رسالة مفتوحة الى الرئيس التركي ورئيس وزراءه !/ مير عقراوي
Thu, 15 Nov 2012 الساعة : 23:11

الى / السيدين عبدالله غول ورجب طيب أردوغان
من / مير عقراوي ، كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية
الموضوع : المضربون عن الطعام الكورد المعتقلين على شَفاَ الموت !
,, تحية طيبة ,,
بداية أودُ أن أذكِّركم بحديث لرسول الله محمد – عليه وآله الصلاة والسلام - ، عسى ولَعَلَّ أن تُوقظ فيكم جذوة الإيمان والحس الانساني تجاه جماعة بشرية كبرى ، وهي الأمة الكوردية التي حُرِّمت من جميع حقوقها السياسية والانسانية ، القومية والوطنية المعترف بها في الشرائع والأديان والقوانين السماوية والأرضية كافة ، بخاصة الشريعة الاسلامية الغَرَّاءَ التي تزعمون أنتم بالإنتساب والتطبيق لها . ولو أنّي لستُ متفائلا كثيرا من أنكم سترضخون لأِحكام الشريعة الاسلامية والقانون الدولي ، وذلك بسبب ما عاناه الكورد قديما وحديثا من جميع حكوماتكم كل أشكال الظلم والجور والإستكبار والطغيان والعدوان ، لكني أقول ذلك كي أجعل الله تعالى والتاريخ وشعوب العالم شهداء عليكم ، ومن باب الذكرى والتذكير والتذكرة .
يقول الحديث النبوي الشريف عن فلسفة الطاعة والعبادة والعبودية لله سبحانه بعدما وَجَّهَ سؤالا الى أصحابه الكرام ؛ { أتدرون ما المفلس ؟ } ، قالوا : المفلسُ فينا مَنْ لا دِرهمَ له ولا متاع ، فقال : { إنَّ المفلِسَ مِنْ أمّتي يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصِيامٍ وزكاة ، ويأتي قد شَتَمَ هذا ، وقَذَفَ هذا ، وأكَلَ مالَ هذا ، وسَفَكَ دَمَ هذا ، وضَرَبَ هذا .
فَيُعْطى هذا من حسناته وهذا من حسناته . فإنْ فَنِيَتْ حسناتُهُ ، قبلَ أنْ يُقْضى ما عليهِ ، أخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليهِ : ثم طُرِحَ في النارِ . } ! .
إنكم تَدَّعُون الإنتساب للاسلام ، لكنكم لمزيد من الأسى تُناقضونَ أحكامه وتعاليمه الواردة في الكتاب والسنة ، منها الحديث النبوي الشريف الذي قرأته عليكم ، لأن التديُّن يجب أن يكون مقرونا بحسن التعامل والمعاملة وإلاّ سيكون تّدَيُّنَا مُزَيَّفَا ، والتديّن المزيّف لا يَزِنُ عند الله تعالى جناح بعوضة ! .
حضرتا الرئيسان : لقد مضى على الإضراب عن الطعام للمعتقلين السياسيين الكورد في سجونكم الرهيبة ، والبالغ عددهم [ 700 ] سجين أكثر من شهرين ، وأنتم وحكومتكم إلتزمتم صمتَ أهل القبور حيال ما عاناه ، وما زال يعاني منه هؤلاء المعتقلون المظلومون طيلة الفترة الطويلة الماضية عن الإضراب عن الطعام ! .
وذلك يدل كل الدلالة على صلابة وقسوة قلوبكم ، مع خُلُوِّها من أضعف درجات الإيمان ، أو الشعور الإنساني وإلاّ كيف رضيتم بأن يستمر إضراب هؤلاء المعتقلون الى هذه المدة المديدة الطويلة جدا ، بحيث أصبح هؤلاء كأشباح بشرية يكسوها الجلد والعِظام فقط نتيجة للإضراب ؟ ، فهل تقبلون ذلك لأنفسكم ، أو لزوجاتكم وأمهاتكم وأخواتكم ، أو لأبنائكم وبناتكم ، أو لأبناء قوميتكم ؟ ، وهل تستطيعون إحتمال الجوع لعدة ساعات ، فكيف إذن ، ولم يَجْلُفُ لكم جِفْنٌ ، ولم تشعروا بأيِّ حس إنساني لهؤلاء المضربين عن الطعام الذي مضى على إضرابهم أكثر من شهرين ولم تحاولوا الإستجابة لمطالبهم المشروعة بكل شرع وقانون وعقل سليم ! ؟
فخامتا الرئيسان : إن الشعب الكوردي في كوردستان له جذور راسخة ومُتَوَغِّلَةٌ في أعماق التاريخ ، لذا فالإنكار لم ولن ينفع على الإطلاق ، وهو ليس الحل على الإطلاق كذلك . وقد أثبتت التجارب التاريخية على فشل جميع السياسات والممارسات الإنكارية والعنصرية والعنفية والحربية العسكرية من قِبَلِكم ، أو من قِبَلِ جميع الحكومات التركية السابقة في تدمير وتركيع الكورد ! .
