رؤيا لخريف العمر- عقيل الموسوي-المانيا

Sat, 25 Jun 2011 الساعة : 10:07

جميلٌ أن يكون لك هدفٌ تسعى لتحقيقه , ولكن الاجمل أن تهتديَ الصراطَ المستقيم للوصول اليه ... فقبل نيّفٍ وعشرين عامٍ قرأت في احدى الصحف العراقية مقالاً ضمّنه كاتبه رسالةً يحدّث بها نفسه قبل عشرين عام , كيف كان .. وكيف أصبح , ويضع اصبعه على هفواتٍ مرَّ بها دون ادراكٍ لما سيترتب عليها من امور كان لها الأثر الواضح في تحديد مستقبله , أعجبني وقتها أن أعكس الفكرةَ وأخطَّ رسالةً احدّث بها نفسي بعد عشرين عام .. ولضبابيةٍ في مستقبلنا حينها ولأهمالٍ مني بقيت الفكرة دون تنفيذ لسنتين ربما , حتى جاء العام 1991 , وحين كانت القوات الدولية تكيل الى عراقنا الضربات التي أتت على كل بُناه التحتية والفوقية , وقتها اصبح استقراء المستقبل واضحا أمامي .. فكانت هذه الرسالة التي اخطها اليوم دون تحريف لكلماتها وأنا اعيشها بل وعشتها ايضا وبكل تفاصيلها وكأنها نبوءة حقق الله بها ما أردته لنفسي , وكان عنوانها ( رؤيا لخريف العمر ) الرساله ....
من عقيل الموسوي عام 1991.....الى عقيل الموسوي عام 2011
صلعة واسعة تناثرت عليها شعيراتٍ لم يخالطها الشيبُ بعد .. تلك هي العلامة الاولى التي جعلتني اتحسس وجودك وأيقنتني بأني لاأنظر الى المرآة , هذا اذا ما تناسينا وجود اللحية الكثّة وقد خالطها بعض الشيب وظهور بعض التجاعيد على الجبهة والمحيّا .. تلك هي آثار الزمن القاسي الذي مررت به ومالحقك من تعبٍ نفسي وجسدي جرّاء اللهاث وراء لقمة العيش الشريفة في بلادك حيناً وفي بلاد الله الواسعة احيانا. معذرة ايها السيد المحترم فأنا عندما اخاطبك بهذه اللهجة لا اريد ان اخبرك بأنك شارفت على أنهاء العقد الخامس من المهزلة التي تُدعى (الحياة) , ولا اريدك ان تعود بذاكرتك الى عشرين عامٍ خلت لتهيج ماضٍ احلى مافيه امرّ من المر وأمرُّ مافيه اطيب من الحاضر وتذكر ما فارقت خلالها من وجوهٍ عزيزة واخرى اعز , اجل .. فلا اريد لك لا هذا ولا ذاك , وكل ما اريده هو الالتفات الى وضعك الذي تعيشه بعيداً عن الاهل والاحبة .. بعيداً عن الوطن والاصدقاء .. بعيداً عن مسقط الرأس وملاعب الطفوله .. بعيداً عن هدهدة الام بصوتها الشجي .. بعيداً شقاء الدراسة وشقاواتها .. اقول هذا لأسأل, أما آن آوان الاستقرار بعد كل ما لاقيت من شقاء؟ ..أما آن لك أن تطلق حياة الغربة بعد حصولك على الذي حصلت عليه ؟ .. أما آن لأطفالك أن يترامَون في احضان عمومةٍ لايعرفون من كيانهم سوى الاسماء ؟؟ أقول كلامي هذا وأعود لأستغفر الله لي ولك , لأني سأكون كاذباً وأن صدقت في تنبؤاتي , فقد يسبقك الزمن بسنواتٍ فتنعتُ بأنك ذو حظٍ عاثر .. وقد تساير الزمن او تسابقه .. وفي كل الاحوال فأنك لن تحصل الا على ما كتبه الله لك اضافة لبصماتٍ يخلفها الزمن القاسي في أرقِّ ساعاته .
عزيزي السيد المحترم .. لا اريد ان افخر امامك كما لاأريدك ان تلومني حين اخبرك بأني اعتصر حاضري من اجل مستقبلك .. اجوع من اجل ان تشبع .. اتعب من اجل ان ترتاح .. احزن كي اسرّك .. ازكّي نفسي من اجل سمعتك .. وأستغفر الله طلباً لك الرحمه .
اخيراً .. ارفع يدَيَّ بالدعاء .. أن يعينك الله على حمل أعبائك وتوفيقك لما يحب ويرضى .. وأدعوك لأن تكون مع الله تعالى كي يكون الله معك .. وسلام عليكم ورحمة واسعة وبركات .
عقيل الموسوي
22 رجب 1411
8 شباط 1991

Share |