الصراع على الخلافة الإسلامية (1) السقيفة بدايتاً-الاء حامد
Sun, 26 Jun 2011 الساعة : 11:12

لاشك إن اجتماع السقيفة الذي دعا إليه مسلمو المدينة من الأنصار كان المبادرة الأولى والمفاجئة التي جعلت من خلافة الرسول موضع التداول والنقاش السياسي السلطوي.
فمن السقيفة طالت الأصوات تنشر ماكان مطويا في الصدور وتذيع للملأ ما كان همسا في النفوس والتوجهات, يبدو أيضا أن الأمر كان غريبا لم يألفه المسلمون الأوائل , ولم يفقهوا كنهه وتفاصيله .ساهم في إرباك الموقف السياسي للدولة الإسلامية عشية وفاة رسول الإسلام.في اختيار الخليفة.وهو أول امتحان لهم وأول تجربه لوحدتهم وتماسكهم.
لو عدنا لأصل نسيج المجتمع الإسلامي حينذاك لنجد انه مشكل من فريقان مختلفان متناقضان الأول يتمثل بالأنصار الذين سجلوا موقفهم التاريخي من خلال إيواء الرسول ومساندته في زمن عزف عنه اقرب المقربون في نصرته ودعمه.
والفريق الثاني هما المهاجرين ( الفريق القرشي ) الذين يعتبرون أنفسهم أولى بالرسول كونه منهم وهم الأحق بخلافته لموقفهم في مؤازرته في بداية الدعوة هم وأول المصدقين به . فمنهم من أول من امن به وصدقه ونصره . وقد لاقوا اشد العذاب والمحن في سبيله ونصرته في أيام الصعاب .
لكن تلك الفترة آنذاك لم تكن الفترة المثالية او المناسبة التي وصل فيها الوعي الثقافي الإسلامي السياسي أسمى مراتبه السياسية وأرقى قنواته الدبلوماسية في تشكيل دولة إسلاميه موحدة تتفق على رجل واحد يقود زعامتها, وكما انها لم تكن بالمرحلة النموذجية التي أفرزت استقطابا سياسيا يتفهم ابسط أبجديات وبديهيات اللعبة السياسية فيكون فريق في السلطة وفريق اخر في المعارضة .وأيضا لم يكون هنالك وجود لواقع متجسد يتمثل بالمنتصر تماما او المهزوم تماما لأنها لم تكن عبارة عن صناديق اقتراع او انتخابات حرة وإنما هنالك منافسه سياسيه لكل فريق جعل من مواقفه ومميزاته وعديدة ومصلحته الفئوية القبلية او حتى المناطقية الضيقة كنموذج للطائفية السياسية في الصراع على الخلافة من خلال التحكيم الشوروي , أمرهم شورى بينهم.
اذا اعتبرنا بأن لكل فريق سماته وصفاته ومؤهلاته تميزه على الفريق الثاني . فما الذي اضعف الفريق الأول وأبعده عن حلبة المنافسة بإخفاق أهلية مرشحه ( زعيم قبيلة الخزرج , مرشح الأنصار) الأنصاري سعد بن عبادة الخزرجي رغم دوره البارز في الإسلام الأول .ان لم تكن في إعاقة المرض التي ألمت به عشية المنافسة !! فما السبب الثاني الذي أبعده بشكل نهائي ورجح كفة الطرف الثاني ؟؟
يبدو أيضا هنا حتى في الأمور المصيرية التي لم يراعى فيها حتمية المنافسة ومصلحة الفريق الأول المناطقية يدخل عامل الخندقة الطائفية والصراع القبلي دوره الواضح والمؤثر في حسم الموقف النهائي للفريق الثاني .. وآلا كيف نفسر مبايعة قبيلة الأوس التي تشكل نصف الأنصار أي الفريق الأول في مبايعة ابو بكر من مرشحي الفريق الثاني , مع إن البيعة لم تكن لشخصه وإنما لإسقاط سياسي شخصي لمنافسها( وهذه نقطة قاصمة وغريبة )كونه يتجذر من أصل خلاف قبلي بين الأخير ( مرشحها ) وبين زعيم قبيلتها أسيد بن حضير وكلاهما من الأنصار .(1)
كما ان موقف الأنصار لم يكن بالموقف الواضح او الصريح والفاقد للزعامة أيضا وكان اقرب الى ألمناوره والتلويح للفريق الثاني المتمثل بالمهاجرين وأهمية الدور الذي ينبغي إن يؤل إليه في أي تطورات مستجدة وخصوصا ان الأنصار كانوا الأقرب الى الاتجاه الذي تزعمه علي بصوره غير مباشرة وعلي من المهاجرين.حيث كانوا يقولون لا نبايع إلا علي!!
لهذا تهيأت المرحلة النهائية للخروج من الأزمة بالقليل من الجدل والمعارضة في حصر التنافس ما بين الثلاثة ( أبو بكر ’ عمر , ابو عبيدة ) لما يمتلكونه من رصيد معنوي وتراث نضالي في الإسلام وهم كانوا الدعامة الاسلاميه لعصر صدر الإسلام واستمراره مرهونا بوجودهم.
وإذا كان علي ممن توجهت إليه الأنظار في الاتجاه أيضا رغم عدم دخوله في حصري المنافسة بما في ذلك أيضا الاتجاه القرشي المنظم إلى اتجاهه (2). اعتقادا بأن الخلافة آيلة له . لما كان له دور وموقع نضالي مبكر إلى جانب رسول الإسلام . ولكن الثلاثة كانوا أكثر مرونة واستفادوا من شروط المرحلة التي اتخذت بعد فتح مكة منحى توافقيا لاستكمال وحدة الجماعة والذي كان عمر القوة الدافعة في اتجاها .فدفع بأبو بكر الذي يقدمه سنا وسابقة في الإسلام ليكون الخليفة الأول في الإسلام بعد ان حسم الأمر الذي كان الأكثر قبولا واقل إثارة للجدل ولم يخسر منه سوى الأنصار بعد فشل مخططهم بالوصول الى الحكم او المشاركة فيه.
الاحالات والمصادر
1-ابن الاثير – الكامل في التاريخ
2-الطبري ج3ص198