مهمة الابراهيمي في سوريا ودعاة الحرب ومحبي السلام/عبد الامير محسن ال مغير

Mon, 29 Oct 2012 الساعة : 16:13

كان الكثير من المراقبين يتوقعون عدم التزام العصابات الارهابية التي تعبث في سوريا ببنود هدنة الموفد الدولي السيد الابراهيمي خلال عيد الاضحى كون استمرار العنف يصب في مصلحة تلك العصابات لأنه يؤمن استمرار دفع الاموال لها خصوصا وان نسبة كبيرة من هؤلاء امتهنت حرفة الارتزاق بقتل الناس وهي تتنقل من بلد الى اخر لهذا الغرض فتجد الشيشاني مثلا الذي يستعمل المتفجرات في الجزائر ثم ينتقل الى العراق ومنه الى سوريا لدى سماعه بوعود السعودية وقطر بدفع الاموال الا ان ما يثير الغرابة حقا هو استمرار التفاف الغرب وماكنته الاعلامية بالدفاع عن اولئك المرتزقة وكما بدأت الفتنة في سوريا بدفع زمر القاعدة من قبل الولايات المتحدة عبر الاراضي اللبنانية حيث ابتدأت نار الفتنة في ذلك البلد بعد ان فرغت امريكا من اشعالها في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن اما تلك الهدنة فالصحيح كان اول من التزم بها الحكومة السورية والجيش العربي السوري واول من خرقها بتفجير السيارات المفخخة قرب منتزهات الاطفال في كل من دمشق ودرعا هم عصابات اولئك المرتزقة وامتنعت (رايز) ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الامن من ادانة تلك العصابات مع انها تعلم اكثر من غيرها بان من قام بتلك التفجيرات هم المرتزقة متذرعة بقلة المعلومات عنها ويجمع كافة المراقبين بان اول من يوافق على تلك الهدنة هي الحكومة السورية حيث ترى وفي كل لحظة يقوض ذلك البناء الشامخ الذي بناه الشعب السوري وطيلة ما يقارب من قرن كامل على ايدي عصابات ارهابية لا تحمل في ثنايا تفكيرها الا التخريب وجمع المال وكان ما يسمى بجبهة النصرة قد اعلنت منذ البدء عدم التزامها على وقف اطلاق النار وانطلقت تلك الغرائز المدمرة من عقالها ما بعد الساعة (12) ظهرا من يوم الجمعة وهو اول ايام العيد واستهدفت بالمتفجرات واطلاق النار على المتظاهرين الذين تظاهروا بالزام تلك العصابات بالخروج من محلات سكناهم الا ان ماكنة الاعلام الغربي قلبت الحقائق رأسا على عقب لمصلحة الرهط الامريكي الذي يتبعه الأوروبيين بنتيجة شراهة الرأسماليين في تلك البلدان بسحق الشعوب وقد ادرك الرأي العام العالمي الان ومثقفي هذه المنطقة وبنتيجة تجربتي مراقبي الجامعة العربية والموفد السيد كوفي عنان بان اصحاب المصالح الشريرة يريدون لمهمة السيد الابراهيمي ان تنتهي بنفس ما انتهت اليه المهمتين السابقتين في سوريا وعلينا ان نؤكد بان السيد الابراهيمي وبما عرف عنه وعن الشعب الجزائري كشعب عربي مناضل عانى الكثير من ذوي النوايا السيئة فهو كقائد دبلوماسي يدرك مدى صعوبة المهمة التي كلف بها وسيبقى بنظرنا متمسكا بإنجاح تلك المهمة حيث يدرك مدى ما يتخلل المزاعم التي تواجهه من باطل لا يمكن مجانبته فهو عندما يقابل البعض من صغار الساسة في هذه المنطقة ويراهم يتمشدقون بالحرية والديمقراطية لاشك بانه سيضحك بملء شدقيه وهو يعرف حق المعرفة بان هؤلاء ابعد ما يكونوا عن تلك المسميات