كيف نحول الحرام إلى حلال في حياتنا" المصارف الأهلية نموذجا"/صبري الناصري

Sat, 27 Oct 2012 الساعة : 13:17

 

قال المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي خلال صلاة العيد الاضحى المبارك إن كثيراً من المحرمات التي يرتكبها الإنسان في حياته، يتمكن من تحصيل نفس النتائج بطريق محلل فتتحول نتائجها من التأثير السلبي إلى الإيجابي، لكنه لقلّة تفقّهه وعدم جدّيته في السير على وفق ما أراده الله تبارك وتعالى فإنه لا يوفّق لذلك ويتورط في المعاصي ويبتلي بآثارها في الدنيا والآخرة."
فالبعض يتصور أنه لا يحق للشخص أن يأخذ ربحاً على البضاعة التي يشتريها لشخص بناءً على رغبته أو طلبه والإمام (عليه السلام) يجيب أن هذه المعاملة لها حالتان، إحداهما محللة والأخرى محرمة، فالمحلّلة أن تشتري لنفسك بحيث يكون الآخر مخيّراً بين المضي في رغبته بالشراء أو عدمها ثم تبيعها له بالربح الذي تشاء، والمحرّمة أن تشتري وكالة عنه وبأمره بحيث يكون الشراء له وهو ملزم بأخذها لأنك مجرد وكيل له وهنا لا يجوز أخذ زيادة على ثمن شرائها.
ومن الشواهد القريبة ما حصل مؤخراً في الأزمة المالية التي بدأت بأمريكا عام 2009 وعصفت بأوربا ولا زالت دول –كاليونان- مهددة بالإفلاس، وبعد التحليل والدراسة اعترفوا بأن سبب المشكلة هي الفوائد الربوية، وقد وجدوا أن المصارف الإسلامية كانت بمأمن من هذه الأزمة رغم قساوتها؛ لذا تضاعف الإقبال على هذه المصارف حتى من غير المسلمين، بل دعت بعض الدول الغربية –كألمانيا- إلى اعتماد النظام الإسلامي في المصارف.
ونقول لأصحاب هذه المصارف أنه يمكنكم تقنين عملكم على وفق الشريعة فتتخلصون من هذا الإثم العظيم مع تحصيل نفس الفائدة، ونقدّم هنا طريقتين ليس فيهما أي تعب لأنهما تُنفّذان بالكلام فقط، وقد مرّ قول الإمام (عليه السلام): (إنما يُحلّ الكلام ويحرّم الكلام) وهما:
(الأولى) إذا كان الزبون طالب المال يريد شراء عقار أو سيارة أو بضاعة ونحوها فبدلاً من أن يعطيه المصرف مليون دينار ويطالبه بمليون ومائة ألف دينار مثلاً ضمن أقساط معينة، يقوم المصرف بشراء البضاعة بمليون دينار ويبيعها بمليون ومائة ألف دينار على صاحب الطلب بالتقسيط الذي يريده المصرف وبالزيادة التي يطلبها.
(الثانية) إذا كان الزبون يريد مالاً فلا يتم قرضه مباشرة وإنما يبيعه عملة أخرى كالدولار أو اليورو بالآجل بزيادة النسبة التي يريدها ويشتريها منه نقداً، مثلاً أراد الزبون قرضاً مقداره ستة ملايين دينار وهي سعر (5000) دولار نقداً ويريد المصرف أن يحصل فائدة مليون دينار لمدة سنتين، فيقوم المصرف ببيع خمسة آلاف دولار بسعر سبعة ملايين دينار بالآجل وفق الجدول الزمني المقرّر، فيثبت هذا المبلغ في ذمة الزبون، والدولارات في ملكه ثم يشتريها المصرف منه بستة ملايين دينار نقداً فتعود الدولارات إلى المصرف ويحصل الزبون على المبلغ الذي أراده وهو ستة ملايين دينار ويبقى مديناً بالملايين السبعة للمصرف، والعملية لا تأخذ أزيد من دقيقة واحدة في القبض والإقباض.
إننا نرى من واجبنا نصح وإرشاد الناس وإنقاذهم من طاعة شياطين الجن والإنس وما يبتدعونه من الضلالات والعياذ بالله.
وهذه الحلول نقدّمها للتخلص من الحرام، والمطلوب منّا أكثر من ذلك وهو أن نفعل ما فيه رضا الله سبحانه من خلال القرضة الحسنة الخالية من الفائدة، والاسترباح من خلال العمل المثمر وأهم أفراده التجارة، أما الاسترباح من نفس المال من دون عمل فهو أمر مرجوح شرعاً حتى لو كان حلالاً، فالطريقة الأولى أفضل من الثانية، لذا كُرِه بيع الصرف وهو بيع العملات ببعضها.
إن استيعاب النظام الإسلامي لهذه التعاملات وتقنينها وفق الأُطر الشرعية دليل على خلوده وقدرته على قيادة المجتمع البشري في كل حين وإدارة جميع شؤونه، بل له القدرة على التعايش مع النظم الوضعية حتى مع إقصائه عن قيادة المجتمع"
Share |