ال (ماكو) واستحالة وجود البديل لها-احمد محسن السعداوي
Thu, 23 Jun 2011 الساعة : 8:37

ان صح قول بعض الباحثين بان "ماكو" أصلها سومري، فاني ارى انهم قد اخترعوها في لحظة نحس أو ساعة لعنة من الآلهة. والا فما هو سر ان تختفي آلاف الكلمات السومرية وتظل هذه الـ "الماكو" لوحدها متداولة منذ خمسة آلاف عام ولحد اليوم؟
ومن عجائب كلمة "ماكو" أنها لو استعملت قافية في الشعر الشعبي، كمثال، فـ "ماكو" لها قافية على وزنها أبدا. ليتني أجد من يكمل لي بيت الدارمي الآتي بقافية صحيحة غير ملفقة او مصطنعة:
كلمن وليفه وياه بس ولفي ماكو
ولو وجهنا اليوم استفتاء للعراقيين لوصف حالهم، وطلبنا منهم فيه وضع ما يرونه مناسبا بعد كلمة ماكو، فلا شك انهم سيمطروننا بقائمة طويلة عريضة قد تبدأ يـ : ماكو كهرباء .. ماكو أمان .. ماكو عمل .. ماكو راحة .. ماكو دوام. وقد لا تنتهي عند ماكو رزق .. أو ماكو فايدة .. وماكو حب.. وماكو قسمة أو نصيب .. وماكو احساس .. وماكو غيرة .. وكلشي ماكو. يا لها من حياة قاحلة تكثر فيها "ماكو" و تشح بها "أكو". ألم اقل لكم انها ولدت في ساعة نحس؟
يبدو أن الحس الشعبي اثقلته "ماكو" بقحطها و "نفسها" النحس، فابتكر العراقيون كلمة "حديقة" لتحل محلها أحيانا. لذا نجد من يذهب لمراجعة دوائر الحكومة بحثا عن فرصة عمل، وحين يعود لامه وتسأله: بشّر؟ يرد عليها: "حديقة". حينها تجيبه الأم: "يبووو على حظنا" أو "سودة عليه يمه". المعنى انها عرفت بان "ماكو" عمل. أظن أن استعمالهم للحديقة بدلا من "ماكو" قد يعود الى ما توحي به من تفاؤل أو أمل. لكن الواقع يكشف أن ذلك لم ينفع في طرد النحس، فغابت الحدائق الحقيقية تقريبا، وصار اسمها مرادفا للخيبة أو اليأس.
أما أتعس ما أتتنا به "ماكو"، كما أراه، فهو نظرية "ماكو بديل". فعلى مدى اكثر من ثلاثين عاما كنا نسمع بان "ماكو" بديل لصدام. ومع مرور الايام والسنين تحولت نظرية غياب البديل للحاكم الى قناعة شبه مطلقة اسهمت كثيرا في تغذية حالة الرضوخ للدكتاتورية.
وحتى في هذه الأيام صرنا نسمع كثيرا من السياسيين والمثقفين ومن عامة الناس يقولون: "ماكو بديل ل فلان". فلو ربطنا ما بين الترويج لفكرة "ماكو بديل" لصدام، سابقا، ولا لفلان، حاليا، أما ترون انها قد تكون واحدا من اسباب التمهيد لصناعة الدكتاتور، حتى ولو كان في اللاشعور؟
أي كارثة اشد من ان تجد شعبا تعداده 30 مليون نسمة، ويأتيك من يقول أن "ماكو" فيه غير شخص واحد يصلح ان يقوده او يحكمه؟ فما جدوى الانتخابات اذن؟ ولماذا هذا الدستور؟ لا بل، وما فائدة البرلمان بكل اعضائه؟
لا أظن ان هذا النوع من التفكير عفوي. وحتى لو افترضنا عفويته، فانه، في كل الاحوال، مرض قاتل يحتاج الى جهود مخلصة لاستئصاله.
وهل هناك قتل اشد مضاضة من قتل ارادة الاختيار عند شعب برصاصة الـ "ماكو بديل"؟ ونأمل ان يكون للحديث تتمة