وان من يدفعهم بالتقول بذلك ليعطوا لأنفسهم ذريعة بدفع الاموال والسلاح لأولئك المرتزقة هم من اكثر الناس شرا وقد اختطوا لأنفسهم وسيلة ومنذ امد بعيد بجعل ابناء هذه المنطقة يقتلوا بعضهم البعض ولابد ان يدرك الان ان تعدد الاوجه من قبل الغرب والذي يأخذ شكل النفاق بقبول مهمته من جهة ووضع العراقيل امامها من جهة اخرى بفرض العقوبات والقيام باغتيال وسام الحسن في لبنان واخر ما في جعبة الغرب تصريح رئيس وزراء بريطانيا يوم 27/10/2012 بان دولته تنسق مع الولايات المتحدة ودول اخرى كما يقول لتدخل طارئ في الشرق الاوسط وكل تلك العبارات بنظر المحللين ما هي الا نوع من التضييق من جهة ورفع لمعنويات المرتزقة من جهة اخرى وفي جميع الاحوال فان مثل هذا التصريح يعتبر تهديدا بالحرب على سوريا كما ان تحركات سعد الحريري بعد اغتيال وسام الحسن بدأت الان تعطي تفسيرها لأبعاد ذلك الاغتيال الذي كان يستهدف اجبار حكومة ميقاتي المعتدلة على الاستقالة وللمخاطرة التي تحيط بلبنان فقد رفض السيد ميقاتي تلك الاستقالة واعتبرها تؤدي لتثبيت تهمة ذلك الاغتيال ضده وهذا صحيح كما ادركت القوى الدولية والاقليمية بان اي تدخل في سوريا بعد هذه المرحلة يؤدي الى تداعيات خطيرة لا يعلم مديات نتائجها الا الله حيث يعطي الحق للشعب والحكومة السورية باستعمال متطلبات جميع اوجه الدفاع عن النفس امام اسراب من الغرائز التي لم تكتف بتهديم بنية المجتمع والمؤسسات السورية وانما تستهدف حياة السوريين انفسهم وبشكل كامل والمحللون يجمعون بان لولب ما يجري على الارض السورية هو التخطيط الغربي والاموال السعودية القطرية والمؤلم انه في يوم 28/10/2012 عرضت قناة الحرة اسلحة كبست من قبل مديرية شرطة الناصرية في المحافظة المذكورة وذكر مدير الشرطة بان تلك الاسلحة معدة للتهريب وهي تشبه الى درجة كبيرة ما يعرضه الجيش العربي السوري من اسلحة يتم العثور عليها بعد هروب تلك العصابات عند مواجهة ذلك الجيش وقد ظهر مواطنين عراقيين في محافظة ذي قار واظهروا استغرابهم بالقول بانهم عندما يؤكدون بان هذه الاسلحة هي ترد باستمرار من السعودية عبر الحدود المشتركة مع العراق لتوجه الى سوريا في حين ينفي المسؤولين الامنيين ذلك مع ان اولئك المسؤولين لو اقتسموا رغيف الخبز مع الشعب السوري في محنته الان لقاموا بالدفاع في حقيقة الامر عن وحدة هذا الوطن وشعبه امام هجمة الظواهري الذي اصبح واضحا يوظف نفسه للقوى الغربية ضد سوريا ويتساءل المرء عما يضنه اولئك المسؤولين في حالة استطاعت زمرة الظواهري لا سامح الله ان تستولي على سوريا هل يبقوا صامدين امام المد التكفيري وهم للأسف الشديد لم يستطيعوا ان يحموا شعبهم من تلك العصابات بفعل وجود حكومة الشراكة الوطنية حيث نجحت القوى الغربية وبما لا يختلف عليه اثنان بتقسيم العالم العربي الاسلامي الى قسمين يصفي بعضهم البعض لصالح اسرائيل التي اصبحت تعلن برامجها دونما خشية بطرد عرب فلسطين لعام 1948 الى الضفة الغربية والاستحواذ على تلك الضفة من خلال توسيع المستوطنات واعتبارها ارض غير محتلة والوقوف بوجه خيار الدولتين واقتطاع سيناء من