سلبيات اختزال الحقيقة في الحياة الانسانية/عصام الطائي

Thu, 1 Nov 2012 الساعة : 19:23

 

توجد ظاهرة اجتماعية وهي حينما يقيم أي شخص او دين او مذهب او توجه سياسي او اجتماعي او فردي نجد التقييم قاصرا على اما السلب او الايجاب لا تذكر عناصر القوة والضعف لكل من المتبنيات الفكرية والسياسية والعقائدية لكل طرف من تلك الاطراف بينما من المفروض من الشخص المنصف ان يذكر السلبيات والايجابيات لكل طرف ونجد هذه المسالة بصورة خاصة في الحوارات التلفزوينية كما في الاتجاه المعاكس فيحاول ان يبرر كل طرف محاولا ان يذكر كل الايجابيات او كل السلبيات بينما لا يخلو أي توجه ديني او سياسي او اجتماعي او فردي من الاخطاء والسلبيات والانحرافات بمستويات مختلفة ولا يخلو كذلك من الايجابيات .
 
فعلى الصعيد الفردي لا يخلو أي شخص مهما بلغ من كمال في اخلاقه من الاخطاء والسلبيات والتجاوزات بنسب متفاوتة فاذا اريد تقييم أي شخص لا بد ان يذكر السلبيات والايجابيات ومستوى الاخطاء والسلبيات والايجابيات ولكن هناك تقييم عام اساسي كونه شخصية ايجابية او سلبية فهي ضرورية في التعامل او عدم التعامل معها فالشخصية الايجابية يمكن الثقة بها والتعامل معها اما الشخصية السلبية لا يمكن الوثوق بها باي حال من الاحوال ولا يمكن اكتشاف أي شخصية بصورة صحيحة الا من خلال التعامل في الحياة العامة بالاخص وقت الامانة فهل هذا الانسان امين ام لا ووقت الحاجة الانسان بالاخص اذاكان صديق لصديقه او غيره ووقت المواقف الضرورية في الحياة ووقت السفر وغيرها من الامور التي تظهر المعدن الحقيقي لكل انسان.
 
وعلى الصعيد الجماعي على مستوى الاحزاب والتكتلات لا يمكن معرفة الحقيقة بصورة واضحة الا حينما تتقلد تلك الاحزاب المواقع في الحكم فحين ذلك يتبين مصداقية أي حزب وتتكشف حقيقة كثير من الاحزاب وقت المواقف التي تتطلب موقفا مبدئيا بعيدا عن المواقف المصلحية علما ان الكثير من تلك الاحزاب تكون المصالح الحزبية هي التي سائدة الا اذا تجردت عن الانانية والمصلحية .
 
 
 
 
 
وعلى مستوى المذاهب والاديان والاتجاهات نجد هذه الظاهرة حيث كل مذهب او دين يظن انه يمثل الحقيقة اما غيره فلا مصداقيه لكل ما يعتقد وهذه سببه الجهل وهذا ما يجعل الاختلافات تزداد حدة وتظهر المشاكل والازمات وتتلوث الساحة الاجتماعية والسياسية وتصاب بضعف الامن والامان مما يجعل الناس تعيش في حالات قلق دائم ولبيان مصداقية أي توجه لا بد ان يكون محافظا على الامن والامان الاجتماعي والسياسي والا فمهما بلغت أي جهة من ادعاءات فهي فاشلة في ادعاءتها اذا لم تكسب الامن والامان لغيرها.
 
وان مشكلة البشرية في أي نظام اجتماعي لا يستطيع ان يوفر الامان المادي والنفسي والروحي فهو فاشل في متبنياته الفكرية والعقائدية واي شخصية مهما بلغت اذا لا توفر الامان لما يحطيها فهي شخصية فاشلة وهكذا ينطبق على أي حزب او دولة او مذهب وان اختزال الحقيقة لطرف دون اخر هو علامة من علامات الفشل وان من خلال استعراض تاريخ البشرية نجد فقدان الامن والامان هو السائد فقد كانت الحروب الطاحنة هي السائدة في كثير من المجتمعات الانسانية وكان الظلم هو التعبير السائد في كثير من الاحيان.
 
وان المشكلة في أي شخصية او أي توجه اجتماعي او سياسي او فكري او عقائدي يحاول ان يختزل الحقيقة لذاته ويحاول ان يضعف الحقيقة لاي طرف غيره وهذا هو عين الجهل فالجهل الحقيقة اعظم خطرا من جعل التعلم والكتابة فحتى لو كان الشخص يملك عدد لا يحصى من الدرجات العلمية وكان جاهلا بالحقيقة فهو جاهل واي شخص قد يملك سلطة او منصب ولا يتمتع بصفة الثقافة فهو امي حتى لو كان يقرا ويكتب لان الثقافة تجعل الانسان يرى الحقيقة بشكل غير ما يراها أي شخص اخر والمثقف الحقيقي هو الذي لا يختزل الحقيقة لذاته بل يبقى دائما يجعل هناك مساحة من عدم المعرفة يعترف بجهله فيها اما غير المثقف فهو الذي يحاول ان يمتلك الحقيقة لذاته فهو لا يخطا وهو مستقيم في سلوكه وتصرفاته دائما.
 
وان افضل وسيلة لتقويم أي شخصية او أي توجه سياسي او ديني او ثقافي هو بمدى ما يملك من قدرة على المراجعة من خلال محاسبة كل سلوك يصدر منه واي أي شخص ولا يراجع سلوكياته وتصرفاته فهو علامة من علامات وجود الانحرافات الفكرية والعقائدية والسياسية فيه.
 
عصام الطائي
Share |