أين نحن من الشرف ؟/باقر العراقي
Mon, 29 Oct 2012 الساعة : 17:05

عندما كنت صغيرا ، سمعت حكاية تداولت على السن الناس لأحد العراقيين والذي كان يدرس الطب في انكلترا ، الحكاية تقول كانت له صديقة انكليزية تنام معه في غرفة واحدة ولمدة ستة أشهر كاملة ، ويبدو أن الغرام اخذ مأخذه منهما وعلى الطريقة الغربية ، وفي أحد الأيام فوجئت الانكليزية بأن صاحبنا العراقي ، كانت له علاقة مع طالبة ايرلندية تعمل في احد الملاهي الليلية في لندن ، أمسكت به من كتفه وقالت له (( لقد أقمت علاقة مع هذه عديمة الشرف وتركتني أنا الشريفة ، لماذا ؟)) هنا ضحك صاحبنا العراقي ضحكة طويلة عريضة ، ورد عليها (الم أكن معك في غرفة واحدة طوال الأيام الماضية ، من أين لكِ الشرف عليها ؟)) قالت الانكليزية أنا مواطنة صالحة لا أخالف القوانين وادفع الضرائب ، وهذه الشابة متهربة من دفع الضرائب وانأ اعرفها جيدا ، عندها فغر فاه وراحت الأفكار تتداول في رأسه من جديد .
كثيرا ما نسمع من السياسيين ومن غيرهم عن مصطلحات (ميثاق الشرف ) وشرف المهنة وكذلك من عامة الناس أفعال وأقوال كما في غسل العار والحفاظ على الشرف وهكذا ، فلو تكلمنا بشيء من التفصيل نجد أن بعض سياسيينا يتجاوز كل الخطوط الحمراء والزرقاء والقوانين الموضوعة ويتباهى سرا وعلانية أمام إتباعه ومريديه بأنه اخرج سجينا أو محكوما عليه ، أو لم يقدم ما في ذمته للنزاهة أو احتال على بعض القوانين ، أو قد يستخدم آخرين كالإعلاميين وغيرهم كأدوات للطعن قي آخرين ،وان انتقدناهم يستشهدون بهذا البيت (لايسلم الشرف الرفيع من الاذى---حتى يراق على جوانبه الدم ) وطبعا لا ننسى بعض زملاؤنا الإعلاميين الذين يستخدمون هذه الأساليب الرخيصة مع أنهم يتبجحون بشرفهم المهني كلما تعرضوا لمضايقة ما ، من هنا وهناك وان كانت بسيطة ، كما لا ننسى المعلم والمدرس والطبيب والمهندس والضابط وكل من يعمل بمقابل سواء كان عاما أو خاصا الغرض منه خدمة الوطن والمواطن.
في مجتمعنا يُعنَف المفعول به وقد تصل عقوبته إلى الإعدام الاجتماعي او الإعدام الحقيقي في أحيان كثيرة ، وقد تكون من قبل آهلة وذويه حفاظا على شر ف العائلة الكريمة أو من قبل الفاعل وعلى طريقة (ريا وسكينه )الشهيرة ، كما انه قد يكون الضحية ولدا أو بنتا لا فرق طفلا أو كبيرا غصبا أو اغتصابا وقصة الطفلة عبير والعشرات بل المئات خير مثال على ذلك .
بالرغم من أنني وضعت كل ما يخص الشرف على طاولة البحث إلا إنني لا أريد الدفاع في هذا المقال عن الزنا ، لكن هناك أفعال اشد من الزنا عند الله أولا وعند كل ذي لب صحيح وضمير حي ،فمالنا نحكم على طفل أو طفلة ، شاب أو شابة أُغتصِب أو أُغتصِبت بالإعدام الاجتماعي مدى الحياة إن بقي او بقيت الضحية حيةً ، والفاعل المستتر دائما لا يمكن الكشف عن اسمه ، لأنه سيبقى طليقا وبحريته التامة مع الاحتفاظ بشرفة الرفيع الذي لا تلوثه أفعال قوم لوط كلها إن عادت علينا ، أهكذا علمتنا الأديان السماوية ؟ ألا ساء مانحكم على مثل هؤلاء وهؤلاء.
أعود بكم مرة أخرى إلى شرف المهنة ، وزير يسرق قوت الشعب مثلا يسرق 30 مليون مواطن ، ويبقى ذو شرف رفيع!! ، برلماني أو مدير عام يزور شهادة ويعتدي على ألاف العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات !! مع ذلك يحتفظ بالشرف ، مسؤول كبير يكذب على شعب كامل والبعض يقول بأنه هو من يوزع الشرف على الناس !!، وتستمر الحكاية هكذا من دون قيود ولا شروط ولا قوانين .
إذن لابد لنا أن نُعَرِف الشرف ، ولماذا لا يذكر ولا يُعَرَف في الدستور العراقي ؟ وكيف لنا أن نتعايش مع هذا الشرف المضلل ؟ ألا يحق لنا أن نستنجد بصديقة صاحبنا العراقي لتعريف (((الشرف )))ولنسأل كمجتمع ودولة وحكومة وشعب أين نحن من هذا الشرف ؟؟