الفضائيات العربية... الطريق إلى الجهل؟/محمد خالد السبهان

Sat, 13 Oct 2012 الساعة : 23:44

 

«قبل التعرض للمشهد الإعلامي العربي أردت عن عمد أن تتصدر تلك المقولة السقراطية واجهة الدراسة: «ليس من الضروري أن يكون كلامي مقبولاً، ولكن من الضروري أن يكون صادقاً». أما غوبلز وزير الإعلام النازي في زمن هتلر، فقال: «أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطِك شعباً بلا وعي». فالمقولتان وإن ظهرتا في تضاد إلا أنهما تبرهنان على قيمة الصدقية أو انعدامها في بناء وعي الشعوب». بهذه الكلمات استهل الكاتب طلال سيف كتابه «الفضائيات العربية – الطريق إلى الجهل» الذي اعتبر فيه أن الكارثة الحقيقية التي نواجهها هي ظهور إعلام جديد على الساحة الإعلامية العربية. وهو الإعلام «الاثني» إن جاز التعبير. ذلك الذي خرج من رحم السلطة والثروة في آن تحت اسم القنوات الدينية، إضافة إلى إعلام رجال السياسة الأثرياء. تلك النماذج التي لا توصف إلا بالكارثية على مستوى المواد المقدمة لتعليب الوعي العام وتحويله إلى مسارات خادمة لمصلحة جماعات فئوية. وإن كانت الأولى المسماة بالدينية أفصحت في شكل فج عن أهداف رسائلها من خلال ما تقدمه من محتويات تحريضية وأحادية الفكرة والطرح وربما تكون هزلية في أحايين أخرى، إلا أن قنوات رجال السياسة والمال تبنت العملية التحريضية والنفعية برؤية مغايرة معتمدة على الظهور بمظهر المحايد خلال طرح الرسائل. ويمكن الراصد تاريخَ تلك القنوات بسهولة ومن خلال تحليل الشاشة معرفة الهدف غير المعلن من ظهور تلك المحطات.
 
ويلاحظ سيف عند رصده لقضية الفضائيات العربية أن المشهد الفضائي العربي، يتخبط على المستويين الفضائي الديني والعلماني التحرري لكون الأول يعتمد على فكرة استدعاء الموروث من باب «وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين» وليس من باب «لعلهم يتفكرون»، والفارق ما بين الذكرى والفكرة جوهري في البناء والتنمية كجزء من النهضة الشاملة. وأكد أنه لا بد أن يعي المتلقي أي رسالة أن هناك جدلية بين المرسل كشخص والرسالة كمضمون وأيضاً لا بد من الوعي التام بأن عملية التلقي تعتمد على مقومات كي تصبح تلك العملية بنتائجها المرجوة في بناء وعي الجمهور ضرورة شرطية لصحة استقبال الرسائل. كما أن مرجعيات الجمهور الثقافية لها دور مهم في تلك العملية علاوة على المرجعية الدينية السائدة في المجتمع ثم الذوق الشخصي للأفراد والذوق العام للمجتمع.
 
ويظل المتلقي العربي هو ذلك الشخص المهزوم والمحبط كنتيجة طبيعية لممارسات تفتقد شروط المهنية مقابل أموال وبريق وشهرة يحصل عليها صناع الإعلام المرئي.
Share |