العصي الثلاث قصة قصيرة موقف تربوي-عبد الرزاق عوده الغالبي

Thu, 23 Jun 2011 الساعة : 8:45

ذاك الزمن البعيد والذي نحن اليه دائما.....ومن منا من لا يحن الى قديمه ويستعرض ذكريات الماضي في كل مناسبه و احيانا بغير مناسبه حتى كدنا نكره الحاضر بقبحه الغريب وثقله اللامعقول بحوادث الظلم والموت بقدر حنيننا الى الماضي وربما اكثر ....وهكذا ثقلت المعادله ذات الطرفين المتباعدين المثقلين بهموم الحاضر وبراقة الماضي الانيق البسيط بمعلمه اللامع المحترم دائما .....وسوقه الرخيص باسعاره اللامعقوله مقارنة بنهب وسلب الحاضر الغريب علينا بكل اسفاره واسعاره .......في ذلك الخضم المزدحم يطلق العنان للتامل بذكرياتنا فتحضرك قصة من هنا او حادث من هناك قد حدث لك او لغيرك وتاثرت به ......جلت بفكري قليلا فاستوقفتني وبشدة حادثة قد هزت كياني وقررت مجال مهنتي.....؟؟
ذات يوم شديد البرد عندها كنت في الصف الاول المتوسط وكان ذلك في بداية الستينات ...... اتذكر ولا انسى ما حييت ثلاثة عصي قد هوت على كفي الصغير في يوم قارص من مدرس اللغة الانكليزيه وذلك لعدم معرفتي معنى كلمة(oasis) في اللغة العربية والتي تعني (الواحه) ...... كانت تلك العصي الثلاث بمثابة صعقة كهربائية نبهت بي كل عرق وخلية من فكري لتصب غضبا على مادة اسمها الانكليزيه وانعكست في ذهني المعادله فبدلا ان اكره تلك المادة .....احببتها كثيرا !! والسبب في ذلك هو كينونة العقاب التربوي في ذلك الوقت المنغمس بحرص وحب المدرس للطالب ذاك الحب النبيل اللامادي الخالي من الجشع الذي نراه اليوم . زرعت تلك العصي الثلاث في اعماق نفسي الحرص الدائم كي اكون .......... وصرت فعلا مدرسا لتلك الماده التي عوقبت يوما لاهمالي لها !! وصرت اخشى الاهمال وامسيت دقيقا اتفقد كل صغيرة وكبيرة وخلال حياتي المهنية الطويلة والتي استمرت ثمان وثلاثون سنة تتراءى لي العصي الثلاث وتملاني حرصا وحبا لابنائي الطلبة فدأبت متابعة طلبتي يوميا احيانا بكلمة طيبة واخرى بتوبيخ ومرة باستدعاء ولي الامر .......لكن لم يصل ذلك لتاثير العصي الثلاث.....!!

 

Share |