أسطورة مصاص الدماء/محمد خالد السبهان

Thu, 8 Nov 2012 الساعة : 23:55

 

في حضارة بابل عرفت ليليث كونها شيطانة مستهلكة للدم والتي اشتقت منها مثيلتها في الثقافة اليهودية: (:לילית) حيث كانت تعتبر شيطانة تتغذى بدماء الأطفال الرضع. في عدة كتابات عبرية قديمة كانت تعتبر زوجة آدم الأولى قبل حواء وكانت قد تركت آدم لتكون ملكة على الشياطين، وفي نصوص أخرى يذكر أن الله قد عاقبها لرفضها زواج آدم بطردها من الجنة. ولحماية الأطفال من هجمات الشيطانة يقوم الأهل بتعليق طلسم على مهد الطفل لإبعادها عنهم.
 
قصص أخرى مشابهة لقصة ليليث تأتي من حضارة سومر حيث وصفت بحورية جميلة عاقر تسمى "ليليت" تبحث عن حبيب لها وعندما تجده لا تدعه يذهب أبدا وقد وصفت أحيانا بأن الرياح تأخذ شكلها أو كحيوان مفترس يطارد الأمهات وأطفالهن. ألهات بابلية أخرى مثل "أماشتو" و"غالو" قد ذكر أنهم يتصفون ببعض صفات مصاصي الدماء
 
"أماشتو" تتصف بأنها أقدم تاريخيا من ليليث وتعتبر ابنة إله السماء "أنو" وذكر وصفها بأنها مخلوق مرعب ماص للدماء ذو رأس أسد وجسم حمار ولكن بخلاف "ليليت" فهي تحمي النساء الحوامل، خاصة في مرحلة الولادة لكن بعد الولادة تخطف المولود وتأكل لحمه وتشرب من دمه غالبا ما يذكر الثلاثه مجتمعين "ليليت" و"أماشتو" و"جالو" على أنهم أرواح شريرة تهدد كل منزل وكل شخص وبوصفهم ذو خطر كبير، وجعلون من دمائهم تهطل مثل المطر في العديد من الأوصاف. جالو تظهر أيضًا في الثقافة البيزنطية أيضا تحت اسم "جيلو" "Gello, Gylo, Gyllo" بوصفها امرأة شيطانة تخطف وتقتل الأطفال.
 
بعد تراجع تأثير قصص بلاد الرافدين عن مصاصي الدماء، ظهرت بعض القصص المماثلة في سلسلة الحكايات المشهورة ألف ليلة وليلة وتحكي عن مصاصي الدماء أيضًا، والتي تتحدث عن أرواح شريرة حية أو ميتة والتي ممكن أن تتحول لمصاصي دماء. إحدى تلك القصص تحكي عن زواج أمير مع مصاصة دماء تسمى "نديلة" والتي عندما يكتشف هويتها يحاول قتلها. في قصة أخرى اختطاف أميرة من قبل مصاص دماء وثم تحاول الهرب منه بخداعه وفي النهاية تعود لعائلتها.
 
تذكر المثيولوجيا الإغريقية عدد من أسلاف مصاصي الدماء الحاليين، لكن من دون وصفهم بعدم قدرتهم على الموت. منهم "إمبيوسا"، "لاميا" وحيوان الـ (striges) أي حيوان شبيه بالبومة في الميثولوجيا اللإغريقية والرومانية. مع الوقت، الاسمين إمبيوسا ولاميا أصبحا أسماء مصاحبة للمشعوذات وللشياطين تباعا. إمبيوسا هي ابنة "هيكاتي"، ألهة يونانية-رومانية تمارس السحر وتلقي اللعنات. ووصفت إمبيوسا بأنها شيطانة ذات أرجل برونزية تتغذى بالدم وتتحول لامرأة جميلة تغوي الرجال وتقيم علاقة معهم من ثم تشرب دمائهم. لاميا هي ابنة الملك "بيلوس" المصري وعشيقة الإله زيوس السرية. وتقول الأساطير أن هيرا اكتشفت العلاقة وانتقمت بقتل كل ذرية لاميا، أقسمت لاميا على الانتقام وذلك بالتسلل على أمهاد المواليد ليلا ومص دمائهم. كذلك السترغس، يقوم بقتل الأطفال ولكن يقتل أيضًا الرجال اليافعين، وقد وصف بأنه أحد أنواع الطيور الليلية اللاحمة وعلى الأرجح بومة وقد اقتبس لاحقا في الثقافة الرومانية تحت اسم "ستركس" (strix) والذي يقتات من دماء الأطفال. يذكر في قصص فلكلور رومانيا الأرواح والجثث القائمة من قبورها وتسمى "ستريغوي" (:Strigoï) والذي توجد علاقة غير مباشرة بين المصطلح الإغريقي والروماني، وتوجد أيضا في الألبانية "Shtriga" والسلافية "Strzyg. ذكر أيضًا بعض الكائنات ذات صفات مصاصي الدماء في ملحمة هوميروس "أوديسة"، في القصة يقول هوميروس أنه لا يمكن سماع الأرواح الغير قابلة للموت إلا بعد أن تشرب الدم أولا. وفي الملحمة أيضًا ذكر أن أوليس قبل أن يبدأ رحلته داخل جسد هاديس قد ضحى بحمل كي تشرب الأرواح دمه ولكي تكون قادرة على التواصل معه.
في الهند، ذكرت مخلوقات شبيهة بالغول وتسكن الجثث وتدعى "فيتالا" (بالسنسكريتية:vetāla أو वेताल) وذكرت في العديد من القصص الشعبية وعلى الأخص في مجموعة قصص "كاثاساريتساغارا" (Kathāsaritsāgara) منها قصة الملك "فيركاماديتيا" (Vikramāditya) وعن مغامرته اليلية للقبض على إحدى تلك المخلوقات التي شبهت في القصة بخفاش والتي لا تموت وتنام معلقة من رجلها وتسكن المقابر والتي تشبه لحد بعيد شكل مصاص الدماء المشهور في وقتنا الحاضر. مثال آخر هو "بيشاتشا" (Pishacha) وهم عبارة عن شياطين آكلة للحم أو أرواح الأشخاص ذو أمراض عقلية ويتصفون بصفات مصاصي الدماء.يذكر أيضا الإلهة كالي في الثقافة الهندية حيث تملك أربع أذرع وطوق من الجماجم وتلبس الجثث. وقد بنيت لها عدة معابد في أرجاء البلاد بالقرب من المقابر وذلك للارتباطها بالدماء والجثث. وقد ذكرت الأساطير أن كالي وإله آخر هو "دورغا" قد قاتلوا الشيطان "راكتافيجيا" (معنى اسمه بالسنسكريتية ) المتميز بقدرته على أن يتجدد من كل قطرة دم مسالة منه ولكن في النهاية كالي شربت كل دمه لكي تربح المعركة وتقهر الشيطان
Share |