ذلك إن الكورد أمة فتية مكافحة مناضلة لا تقبل الظلم والضيم والذل والإحتلال من أيِّ طرف كان ، ومهما كان جبروته وقوته وإستكباره ، فهو أقوى وأصلب من كل ذلك . مع هذا كله فالشعب الكوردي لا ينوي أن يصبح سَيِّدَاً على أحد ، لكن بالمقابل فإنه يرفض تماما أن تصبحوا أنتم ، أو غيركم أسيادا وأربابا عليه ، أو تكونوا أولياء أمره ومصيره ، حيث هو - لا أنتم ولاغيركم - ينبغي أن يكون وَلِيَّ أمره ، وهو أيضا يُقَرِّرُ مصيره وشأنه السياسي والانساني لا أنتم ولا غيركم ، كما تُحِبُّونَ ذلك أنتم لأنفسكم وشعبكم وبلادكم ، فتوبوا الى بارئكم سبحانه مما آقترفتموه من كبرى المظالم ، ومن عظمى الفجائع والكوارث ضد أمة الكورد التي تَشِيبُ لها الولدان وتَقْشَعِرُّ لها الأبدان من هَوْلِ ذِكْرِها ، ثم ثُوبوا الى رُشدكم هداكم الله تعالى الى سَواءِ الصراط بَدَلا من طَيِّ صراط الغَيِّ والضلال والظلم الذي سلكتموه ! .
سعادتا الرئيسان : من الناحية الشرعية لا يجوز لإمام أن يَؤمَّ ويُصَلِّي بالناس في قرية صغيرة وهم له كارهون ، فكيف بشعب تعداده ثلاثون مليونا في شمال كوردستان حيث تحتلونه منذ أمد بعيد ، ومثله من التعداد الكوردي في سائر أجزاء كوردستان !؟ ، أي إنكم فاقِدوا الشرعية على الكورد من الناحية الاسلامية ، وذلك لعوامل عديدة ، من أهمها إنه لايريد وِلايتكم وحكمكم عليه ، ومَنْ كانت وِلايته السياسية على هذا النحو فإنه تسقط تلك الولاية وتفقد شرعيتها في ميزان الشريعة الاسلامية ! .
علاوة على ذلك فإن القوانين الدولية لمنظمة الأمم المتحدة أقرَّت بحق الشعوب في المقاومة للتحرر من الاحتلال ، وحقهم كذلك في تقرير مصيرهم السياسي والاداري ، وفي مقدمة ذلك تأسيس الدولة السياسية الوطنية التي يرتضونها ! .
حضرتا الرئيسان : أخيرا أقول لجنابيكما بأنكم للأسف الشديد لم تأخذوا حيال القضية الكوردية في شمال كوردستان بالحل الولايتي الاسلامي ، حيث في الفقه السياسي الاسلامي يمكن للشعوب أن تكون مستقلة على بلدانها على شكل ولايات ، أو حتى إنكم لم تأخذوا بالحل الفدرالي الديمقراطي الذي يتشابه مع الحل الولايتي للفقه السياسي الاسلامي . عليه عليكم ، وغيركم أيضا من المحتلين لأجزاء كوردستان قبل فوات الأوان الإستجابة للحل العادل والمنصف للقضية الكوردية في شمال كوردستان ، حلاًّ يرتضيه الشعب الكوردي ، لأنه هو صاحب القضية والحقوق المهضومة والمسلوبة والمغتصبة لا أنتم ولاغيركم ، وأيُّ ما يسمى بحل لايرتضيه الكورد ولايحقق آماله وحقوقه المشروعة فهو ليس بحل أبدا ! .
لهذا كفى إراقة للدماء ، وكفى شن الحرب على كوردستان وشعبها ومناضليها وثوارها بأفتك الأسلحة التدميرية الحديثة ، منها المحرمة دوليا كالغازات السامة ، ثم آستجيبوا لمطالب المضربين عن الطعام بأسرع وقت ، حيث أنتم مسؤولون عن حياتهم من جميع النواحي ! .
ألا هل بَلَّغْتُ : اللهم فآشهد ! ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته