لا نَسْخَ ولا مَنْسُوخَ في القرآن الكريم/مير عقراوي

Thu, 15 Nov 2012 الساعة : 16:24

تفسير الآية السادسة بعد المئة من سورة البقرة المثار للجدل حول قضية النسخ في القرآن الكريم ؛
نص الآية : { ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ * أو نُنْسِهَا نأتِ بِخَيْرٍ منها * أو مِثْلِهَا * ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللهَ على كُلِّ شيءٍ قدير } .
1-/ نسخ ؛ النسخ هو بمعاني الإلغاء ، الإزالة ، الرّفع ، الحَذف ، التبديل ، التحويل .
2-/ آية : الآية معناها العلامة ، الإشارة ، الحُكم بمعنى الأحكام ، الكتاب .
3-/ نُنْسِهَا : النسي ، أو النسيان هو ضد الحفظ ، لكن هنا أتى بمعنى التَرْكِ . لذا { ننسها } بمعنى نتركها ، كقولك : تناسَيْتُ الموضوع الفلاني ، أي تركته .
التفسير الأولي الموجز للآية :
تقول الآية المتلوة أعلاه ، حيث هي كلام الله تعالى الذي قال في مُحْكَمِ تنزيله بأنه ما نُلْغي وما نُبَدِّلُ وما نُزِيْلُ حًكْمَا ، كتابا وعُرْفَا ، أو نتركها سنأتِ بخيرٍ وأحسنٍ وأفضلٍ منها ، أو مثلها ، ألم تعلم أيها المؤمن بأنَّ الله على كل شيء قدير وقادر ومقتدر ؟
التفسير الأوسع :
إن الآية السادسة بعد المئة ترتبط بما قبلها من الآيات ، وذلك بدءا من الآية الأربعين ، ومن ثم ما بعدها من الآيات حتى الآية الواحدة والأربعين بعد المئة ، وإن مباحث هذه الآيات كلها تتحدث عن الأوضاع والأحكام الدينية للأديان السابقة على الاسلام ، حيث هم أهل الكتاب بالتعبير القرآني ، وبخاصة بني إسرائيل ونبيهم موسى – عليه السلام - . عليه فإن الآية السادسة بعد المئة من سورة البقرة تُصَرِّح بأن القرآن قد نَسَخَ وألغى مجموعة من الأحكام والآيات التي كانت معمولة بها في الأديان السابقة ، مثل تحويل القِبْلة من القدس الى الكعبة ، أو إلغاء ونَسْخِ بعض الأعراف الإجتماعية التي كانت سائدة بين العرب قبل الإسلام ، منها تزوّج الإبن زوجة أبيه بعد موته ! .
لذا فالآية المذكورة تقول بأن الله نَسَخَ ، أي أبطل وألغى وأزال طائفة من الأحكام والأعراف السابقة سواء كانت للأديان السابقة ، وسواء كانت للأعراف الاجتماعية العربية قبل الاسلام فأتى الله تعالى وأنزل أفضل وأحسن منها ، أو مثلها حُسْنَا وخيرية . إذن فالقرآن نزل ناسخا ومُلغِيَا لبعض الأحكام والتعاليم المتعلقة بالأديان السابقة ، أو بالأعراف الاجتماعية ! .
تأسيسا لِمَا جاء فإن الآية السادسة بعد المئة من سورة البقرة لاتعني مطلقا بأن القرآن ينسخ ويلغي بعض الآيات ببعضها الآخر . وذلك بدليل قوله تعالى : { إتّبعوا ما أنْزِلَ اليكم من ربكم ... } الأعراف / 03 ، و{ ما يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ وما أنا بِظَّلامٍ للعبيد } ق / 29 ، و { كتابٌ أحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حكيم خبير } هود / 01
يوجد في بعض آيات القرآن الكريم التَدَرُّج التشريعي ، لكن لايوجد فيه أيَّ ناسخ ، أو منسوخ ، لأن ذلك يتعارض ويتناقض مع الآيات القرآنية الأخيرة التي تلوناها ، أو غيرها الكثيرات من الآيات التي تطرح جانبا بالكلية وهم مسألة الناسخ والمنسوخ في القرآن . 

Share |