فدك في ادارة البلاد والعباد/الشيخ محمد ال حفاظ الناصري

Wed, 14 Nov 2012 الساعة : 16:07

 

قال الله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلأ المودّة في القربى )
في مستدرك الصحيحين روى بسنده عن عليّ ( عليه السلام ) قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة ( إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك )
في ميزان الأعتدال عن عليّ ( عليه السلام ) قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة ( إن الربّ يغضب لغضبك يرضى لرضاك )
في الأمامة والسياسة لأبن قتيبة تحت عنوان (( كيف كانت بيعة عليّ بن أبي طالب ))
قال فقالت يعني فاطمة (عليها السلام ) لأبي بكر وعمر : - أريتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تعرفانه وتفعلان به قالا : - نعم فقالت : - ( نشدتكما الله أيكم سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ قالا نعم ؟؟؟ من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قالت فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأشكون كما إليه فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله من سخطه وسخطك يافاطمة ثم أنتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق وهي تقول والله لدعونّ الله عليك في كل صلاة أصليهّا ثم خرج فأجتمع إليه الناس فقال لهم : يبيت كل رجل معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا فيه لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي )
لئن كانت الحاجة ملحة اليوم إلى توحيد الصف الأسلامي خاصة في ظل ظروف صعبة وتحديات جمة تعيشها الأمة فإننا وللأسف الشديد لا نزال نحافظ على جملة من العراقيل الذتية وهي عراقيل تحول بيننا وبين تحقيق مشروعنا التوحيدي الشامل . ولا شك أن تلك العراقيل ليست وليدة ظروفنا الراهنة وإنما هي موروثة ولا تزال مخزونة في رصيدنا الفكري والثقافي والنفسي وتظهر كلما أردنا أن ندرس تاريخنا . إننا اليوم في أمس الحاجة إلى تجاوز تلك العقبات وخاصة النفسية منها وهذا يفرض علينا الأعتراف بأن الساحة الفكرية المعاصرة تزخر بألوان من يفرض علينا الاعتراف بأن الساحة الفكرية المعاصرة تزخر بألوان من النتاجات ذات الصبغة التشويه الحالة الشيعية بإعتبارها جزء لا يتجزأ من رصيد الأمة الفكري والعلمي والعقائدي والفقهي ( مجال النظر والعمل ) وهذا التشويه يساهم في تشويش الأفكار والتصورات وبالتالي يعقد الصيغ التوحيدية في داخل الأمة .
ونظراً إلى خطورة المشروع الأسلامي المتمثل في ضرورة توحيد الأمة نقول إنه يجدر بكل باحث مسؤول ومثقف مؤمن وواعي أن ينطلق في قراءة تراثه قراءة مركزه وموضوعية بعيدة عن التعصب ؟؟؟ وأن يحرر فكره من كل القيود النفسية والمذهبية ويجعل ضالته الحقيقة .
إننا نؤمن إيمانا عميقا بأن الأمة الإسلامية قد إرتكبت خطأ عظيماً لما حاولت أن تتنكر لدور أهل البيت ( عليهم السلام ) في تشيد الصرح الإسلامي الكبير الذي أسسه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ بمحاولتها تلك تتنكر لهويتها ولأنتمائها إلى الأسلام الأصيل , ولذلك فإننا نلاحظ وجود جيل عريض من أبناء المجتمع الأسلامي قد ورث عن أسلافه حالة من الفراغ الفكري تجاه جملة من المفردات والمواضيع الهامة مما ساهم في تعقيد الخلاف بين أبناء هذه الأمة الواحدة , ومن هذه المفردات والمواضيع موضوع فدك بما يحمله من بعد تشريعي وفقهي وسياسي ولما له من صلة بقضية الأمامة والخلافة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى أن الخلفاء الذين إعتلوا منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد وفاته لم يحسموا الأمر في هذا الموضوع وظهر الخلاف والاختلاف بينهم شديداً مما يكشف عن عدم قدرتهم الفقهية والسياسية في إدارة شؤون الحكم والدولة .
وسنحاول أن نتعرض ألى موضوع فدك بأبعاده المذكورة وسنحاول أن تكون غايتنا هي طرح الرؤى الصحيحة لهذه المسألة وتوضيحها وإزالة الإشكاليات المزروعة في الذهنيات لخلق الآفاق المنفتحة أمام الأتجاهات الخيرة الطامحة إلى تعميق الأخوة بين أبناء هذا المجتمع الأسلامي الواحد .
 
الاعتراضات على هذا الموضوع
لعل الكثير من الناس يرى أن عدداً من الموضوعات بما في ذكر موضوع فدك يثير بعض الإشكاليات والاعتراضات باعتباره يحمل صيغة مذهبية خاصة .ومن هذه الاعتراضات والإشكاليات أن التعاطي مع القضايا والمفردات المذهبية يضعنا أمام أجواء منغلقة تصادر حالات الانفتاح والتقارب وتعمق الحواجز الفكرية والنفسية داخل الأمة .
أن معاجلة هذا النوع من الموضوعات يثير حساسيات تاريخية جديرة بأن تثنى وتطوى ملفاتها خاصة في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي نمر بها .
إلا أن هذه الإشكاليات والاعتراضات مردودة بأبسط إلتفاتة إذ أن تعميق الحواجز الفكرية والنفسية بين المسلمين لا ينته إلا في غياب حوار حقيقي هادئ تنفتح فيه الأفكار والعقول بعضها على بعض وأما أن هذه الموضوعات تساهم في إثارة حساسيات تاريخية جديرة بأن تنمى فكلام مبني على أساس العجز عن نقد الذات وعدم الاعتراف بالخطأ , إن الأمة التي لا تنقد ذاتها يجعلها تقف على خطئها ونقاط ضعفها هي أمة حكمت على نفسها بالموت والفناء . ولذلك فإن دور المثقف المؤمن هو أن يقدم على تاريخه فيتأمل فيه ليتلمس الحقائق الكامنة وراء الكثير من الأباطيل والظلال .
 
