميع ما يتعلق بمشاكل الشرق الاوسط سيما المسالة السورية وقد صرح (كول) رئيس الجمهورية التركية بان لروسية دورا محوريا لحل المسالة السورية ويؤكد اغلب المحللين بان جميع الاطراف متجه نحو حل تلك المسالة عن طريق الحوار وبأسرع ما يمكن الا ان حالة التعقيد التي وصلتها تلك المسالة تزيد الامر سوء كما يلمس بان بعض الساسة ذوي الدور التخريبي مثل هولاند وكاميرون اللذان يودان ان يريا بقاء هذه المنطقة ملتهبة ويتوقون بتهديم مجتمعاتها وعلى المتتبع ان يدرك بان الغرب وعلى راسة الولايات المتحدة واسرائيل يروم التوصل الى تنفيذ خطته الموضوعة لمستقبل هذه المنطقة والتي اصبح الصمود السوري حجر عثرة في طريقها على الارض كما ان روسيا والصين لم يتيحا للقوى الغربية بالتدخل في المنطقة الا ان الراجح في الامر هو الاتفاق على قرار يصدر من مجلس الامن يلزم الاطراف بإيقاف اطلاق النار والتوجه نحو الحوار وارسال مراقبين دوليين الا ان الاشكال في هذا الموضوع هو ان روسيا تتمسك باتفاق جنيف في حين بعض الاطراف الغربية اعتبرت مجلس ائتلاف الدوحة ممثلا شرعيا للشعب السوري مع ان هذا الائتلاف في حقيقة الامر لا يقدم ولا يؤخر في شيء سوى انه (فبركة)غربية لتأخذ الامور منحا وفق ما يريده الغرب واصبح الان الجميع امام مسالتين هامتين احتمال اضطرار السوريون لمواجه عسكرية غير متوقعة دفاعا عن انفسهم او التحول الى وجود معاقل للقاعدة تنطلق من خلالها للبلدان المجاورة لسورية ولا يهم الغرب ذلك طبعا لان اهم ما يستهدفه هو تدمير المجتمع السوري وربما خير مثال ما حصل للمجتمع الصومالي حيث عندما كان محمد زياد بري رئيسا للصومال وله ارتباطات وثيقة مع الاتحاد السوفيتي والاتحاد الافريقي فكان مهابا ولكن الغرب يطلبه ثارات وما ان تحول لجامعة نبيل العربي العتيدة حتى سقطت هيبته فاحتلت الحبشة اقليم اوكادين وتناهشت مخالب الذئاب الغربية ذلك البلد ولكن سورية عصية على الاعداء بحكم اصالة شعبها وبسالة الجيش العربي السوري الذي اثبت التاريخ الحديث بانه لم يهادن يوما ما وستكشف الايام القليلة القادمة دور اللاعبين الأساسيين في هذه المسالة ونقلت الانباء عن مؤتمر الدوحة قول السفير الامريكي فورد مخاطبا المجتمعين بقولة عليكم ان لا تتأملوا اي تدخل عسكري في سوريا كما عليكم ان تخفضوا سقف طلباتكم وان لا يكون بين صفوفكم عناصر متطرفة وهكذا تفتقت ذهنية الغرب عن إيغاله الكامل في شؤون هذه المنطقة من خلال السيدة اشتون ورهطها وعمالة نبيل العربي وحمد ال ثاني لتنفيذ ذلك المخطط ببدء حقبة جديدة من عدم الاستقرار ونهب الخيرات وتزوير الحقائق واذا ما حصل اتفاقا بوقف اطلاق النار في سورية والتوجه نحو المفاوضات لابد ان تعطي صلاحيات واسعه للمندوب الدولي و يعين عدد كبير من المراقبين وايقاف تدفق الاسلحة والاموال على الفصائل المسلحة الوهابية في الداخل السوري وارغامها في الدخول في تلك المفوضات حيث صدرت اشارات هذا اليوم 14/11/2012 عن كل من السيد لافروف وبعض اطراف اجتماع وزراء مجلس التعاون الخليجي في الرياض بان ما يدفع لإيجاد حل سريع في سورية هو وضع حد لمعاناة الشعب السوري ولعن الله السياسية كما يقولون فسورية بلد منذ بدء استقلاله بعد طرد المستعمرين الفرنسيين منه تربى مواطنية على حب وطنهم متآخين لم يعرفوا اي نوع من التمايز او الحساسية التي اوجدها الغرب في هذه المنطقة واعتمد الاسلوب الطائفي ليسيطر من خلالها على هذه الشعوب وفق قاعدة فرق تسد ولكن المثقفين العرب والرائ العام العربي ادرك مخاطر هذه اللعبة والتي هي بالنسبة للولايات المتحدة ورهطها كمن يلعب بالنار فشراهيتها للهيمنة هي التي فسحت المجال على مصراعيه اخيرا لتدفق عناصر الشر الارهابية تقتل و تذبح وتحرق وتهدم كل ما هو خيرا على هذه الارض العربية والإسلامية الطيبة .