الغاء البطاقة التموينية الغاء الهوية الانسانية !!/عبدالامير الخرسان
Wed, 14 Nov 2012 الساعة : 15:18

هناك مثل قديم يتغنى به الملوك الجبابرة يقول ( جوّع كلبك يتبعك ) لأنهم يضنّون بالشعب أو الانسان ضنّا مقيتا ويصورونه تصورا سيئا بدلا من أن يحتفون به ويكرّمونه ويقدّمون له كل ما يحتاجه من خدمات ومرافق صحية ووحدات سكنية ويحوّلون حياته الى سعادة وغنى وخير ومعروف . لان الدكتاتور والطاغية لا يرى الاّ نفسه ومصالحه ويرى انه فوق الجميع وانه صاحب الجلاله والفخامة والناس عبيده وخدمه وهذا يأتي عن سوءالطبع وخبث النفس وأنانية التفكير وسذاجة العقل وقلّة الوعي وانتفاء الفهم وعدم التدبير وغلبة الهوى وضيق الأفق الذي يمتلكه فهو يعيش بلا ضمير واحساس ولا مشاعر ولا تفكّر أو تدبّر تسوّل له نفسه فعل المنكرات وايذاء الآخرين والتبجّح والزهو دائما في نفسه وروحه وحياته . فمن رافقه أضرّه ومن تركه قتله واحتار الشعب معه . لقد خاطب الله أحد أنبياء بني أسرائيل أن يذهب الى الملك الفلاني ويقول له أسكت عني بطون الجائعين والاّ حلّت عليك لعنتي ونقمتي !!
ان الانسان يختلف عن الحيوان بطبيعته العقلية والتكوينية والسيكولوجية والفسلجية .. ان الانسان يمتلك العقل والهدى والرشد والسنن والقوانين التي تؤهله أن ينظم حياته ومسيرته .. ويضمن سعادته وحريته وأمنه واطمئنانه ..
لقد جعل الله الانسان أفضل المخلوقات عندما قال تعالى ( لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا ) . وقال أيضا ( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ) . ان التقويم في الآية الثانية هذا البناء والتكوين الجسمي والعقلي , المادة الطينية والروح الربانية النورانية هذا التركيب العجيب والخلق الكبير كما قال امير المؤمنين علي (ع) (وتحسب نفسك جرم صغير وفيك انطوى الأكبر) .. لقد انطوى العالم كله في الانسان .. مما ساعد الانسان على الابداع وتفجير الطاقات والمواهب وتقديم المزيد للانسانية والبشرية من ابداعات خلّاقة واختراعات عملاقة واكتشافات عظيمة سخرها لبني جلدته من البشر لتنتفع بها وتستفيد منها ولم يقف العطاء الانساني عند حد مطلقا بل يزداد عطاءه وانتاجه حتى وصل الذروة في هذا العصر العلمي المتطور والمزدهر ..
أن التكريم في الآية الأولى لبني آدم ان الله سخر له المخلوقات كلها وجعلها تحت خدمته من حوانات ونباتات وطبيعة يستطيع أن يسخرها لنفسه وحياته لينتفع من خدماتها وعطائها وذاتها .. كذلك فضّل الله الانسان على كثير مما خلق من عالم المثال الغير مرئي .. كيف لا وقد قال رسول الله (ص) ( ان حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الملائكة المقربين ) وقال ايضا ( حرمة المؤمن أفضل من حرمة الكعبة ) ..
ان الانسان الذي خلقه الله ليكون خليفته في الارض يصلحها ويعمرها ويحولها الى جنة .. والناس فيها سواسية كما هم أهل الجنة تماما كما قال تعالى ( ونزعنا ما في قلوبهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ) اضافة الى الوصف الجميل الذي يصفه الله عن حال المؤمن في الجنة ( ويطوف عليهم ولدان مخلّدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدّعون عنها ولا ينزفون ) .. وهكذا أراد الله للانسان أن يعيش في الحياة كما يعيش أهل الجنة . ويتصف بصفات أهل الجنة من المحبة والمودة والتراحم والتقارب والتآلف لا يقترب منهم الحقد والكره والخلاف والعناد ..
بعد هذه المقدمة التي كنا نسمعها من قادتنا العظام ونوابنا الأسطورة كنشيد وطني حفظناها عن ظهر قلب أو سمفونية موسيقية لمحبي الموسيقى أو قصيدة غنّاء تشفي السقيم لكن دون جدوى , لقد كان الأداء التنفيذي والتشريعي دون الصفر وكان فاشلا بامتياز .. وكانت أمانتهم منتهى الخيانة والجريمة .. وكان دينهم طين ومادة ودنانير يكنزونها ليحمى بها يوم القيامة فيكوى بها كل عضو من أجسامهم الهاوية وعقولهم الخاوية .. وكانت محبتهم بينهم عدوانية وتعصب وتصفية جسدية وعناد وضلال .. مما حول القانون الانساني الى قانون الغاب أحدهم يدمر الآخر ليحل محله .. مما لم يساعدهم في عملية الاصلاح السياسي او الاصلاح الوطني ولا يساعدهم في تشكيل حكومة الأغلية .. ولا أحد منهم يقبل بالمعارضة السلمية كما هي في القوانين والدساتير العالمية وحتى الاسلامية .. حتى علي (ع) في حكومته قبل المعارضة وضمن حقوقها ومطالبها ..
لقد حان أوان الثورة والربيع وقلب كل الموازين على رأس كل مجرم من الذين غرقوا في الفساد واللصوصية والنهب والسلب لثروات الشعب العراقي .. وتركوا الارهاب يعيث فسادا وقتلا وتدميرا بأبناء الشعب العراقي الغيور .. وفوق كل هذا سلبوه كرامته وحريته وارادته ومستقبله .. وجعلوه يتخبط في ظلمات الجوع والفقر والجهل والتخلف والتهميش .. لأنهم حولوه (وبكل أسف أقول) الى بهيمة يركض وراء لقمة العيش .. لماذا هل هذا جزاء الاحسان ؟؟ هل هذا جزاء التضحية والانتخاب في الظروف القاهرة الصعبة ؟؟ هل هذا جزاء الاحترام والاهتمام الكبير ؟؟
انهم سلبوا حق المواطن من رغيف الخبز ولقمة العيش لأن تلك السرقات لا تكفي ولا تسد الجيوب !! ولكن هناك قول مأثور يقول ( ان الحرام كماء البحر كلما شرب منه طلب المزيد حتى يقتله ) لأنه ملح أجاج لا يروي مطلقا . وهذه الكتل السياسية لم تتورع من الحرام وأكل الحرام أبدا وستبقى هكذا حتى تلاقي حتفها .
لقد أسرع السيد المالكي بالغاء البطاقة التموينية رغم بساطة مكوناتها الغذائية لأنهم لم يدرسوا القضية جيدا ويضعوا البرنامج البديل ويؤسسوا الدوائر التي تستقبل عموم الشعب الذي يدخل في التعويض فالقرار ليس حكيما ولا صائبا وينبغي الغاؤه حتى تكتمل البرامج الملحقة لهذا القانون البديل ونرجو أن يكون على أساس المهنية العالية والطموح الأكيد للمواطن وفيه بذور الخير والاصلاح والمعروف وتعويض الشعب عما فاته من الحرمان والمعانات والمأساة التي عاشها في السنين الماضية . والله ولي التوفيق : وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ..