الهجرة ... بداية لولادة الامة الاسلامية/ طاهر مسلم البكاء

Thu, 15 Nov 2012 الساعة : 15:26

لم يزد عدد المسلمين طيلة الثلاثة عشر سنة التي أمضاها رسول اللة في مكة ، عن بضع مئات ،ولكن السنوات التسع التي أمضاها في المدينة بعد الهجرة ،كانت هي سنوات الانطلاق للدعوة ،حيث دخل الناس في الدين الحنيف أفواجا.
لقد كانت الهجرة ،فاصلة بين مرحلة الصبر وتحمل الاذى بكافة أنواعه ،الى مرحلة أخرى هي مرحلة أستخدام السلاح ومواجهة طغاة ذلك العصر، ومن مرحلة كانت الدعوة الاسلامية مقيدة في مكة تدافع فيها عن النفس ، الى مرحلة متقدمة حيث نشأت قاعدة أنطلاق الدين الحنيف عبر كون ذلك الزمان ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الحج ) .
وكأن الرسول الكريم لم يكن قد تخطى تلك المسافة البسيطة بين مكة والمدينة ( تقرب من 400 كيلومتر) ، بل أنه تخطى كل حواجز الجغرافية على الارض ،ناشرا" أريج الرسالة عبر أثير الكون ليشمل أعظم أمبراطوريات ذلك العهد ،رغم وسائل الاتصال البدائية والمسافات الشاسعة .
لقد كان (ص)يدرك أن العمر قصير وأن المهمة الموكلة عظيمة ،فكانت هذه السنوات لاتقاس بعمر الزمن ،وكان نتاجها لايمكن قياسه بالمعايير البشرية فقد عمّت الارض شرائع ونظم ،هي خاتمة الرسالات المنزلة.
ولقد تخلل الدين الجديد نفوس معتنقيه وسار في العروق ، فأعطى زخما" جديدا" وأهدافا" عظيمة لأولئك الوثنين الذين كان كل فخارهم أن يغزو بعضهم البعض الاخر فينهب ويسلب ثم يمتدح فعله ذلك بالشعر الرائج في ذلك الزمان ، فأذا هم اليوم، مع رسول اللة، يتجهون بأبصارهم الى السماء ينتظرون نزول كلام اللة ليستبشروا بالاقتداء به وينذرون النفس والمال وأعز ما يملكون لأعلاء شأن الرسالة الجديدة وقائدها المسدد من اللة ،فهانت لديهم الصعاب وذلت أمامهم أعتى قلاع التجبر والكفرفي ذلك الزمان ، مثل وثنية مكة وأمبراطوريات فارس وروما .
وكان لليهود ، بما عرف عن تاريخهم من حقد وغدر وأطماع ، دور في مواجهة الدين الناشئ والدولة التي بدأت طلائعها تبدو لكل ذي بصيرة ،فبدأحقدهم ودسائسهم منذ اليوم الأول الذي أستقبل فيه أهالي يثرب رسول اللة بما يليق به من أستقبال ،فناصبوا الدين الحنيف ورسول اللة العداء وكان( ص) يقرأ ما يدور في أذهانهم ، فثبت العلاقة معهم بمعاهدات سرعان ما تجاوزوا عليها وتناسوا ما أتفقوا فيه مع الرسول( ص) وخاصة تحالفهم سرا" مع المشركين ضد المسلمين وهكذا قرر الرسول الكريم اقتلاعهم (بمختلف طوائفهم )من المدينة كلها ،والى اليوم مع الاسف لايزال هناك من العرب ، من يصدق أن لليهود ذمة وعهد فيقيمون معهم معاهدات السلام ،والتي سرعان ما ينقضونها وفق مصالحهم وأهوائهم .
وأقتداءا" بهجرة جده المصطفى ، هاجر الحسين( ع) لمواجهة الفساد الذي بدأ يستشري في أركان الدولة الأسلامية وأغتصاب قيادة الامة من قبل الطلقاء والمنحرفين وما كان يشكله ذلك من خطر على الدين الحنيف وتعاليمه الساميه ،فرفع لواء الثورة والجهاد،فكان القدوة و القائد الابدي لكل المحرومين والثوار في أرجاء المعمورة، حيث أصبح علما" يقض مضاجع الظلمة والفاسدين في كل عصر وحين والى قيام الساعة .. فهي ثورة الخلود
واليوم والامة الاسلامية تمر بظروف قاسية حيث تفكك أجزاءها ونهب خيراتها وأستشراء الفتن والبدع في أوصالها ، حري بها الاقتداء برسولنا الكريم( ص) لكسر الحواجز والتحديات المصيرية التي تواجهها ،وأن تبدأ بتوحيد صفوفها وتخرج من كبوتها وتصلح ما فسد من أحوالها .

Share |