مصر كحزام واقي لإسرائيل ويقول بعض المحللين ان تصريح الظواهري ليوم 27/10/2012 بالطلب الى محمد مرسي بتوضيح موقفه بما اسماه من تطبيق الشريعة الاسلامية والوضع في سوريا وهل يصدق اثنان لديهم المام بسيط بدراسة تاريخ الغرب مع هذه المنطقة بان تطبيق الشريعة الاسلامية كما يقول الظواهري بماذا تكون حصيلته وباختصار شديد ان تطبيق الشريعة الاسلامية على افتراض حصوله سيؤدي الى تقويض الكيان الصهيوني كما قوضت دويلات الصليبيين في هذه المنطقة ولكن دلائل عدة تشير الى تحالف جديد بين الامريكان والقاعدة كما حصل بالضبط بمواجهة الاتحاد السوفيتي السابق في افغانستان وربما يعتبر من الادلة الهامة في هذا الاتجاه هو تساهل الغرب عن ما ينقل من وجود تآمر على انظمة الحكم في كل من الامارات العربية المتحدة والكويت واذا ما علمنا بان اسرائيل نفسها وبنظر جميع المؤرخين وجدت لتساهم بحماية مصدر الطاقة الرئيسي في الخليج فكيف الغرب والحالة هذه يستطيع السكوت على تغييرات (دراماتيكية) وبهذا الشكل في المنطقة وقد اعجبني حقا قول لاحد الامريكيين العرب كان حاضرا المناظرة الاخيرة بين الرئيس اوباما ومنافسه الجمهوري رومني عندما سأله المذيع ما رأيك بتلك المناظرة فأجاب بالقول (نحن العرب المسلمين اصبحت تنطبق على قضيتنا مع الغرب رواية الثورين الابيض والاسود فعندما أفترس الاسد الاول منهما ثم عاد على الثاني ليأكله فاخبره الاخير بانه قد أكل عندما اكل الثور الابيض) فإذن لا تطبيق للشريعة الاسلامية من رئيس دعا للتطبيع صراحة مع اسرائيل وصرح بانه سيطبق معاهدة (كام ديفيد) كاملة كما صرح وزير الدفاع الاسرائيلي ان تصرف الرئيس محمد مرسي مع حماس هو اقسى من حسني مبارك مع سكان ذلك القطاع وفعلا كان قصف الطائرات الاسرائيلية بعد زيارة شيخ قطر للقطاع عدوانا لا نظير له وغير مبرر ويروم النيل من الفلسطينيين الى اقصى حد بسبب ما يسود المنطقة العربية من تراجع امام الاطماع الغربية ولم يحرك السيد محمد مرسي ساكنا فإذن ان تطبيق الشريعة الاسلامية اذا كان بصيغة ما يطبقه شيخ قطر والسعودية فلا ضير لدى الغرب واسرائيل وإن التشخيص هو نصف العلاج كما يقولون وقد تم للمثقفين العرب والمسلمين وللرأي العام العالمي ما تتعرض له هذه المنطقة من مؤامرة تروم لمجتمعاتها الشر وفي كل يوم يمر يتأكد ذلك فقد رأينا الطائرات الاسرائيلية تقطع الاف الكيلومترات متجاوزة سماء دول اخرى لتقصف معملا بجوار مدينة الخرطوم في السودان وتزعم اسرائيل بان السودان دولة ارهابية الا انها رفضت ان تصرح بقيامها بذلك العدوان كرفضها المستمر بالإقرار بما تملكه من ترسانة نووية فإذن ما على الدول المحبة للسلام والمدافعة عن تاريخ هذه الامة الا ان تقف موقفا صلبا كما على الدول الكبرى المحبة للسلام ايضا ان تخرج على العقوبات الجائرة التي فرضت على كل من سوريا وايران وان اول من يعاني منها في حقيقة الامر هما الشعبين الايراني والسوري حيث صرح كبار الساسة الروس بان تزويد المرتزقة في سوريا بصواريخ (سنغر) المضادة للطائرات والامريكية الصنع والمحمولة على الكتف بانها تشكل مخالفة صريحة للاتفاقيات