المبررات الموضوعية لطرح موضوع فدك
 
إننا نعتقد أن موضوع فدك من الدراسات والبحوث التي تحتاجها المكتبة الإسلامية وخاصة قسمها المهتم بتاريخنا وتراثنا وهو القلب النابض والمعزل الأساسي لحياتنا اليومية وتفاعلاتنا مع الأحداث والمعطيات المعاصرة . إن ضرورة هذه الدراسة تكمن في ملئ الفراغ الفكري الذي تعيشه أجيال الأمة حول هذه المسألة , هذا الفراغ كان نتيجة لاختناق فكري وإعلامي فرض على مسألة فدك بحيث ظلت قضية مجهولة يلفها الغموض والتشويش منذ الصدر الأول للإسلام .
والحقيقة أن غياب رؤية واضحة لموضوع فدك يعكس حالة ؟؟؟ التاريخي للحالة الشيعية على المستوى القيادي وعزل أهل البيت ( عليهم السلام ) عن مواقعهم الشرعية .
 
ليس موضوع فدك قضية شخصية بين الزهراء ( عليها السلام ) والخليفة الأول : -
 
هذه النقطة لابد وأن تؤخذ بعين الاعتبار وشيء من التحفظ لأنها تمثل جوهر الخلاف بين الزهراء ( عليها السلام ) والسلطة الحاكمة . إننا ومن خلال التحقيق في الأسباب التاريخية لهذه المسألة وجدنا أن هناك قطبين من الصراع , القطب الأول هو الخليفة الأول وأبنته عائشة ووزيره والناطق باسمه والذي صار بعد ذلك الخليفة الثاني , والقطب الثاني وتمثله الزهراء والأمام عليّ ( عليهما السلام ) .
ولا نرى مبرراً للإطالة في التأكيد على أن الأسباب العميقة التي دفعت عائشة إلى الخروج عن الأمام عليّ ( عليه السلام ) هي أسباب تعود إلى أيام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حينما كان الأمير ينافسها على قلب أبن عمه وأخيه , فانقلاب عائشة إنما من وحي ذكريات تلك الأيام التي كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخلو بالإمام في الليل والنهار يجيبه عن أسئلته إذا ؟؟؟؟ فكانت عائشة تحقد على عليّ ( عليه السلام ) وأتسع حقدها حتى شمل الزهراء ( عليها السلام ) أيضاً كل تلك الظروف كانت توصي إلى الخليفة الأول ؟؟؟ نحو الزهراء ( عليها السلام ) وزوجها .
ولا ننسى أنه هو الذي خطبها فرده الرسول ثم تقدم عليّ ( عليه السلام ) لها فأجابه . ؟؟؟ وهذا القبول يولّد أن في نفس الخليفة شعوراً بالخيبة , ثم إن التاريخ يسجل لنا أن أبا بكر هو الذي بعثه الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليقرأ سورة التوبة على الكافرين ولكن ما هي الأ ساعات حتى نزل الوحي ثانيةً أن أرسل وراءه علياً ليأخذ الكتاب منه ويعود الخليفة خائباً فكانّ الوحي شاء مرة أخرى أن يضع أمامه منافسه في الزهراء ( عليها السلام ) الذي فاز بها دونه .
ولا ننسى غزوة خيبر حينما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سأعطي الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فتطاول لها عنق الخليفة الأول والخليفة الثاني ولكن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعرض عنهما ودعا الأمام عليّ ( عليه السلام ) فسلّمه الراية وكان النصر على يديه . فشاء ؟؟؟ أن يجعل الأمير أمام الخليفتين ثانية وهو الذي فاز بالزهراء ( عليها السلام ) دونهما .
ولا بد أن أبا بكر كان يراقب أبنته في مسابقتها مع الزهراء أهما يفوز بقلب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويتأثر بعواطفها كما هو الشأن مع الأبناء خاصةً وأن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان دائماً يردد الحديث المعروف ( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني ) ومقتضى هذا الحديث أنه يجب على كل المسلمين بما فيهم عائشة أن يحبّوا بضعة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
إن التاريخ قد أحتفظ لنا بكل هذه الظروف التي حفّت بإرهاصات الصراع الفاطمي مع الحكومة ؟؟؟؟؟ . ومن المعقول جداً أن يقف أبو بكر موقفه المتصلب والسلبي تجاه فاطمة ( عليها السلام ) خاصة وأهل البيت ( عليهم السلام ) عامة .
وسنتعرض إن شاء الله إلى جملة من الشواهد التي تكشف عن إنعدام القدرة السياسية في إدارة الحكم والدولة لدى أبي بكر حتى أنه التجأ إلى أساليب دكتاتورية وطاغوتية في تعامله مع أهل البيت ( عليهم السلام ) .
وتيجة لكل ذلك فإن قضية فدك تمثل فيما بمثل قضية شخصية من جانب الخليفة دون جانب الزهراء ( عليها السلام ) , وسنعرض لاحقاً أن لها أبعاداً أخرى أيضاً ولكن السؤال المطروح الآن هو كيف نفهم موقف الزهراء مع أبي بكر وهل كانت تتعامل مع موضوع فدك باعتباره قضية شخصية ؟ هل نستطيع أن ندرج حركة الزهراء ( عليها السلام ) وتعاطيها مع مسألة فدك ضمن إطار عقائدي واسع ؟.
Share |