الفلاح الحكيم/سيد صباح بهبهاني
Wed, 24 Oct 2012 الساعة : 23:08

بسم الله الرحمن الرحيم
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } سورة الرعد/28 .
خرج أحد الملوك يتنزه فرأى فلاحا يحرث الأرض وهو
مسرور يغني في نشاط وابتهاج
فسأله الملك وقال له : أيها الرجل أراك مسرورا بعملك
في هذه الأرض فهل هي أرضك ؟
فقال الفلاح : لا يا سيدي إنني أعمل فيها بالأجرة
قال الملك : وكم تأخذ من الأجر على هذا التعب ؟
قال الفلاح : أربعة قروش كل يوم .
قال الملك : وهل تكفيك
قال الفلاح : نعم تكفيني وتزيد ، قرش أصرفه على عيشي
وقرش أسدد به ديني ، وقرش اسلفه لغيري ، وقرش انفقه
في سبيل الله .
قال الملك : هذا لغز لا أفهمه .
قال الفلاح : أنا اشرح لك يا سيدي:
أما القرش الذي أصرفه على عيشي فهو قرش أعيش منه أنا وزوجتي .
وأما القرش الذي أسدد به ديني فهو قرش أنفقه على أبي وأمي
فقد ربياني صغيرا وأنفقا عليا وأنا محتاج وهما الآن كبيران
لا يقدران على العمل .
وأما القرش الذي اسلفه لغيري فهو قرش أنفقه على أولادي
أربيهم و أطعمهم وأكسوهم حتى إذا كبروا فهم يردون الينا
السلف حين نكبر .
أما القرش الذي أنفقه في سبيل الله فهو قرش أنفقه على أختين مريضتين .
فقال الملك : أحسنت يا رجل وترك له مبلغ من المال وتركه وهو متعجب من حكمة رجل بسيط .
وإن هنالك مشكلة عند بعض المؤمنين، وهي أنه يترك عالم الأسباب، بمعنى أنه لا يسعى لتأمين قوته ورزقه، ويتصور بأن هذا من أنواع التوكل على الله عز وجل.. والحال بأن العالم عالم الأسباب، والذي لا يسعى لا يحصل على قوته.. صحيح أن هنالك استثناء ، كالسيدة مريم (عليها السلام) حيث أنها لم تكن تسعى للطعام، ولكن كانت تأتيها المائدة السماوية وهي في المحراب..لقوله تعالى : { زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} فهذه مسألة شاذة، وليست بقاعدة .
فيا عيوني اسكبي على بني بنت النبي * بفيض دمع ناضب كذاك يبكي العاقل .
والهدف الله باليتامى والأرامل والمعوقين وصلة الأرحام حتى نربط عاطفتنا الإسلامية الإنسانية بعطفه كما قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : أن الله خلق خلقاً من رحمته لرحمته برحمته وهم الذين يقضون حوائج الناس فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن .ولنكن من الذين يتنافسون في الخير ويداً بيد لتعاون والتآخي من أجل حمل هذه المسؤولية وتنفيذ الأمر لنشر هذه المناسك التكافلية والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين
سيد صباح بهبهاني البهبهاني