النقد الثقافي ولغة المبادرات/سعد البدري
Wed, 31 Oct 2012 الساعة : 1:04

الحديث عن النقد الثقافي يأتي ضمن سياقات يراد منها إصلاح وضع فكري أو سلوكي قد ابتعد عن مساره المعتاد, أو على الأقل عمَّا أريد له أن يكون, فالنقد بالدرجة الأساس هو محاولة الإصلاح ورغبة فاعلة في مراجعة الذات, مراجعة تروم إمكانية تجاوز الخلل الحاصل والمؤثر على مسيرتها في طريقها صوب ما تسعى إليه. ليس الحديث هنا عن تفصيل مسيرة التأصيل لهذا المصطلح, إنما هو دعوة للنخب الواعية لتوجيه المجتمع إلى التنمية السليمة ليتسنى للجميع تشخيص المشكلات وتحديد أدوات النقد الحقيقي للذات والغير, في زمن أصبح الإعلام ليس حكرا لمؤسساته المختصة, بل اتسعت دائرته وتخطى أطره الأكاديمية وتنزل إلى الأوساط الشعبية, فتجاوز اللغة الرسمية والزمان والمكان, فإماطة اللثام عن الجوانب غير الرشيدة التي علقت بالسلوك الحضاري والتقدمي للإنسان أصبحت ممكنة, في الواقع السياسي وبعد التحولات التي منحت للشعوب القدرة على تحديده نحتاج إلى نقد يتخطى التمظهرات والتمثيل والفوضى والبنيوية الحزبية ويؤسس لأفق ومنهج إنساني سليم, في عالمنا الذي يضج بعدم الرشد من الحروب والصراعات المختلفة والتطرف الفكري والتخبط في إدارة الملفات الاقتصادية لتتجلى لنا حقيقة ما يجري في واقعنا المعاش والسعي لتصحيح المسارات ومعرفة رجال الإصلاح الحقيقي, عند متابعتنا لمسيرة المتصدين في الشأن الاجتماعي والسياسي نجد في ساحتنا رجال يتطلعون لغد أفضل ويسعون لعالم أكثر سلما وعدالة, ينتمون لمدرسة تتسم بالرؤية الراشدة والعقلية الاجتهادية القادرة على إنارة المجمل بالمبين, فمبادرات تأهيل الطبيعة التي طالتها أيدي الفساد, والسعي لتبيان مصادر الخير ومنحها صفتها الشرعية في أن تكون عاصمة للاقتصاد, والاهتمام بالمعرفة بدعم شريحة الطلاب باستحقاقاتهم المالية, والرؤية الثاقبة لاكتشاف عالم الطفولة الذي يشكل اللبنة الأولى لبناء المجتمع, والنظرة الإنسانية لشريحة المعاقين الذين دفنت طاقاتهم وطموحاتهم في مقبرة النسيان وغيرها من المفردات التأسيسية والفوقية لمسيرة البناء حري بنا أن نسلط الضوء بكثافة نحوها وتقييمها بصدق.