الامام الباقر (عليه السلام) وتحديات العصر !!/عبدالامير الخرسان
Thu, 25 Oct 2012 الساعة : 0:18

السلام على مظهر علم الله .. السلام على ترجمان وحي الله .. السلام على خليفة رسول الله وابن خلفائه .. السلام على ولي الله وابن أوليائه .. السلام على صفي الله وابن أصفيائه .. السلام عليك يا باقر علوم الأولين والآخرين ورحمة الله وبركاته ..
وظيفة الأئمة الشرعية والسياسية هي تبيان الحكم الشرعي في جميع المسائل التي تعرض عليهم والتي يحتاجها المشرّع في الحكم والسياسة بلا خوف أو وجل لأن الأحكام الشرعية والقانونية المحقّة من عند الله سبحانه .. فلا بد للإمام أن يشرع كل القوانين التي تمثل الدستور في الحكم والتي يستند فيها الى الأدلة الشرعية من القرآن والسنة النبوية الشريفة . فهو مصدر الشريعة الإسلامية في زمنه .
ان الأئمة (عليهم السلام ) يمتلكون المنزلة العظيمة في القلوب والتأثير الكبير على الأمة لذا حسدهم الحكام الأمويين والعباسيين ووعّاظهم وذيولهم والمنتفعين منهم على منزلتهم وعلى عظمة علومهم التي ترتقي بالواقع وتناسب طموح المواطن..
إن العلم والورع والزهد كانت الأسس التي يستند عليها الحكام في إمرة المؤمنين وإمرة الشعب , فإذا عرف الشعب أن هناك من هو أفضل منهم علما وورعا وزهدا سقطت حجتهم من الناحية النظرية ! لذا كان الحكام يكيدون للأئمة المكائد ويثيرون حولهم الشبهات أمام الناس من أجل إسقاطهم في نظر الناس بأنهم لا يملكون العلم الورع والزهد .. وربما يوجه السلاطين اللوم على الأئمة في بعض المسائل لكن الأئمة يردّون عليهم الرد العنيف ويثبتوا لهم جهل السلاطين بالحكم الشرعي . مثل قضية عبدالملك بن مروان الخليفة الأموي مع الإمام زين العابدين عندما تزوج بجاريته عندما أرسل له رسالة يعنفه على زواجه من جارية مجهولة النسب وهو بن رسول الله .. فرد عليه الإمام ردا عنيفا فقال له( قال رسول الله (ص) لقد رفع الله الخسيسة بالإسلام وأذل العزيز بالكفر), فألقمه حجرا .. وعندما هدد ملك الروم عبدالملك بن مروان اذا لم يستعمل العملة الرومية سوف يصنع عملة يتكلم فيها على الله ورسوله واحتار هو وعلمائه من الوعّاظ فأشاروا له بأن يرسل على الامام زين العابدين (ع) فأرسل له الإمام الجواب مع ولده الإمام الباقر بأن يعملوا عملة نقدية إسلامية يكتب في وجه لا اله إلا الله والوجه الآخر يكتب عليه محمد رسول الله ويصدر أمر لكافة الأمة الإسلامية أن لا يتعاملون بالعملة الرومانية ويتعاملون بالعملة الإسلامية الجديدة وبهذا حفظ الإسلام والمسلمين من التهديد والإساءة .. وأنجح التخطيط الإلهي على يد الإمام الباقر (ع) .
قال أبو حنيفة أعلم الناس أعلمهم في اختلاف الناس , كان الإمام الباقر (ع) لا يكلم اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية وكل فرق المسلمين إلاّ ألزمهم الحجة وكانوا يقولون والله انه أولى الناس بالخلافة من هؤلاء الخلفاء الجهلة الظالمون الغاشمون ..
ان تقريب الحكام لأهل البيت (عليهم السلام) ليحصلوا منهم على الشرعية والقبول عند الأمة والشعب .. لكن الأئمة رفضوا ذلك ولقد كلفهم هذا الرفض حياتهم ولكنه هو الجهاد بعينه لأن الجهاد باختصار هو كلمة حق أمام إمام جائر . قال هشام بن الحكم صفات الإمام ( خليفة رسول الله المنصوص عليه من الله ورسوله )هي :
1 – ان يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله وسننه وأحكامه , حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل .
2 – أن يكون معصوما من الذنوب كلها ( صغيرها وكبيرها بالاختيار ) .
3 - أن يكون أشجع الناس .
4 – أن يكون أسخى الناس .
من هنا ينبغي على الحاكم المسلم والنائب في البرلمان والوزير والمسئول والموظف أن يعصم نفسه من الذنوب كبائرها وصغائرها ويكون له ورع وخوف من الله يعصمه من الوقوع بالخطأ أو اقتراف الذنوب والمعاصي . وأن يبتعد عن الظلم والجور ولا يقترب من السرقة لأموال الشعب ويكتفي براتبه وأن يكون راتبه مساويا لرواتب العامة من الناس . هذا إذا كان زاهدا في حياته لأن الزهد ان لا يملكك المال والجاه والسلطان والرغبة والهوى فيذل الإنسان ويحط من قدره .. بل الزهد أن تتمرد على حياة الترف والملذات وحياة البطر والتبذير والإسراف وان يقتصد الإنسان في سلوكه ومعيشته ويكثر من المعونة للمحتاجين والفقراء والمساكين واليتامى ليحتسبه الله زاهدا في دنياه طالبا لآخرته ..
