الشعور بالمظلوميه ...هاجس يقود للفساد والسرقه/صادق الغرابي
Wed, 24 Oct 2012 الساعة : 2:14

حين يشعر الموظف بأنه لن يتقاضى الأجر والمخصصات التي يستحقها جزاء ما يقدمه من خدمات وجراء ما يدر عمله للدولة أو المؤسسة من كسب مالي كبير مما يدفعه إلى سلوك الاختلاس بمختلف أشكاله لرفع هذا الظلم عنه .هنالك في الجانب الاخر شعور يجر صاحبه بأن يكون كالموظف ويسلك طريقه
وقد اخذ موضوع الشعور بالمظلومية في بلدنا خصوصية خاصة ، فاغلب من اعتلى كراسي المسؤولية في عراق ما بعد التغيير يشعر بأنه تعرض إلى ظلم فاضح طوال سنوات نفيه، أو سجنه، أو معارضته للنظام السابق،وان الدولة والمجتمع مدينة له في كل شيء ، مما يبرر له الاستحواذ على المال بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة لتعويض ما فاته ، ومما يزيد هؤلاء اندفاعا هو شعورهم بالقلق وعدم الثبات والاستقرار في ظل وضع مرتبك وهو عرضه للتغير والاستبدال وترك المنصب مجبرا أو مختارا مما يتوجب عليه الحصول على اكبر كمية من المال والأملاك والحيازات في الداخل والخارج كضمانة لحياة مرضية له ولأبناءه في قادم الأيام فقد تضطره الظروف إلى مغادرة البلاد ثانية والعودة إلى بلاد المهجر خصوصا وان اغلبهم مزدوجي الجنسية ، وليست بحاجه إلى ذكر الأسماء والأمثال لمثل هذه النماذج والشخصيات وهي تستغل ارفع المناصب في الدولة ومؤسساتها ممن كشف النقاب عنهم وبالتأكيد إن المستور اكبر من ذلك بكثير .
كذلك فان من أسباب هذا السلوك هو قلة الرواتب والحوافز المادية المخصصة للموظف أو المسئول فيجعله يعيش حالة من شظف العيش والضنك المادي، مما يدفع العديد منهم ممن لا يملك الحصانة الذاتية ولا يمتلك من قوة الردع الذاتي الذي يحول بينه وبين ارتكاب جريمة اختلاس المال العام أو المال المؤتمن عليه في المؤسسات الأخرى . ويجب إن لا يغيب عن البال إن هذا المبرر أصبح ضيقا إن لم يكن متواريا تماما خصوصا في المراتب العليا من السلم الوظيفي في العراق بسبب ارتفاع المرتبات بشكل كبير، ولكن رغم ذلك نرى استمرار واستفحال عمليات الاختلاس من قبل هؤلاء الأشخاص للحصول على المزيد من المال والثروة ،فيما نرى نزاهة الكثير من الموظفين الصغار ذوي المرتبات المتدنية، مما يستوجب ألبحث عن أسباب هذه الظاهرة في الوضع والتنشئة النفسية والاجتماعية للفرد وفي الخلل والثغرات الكبيرة في قوانين الدولة وضوابطها مما يفسح المجال أمام هؤلاء المختلسين للإقدام على مثل هذه الجرائم الخطيرة التي تلحق ضررا بالغا بالصالح العام وسمعة وهيبة الدولة.
كذلك ضعف أو فساد الأجهزة الرقابية للدولة، بل وتغاضيها عن مثل هذه الجرائم حتى في أعلى مؤسسة رقابية في الدولة العراقية – البرلمان – بسبب حالة المحاصصة ونهج (( شيلني وشيلك )) و((سترلي وسترلك )) لتورط الكثير من أفراد ومنتسبي وقيادي هذه الكتل السياسية في جرائم نهب واختلاس للمال العام هذا ما نعلمه من خلال النزر اليسير الذي يتسرب للرأي العام العراقي والذي ينضح من إناء القوى الحاكمة عند الاختلاف فيما بينهم وصراعهم حول المكاسب والامتيازات فنجد التواني عن فساد فلان أوعدم نزاهة علان ضمن صفقات متبادلة بين القوى المتحاصصة، والأمر من هذا لم نشهد معاقبة، أو محاسبة، أو على الأقل استرداد المبالغ المختلسة والمسروقة والمنهوبة من قبلهم إلى خزينة الدولة باعتبارها أموال الشعب الجريح والمحروم ولا يمكن التنازل عنها لأي سبب من الأسباب ولا يملك أياً كان الحق في إهدارها بل هناك نية في أصدار عفو عام عنهم.وهذا دليل عملي على ان ((حاميه حراميه ))