الموقع عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وتدرك الدول الكبرى سيما روسيا ابعاد الاطماع الغربية التي تستهدف تلك الدول بعد تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة في هذه المنطقة ان لم ينته المطاف فيها الى حرب لا تبقي ولا تذر فان تلك الاسلحة ستستخدم ضد قوات الامن الروسية وهو ما يستهدفه الامريكان فعلا وقد تناقلت وكالات الانباء صباح يوم 29/10/2012 بان الجامعة العربية اصدرت قرارا طلبت فيه تبني ما اسمته بالحد الادنى لما موضوع في المسألة السورية وربما ما دفع الجامعة الى مثل هذا التبني هي المخاطر التي بدأت تحيط بدول الخليج والاحداث التي نجمت عن قيام الطائرات الاسرائيلية بقصف غزة ومعمل الاسلحة السوداني والتصريحات الخطيرة التي بدأ ينطق بها نتنياهو بالوقوف بوجه حل الدولتين وحصوله على استفتاء بطرد عرب فلسطين لعام 1948 الى الضفة الغربية واعتبار تلك الضفة ارض غير محتلة لتوسيع الاستيطان فيها كل ذلك ابرز معطيات خطيرة ولابد ان يدرك الشعب في سوريا بان الحد الادنى اذا ما تضمن اشتراط اي اختلال في البنية الهيكلية للدولة السورية بتطبيق ما حصل في اليمن مثلا فان الاخذ بتلك الدعوة يمثل خطأ غاية في الخطورة لأنها ستؤدي الى انهيار كامل للدولة في سوريا حيث علي عبد الله صالح يعتبر المعتمد للسياسة السعودية في اليمن وهي التي بذلت قصارى جهدها للحفاظ بتركيبة نظامه على امل ان تعيد له الاعتبار في المستقبل بإعادته الى السلطة اما السوريون فأي تبني لهذه الفكرة سواء عن سذاجة او خبث ستكون نتائجه سيئة سيما وان دول الجوار السوري ادركت الان مدى المخاطر التي تحيط بها فالسلفيون بدأوا يرفعون عقيرتهم في الاردن كما ان لبنان بدأت المؤامرات تحيط به ايضا اما تركيا فهي تعلم علم اليقين بان اي تورط لها في حرب خارج حدودها وخلاف ما أعتاده الاتراك منذ الحرب العالمية الاولى ولحد الان سيؤدي الى كوارث بتركيبة الدولة التركية ولكثرة الاقليات فيها فإذن لابد ان يكون الحل هو جلوس الاطراف السورية الى طاولة تضم السوريين فقط ودون اي تدخل ومن قبل اي جهة كانت في تلك المداولات بغية الوصول الى الحل الذي تعبر من خلاله سوريا الى شاطئ السلام وفي جميع الاحوال فالمراقبون يتوقعون ما سيصل اليه الامر بانتصار الشعب السوري والجيش العربي السوري في ذلك البلد بنتيجة صموده خصوصا وان سوريا لم يفسح لها المجال باستكمال اجراءاتها بما يؤدي الى الوئام بين الحكومة والمعارضة السياسية فيها حيث وضع دستور جديد واجري استفتاء عليه كما حصلت انتخابات جديدة وشكلت حكومة جديدة من خلالها الا ان دعاة الشر ومن لا يريدون الخير للشعب العربي السوري سارعوا بزج ادوات الفتنة الى داخل الاراضي السورية للحيلولة دون انجاز تلك الاجراءات حيث يعلمون علم اليقين وبنتيجة مستوى الوعي في سوريا فإن ذلك الشعب سيستطيع تسوية اموره دون تدخل ما فالمسائل المختلف عليها اذا ما وجدت فستجد طريقها الى الحل واي مواطن في سوريا لم يكن مستعدا ان يسلك طريق كالطريق الذي سلكه اولئك الاشرار لتدمير بنية ذلك المجتمع وتعريض وحدته للخطر .

Share |