إن المسئولية تتطلب الشجاعة والبسالة لمحاربة الإرهاب والجريمة والظلم حتى القضاء عليها .. ومنع السرقات .. وخصوصا سرقة الشرفاء والوزراء والنواب والمسئولين وان يكونوا كرماء أسخياء لا يمنعون أحدا من العطاء خصوصا من ثروات الشعب والوطن لأنها ثرواتهم ويجب أن تعود اليهم .
ينبغي ان لا يفتقر المواطن في ظل حكومته بل يكون الجميع برفاه وخير وعافية هذا من جهة .
أما من الجهة الأخرى ينبغي على كل فرد من أعضاء الحكومة والبرلمان والوزراء والمسئولين أن يكون عالما بالدستور يحفظ بنوده ويعلم دقيقه وكبيره بشفافية وعلمية لا ينسى معها كل حرف وكل معنى من معانيه ليسهل عليه تطبيقه بل ويعمل جاهدا على تطبيق القانون .. كذلك يجب ان يكون الجميع عالما بفنون السياسة وقوانينها وبنودها وتطبيقها تطبيقا صحيحا من غير انحراف او اعوجاج ..
نحن نعيش في ضل التمزيق السياسي والصراع السلطوي والمصالح الشخصية والفئوية والحزبية وينبغي على هؤلاء المسئولين أن يذوّبوا خلافاتهم من أجل المواطن ورفاهيته وخدمته وتوفير مستلزمات حياته كلها . ومن أجل الوطن وبنائه بناءا سليما والارتقاء به نحو التطور والتقدم والازدهار ..
إن الإمام الباقر (ع) هو نعم القدوة لنا في كل أعماله وسلوكه وعلمه وقداسته وروحه المنطلقة نحو الله والإنسان والاعمار .
في حياة الإمام الباقر عدة مناهج تصلح لنا في سلوكنا وتعاملنا فيما بيننا وفي ما يرضي الله ورسوله ويرضينا أيضا لأن النفس البشرية لا يرضيها الاّ ما أحب الله لها وفرض عليها من حقوق وواجبات وهذا ما نتعلمه من الإمام المعصوم (ع) .
• نذكر من مناهج الإمام الباقر (ع) العملية :
• 1 – تأسيس جامعة إسلامية كبرى تدرس المناهج الفقهية والعقائدية وتفسير القرآن والتربية والأخلاق .
• 2 - التزامه المنهج الأخلاقي في التربية والتعليم والرد على مسائل واستفسارات المسلمين وغير المسلمين مما أدى إلى أسلمة الكثير من الملحدين والزنادقة وصاروا أساتذة العقيدة وعلم الكلام . وهناك الكثير من الأمثلة والقصص في السيرة .
• 3 – التحدي للواقع الفاسد آنذاك والتحدي لكل الحكام الأمويين الذين عاصروه واستطاع أن يفرض سيطرته الامامية ويرصد الواقع ويعالجه بشفافية وسهولة واستعان به خلفاء عصره في حل كثير من القضايا المعقدة التي واجهتهم في التشريع أو الحكم أو السياسة الخارجية التي واجههم بها الروم وكيف استطاع الإمام ان يحل لهم هذه القضايا المصيرية ليبعد عن الأمة الإسلامية شرور الأعداء .
• 4 – استطاع الإمام أن يفرض المجالس الحسينية ويقيم العزاء الحسيني بين المسلمين حتى ازداد عدد الشعراء والقرّاء والمنشدين في عهده ..
• 5 – استطاع الإمام (ع) أن يربي جيل إسلامي مثقف وواعي يطالب بحقوق المحرومين ويثور بوجه الباطل والاستغلال والاستبداد ..
• 6 – أنشأ الإمام فروع ومراكز إسلامية في العالم العربي والإسلامي ليصل التعليم الإسلامي إلى كل المناطق البعيدة عن مركز الإسلام في المدينة وليعم كل المسلمين حق التعليم والتربية والإرشاد .
• 7 – خلق قيادات فكرية توعوية من المراجع والوكلاء والمبلغين والمثقفين تتبنى التربية والتعليم في كل الأقطار ..
• 8 – التزم الإمام المنهج الروحي في كل حياته وأوصى بها أبنائه وشيعته وكانت آخر وصاياه الالتزام بالصلاة منهجا وسلوكا وعملا لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من لم تنهه صلاته عن الفحشاء لا صلاة له وفي حديث ازداد بعدا عن الله سبحانه .. أعاذنا الله واياكم من الابتعاد عن ساحة القدس الالهية وأسأل الله أ، يشملنا بعفوه ولطفه وإحسانه انه قريب مجيب . والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وآله الطاهرين ..