المؤسسه العسكريه العراقيه بين ماضيها وحاضرها ..1 -حمودي مصطفى جمال الدين
Thu, 23 Jun 2011 الساعة : 8:21

ضل الاحتلال وغبار دروعه والياته وبين ازيز طائراته وجعجعة جيوشه التي تجوب العراق من شماله الى جنوبه نحاول تسليط الضوء على ملامح مبتسره من تاريخ هذه المؤسسه وافاق مستقبلها ابتداء من نشاءتها لحين حلها بقرار من بريمر الحاكم العسكري الامريكي لدول الاحتلال الى محاولة لملمتها بشكلها المهلهل الفضفاض الذي هي عليه
الان. فلو استقراءنا سفر هذه المؤسسه لوجدنا على صفحاتها علامات مضيئه تؤطر سحنتها وصفاء معدنها ووشائج من الالفه والانسجام تشدها لوطنها ولشعبها وثمة بقع داكنة السواد تلوث سمعتها وشرفها وواجبها العسكري المقدس حين سخرها السا سه والمتسلطون لارضاء نوازعهم ومصالحهم واصطراعاتهم السياسيه..
ففي السادس من كانون الثاني لسنة 1921وضعت اللبنات الاولى لهذا الوليد بعد مخاضات من المفاوضات والصراعات والضغوطات العسيره التي مارسها ابناء شعبنا (بالتعاون مع الضباط الشريفين الذين صاحبو الملك فيصل الاول ابان تتويجه مالكا على العراق) على حكومة الاحتلال البريطاني لتاسيس جيشا وطنيا يتولى مهام الامن الداخلي والدفاع عن حياض الوطن من التدخل الخارجي اسوة باءي دولة فتيه قامت على انقاض عهود غابرة من التمزق والاحتلال البغيض الذي كابدت ضله الثقيل بعناء ولتطفئ لضى شعبها المتطلع للحرية والسياده والاستقلال ..
وافقت حكومة الاحتلال على تاسيس النواة الاولى لهذا الجيش من 15 الف جندي أي ما يعادل 24 فوج مسلحين تسليحا بدائيا يحدد نوعه وطبيعته من قبلها بحيث لايتناسب وما تملكه من قوة ومنعه والية عسكرية متطوره بغية حفاظها على التفاوت بين القوى حتى تضمن تفوقها وسيطرتها وتوازنها وتؤمن جانبها خشية من أي تمرد ونفوذ عسكري وطني .الا ان طموح العراقين وتشبثهم لم يقف عند هذا الحد بل تعداه الى المطالبه بفرض التجنيد الاجباري وتطوير السلاح المستخدم لكن اغلب طلباتهم كانت تجابه بالرفض والتعنت من الجانب البريطاني رغم كل المعاهدات والاتفاقيات التي قطعها الانكليز مع كل الحكومات المتعاقبه من معاهدة 922-926-927-928-929) والتي كانت تقيد العراقين وتحجب مطالبهم في ان يكون لهم جيشا قوي منظم وبتسليح متطور قادر على الدفاع وحفظ الامن وحتى معاهدة 1935حيث سمحت بموجبها الحكومه البريطانبه على اصدار قانون التجنيد الاجباري ليصبح ساري المفعول من حزيران 1935.
اتصف نظام الخدمه العسكريه العراقيه بالتشكيل الهرمي المبني على النظام الصارم والضبط العسكري المنظم باحترام المافوق واطاعة وتنفيذ اوامره دون ابداء أي راءي او مناقشه او ابداء أي مرونه والذي منحه الرصانة والتماسك والثبات ووحدة الاداء مقتديا بالمبادئ والمعتقدات العسكريه ومفاهيمها التي جبلت عليها اغلب جيوش العالم ذلك قبل ان تخترقه وتدخل مفاصله وعروقه السياسه والتحزب والو لاءات باشكالها وتنوعها فتنخره وتهش متانته وصلابته فيفقد قوته واتزانه وصرامته وتماسكه وتحل الدرجه الحزبيه والموقع السياسي والمحسوبيه محل الانضباط والاحترام والطاعه والقدم العسكري .
اتسم الجيش العراقي في بدايات تشكيله ومقتبل عمره بالاستقلاليه والحياد من خلال الولاء للوطن وتغليب مصلحة الشعب فوق كل اعتبار حيث التزم بالمثل والتربيه الصحيه المحافظه على شرف الجنديه وتحديد المهام والواجبات المناط بها والتي لا تتعدى البناء والاعمار والتهبئه والتدريب للدفاع عن حدود الوطن والحفاظ على امنه واستقراره والتي اكسبته حب الشعب والتعلق به الا ان يد العبث والتخريب امتدت اليه لتوظفه لاغراضها ومراميها فتحيله من حامي حمى الشعب والوطن وحافظ امنه واستقلاله الى الة قمع وارهاب وتسلط تكتم به افواه الشعب وتقتص من ارادتهم وتطلعاتهم وتتلاعب به على اهوائها ورغباتها فكان تاريخه مع شعبه اعرج مشوه تكتنفه المساؤ والمثالب والهنات حيث استعان به السلطويون بلجم افواه الاحرار والمتنورون من ابناء الشعب وتحطيم شوكتهم وكتم انفاسهم ولو استعرضنا بعض الامثله التاريخيه من مساؤ جيشنا مع ابناء شعبه.
في عام 1933 قمعت ثورة الاشورين بكل فوة وعنف من قبل الجيش العراقي عندما كان الملك فيصل يتعالج من مرض الم به في خارج الوطن وذلك من قبل ولي عهده الملك غازي وقد انتهى التمرد الاشوري بمجزرة مروعه لازال صداها يرن في سمع تاريخ العراق .
وفي سنة 1935اعلنت الاحكام العرفيه على منطقة الفرات الاوسط اثر انتفاضتها الباسله بوجه الظلم الذي لحقها
فلم يتوانى جيشنا بصب جام غضبه من اجل اخمادهذه الانتفاضه وسحق مطالب المنتفضين وحقوقهم المشروعه والذي تلاها انتفاضة سوق الشيوخ التي اصطلح عليها ثورة الفلاحين حيث اخمدت هي الاخرى بكل ضراوه وعنف بسلاح الجيش العراقي وسطوته وتمحق طلبات الفلاحين الذين رفظو السركله التي فرضها عليهم الانكليز باعطائهم خمس الحاصل الزراعي من اتعابهم وشقاهم ولم تشفع لهم ثوراتهم وانتفاضاتهم المناهضه للانكليز والتي ارست دعائم الحكم الوطني في ثورة العشرين .
كما قمعت ثورات الشعب الكردي التي كان يتوخى منها نيل حقوقه القوميه المشروعه في سنوات 943-945-947 وامتدت الى الستينات والسبعينات من القرن الماضي. ولايمكن لعراقي قراءه تاريخ وطنه ان يتسنى له اغفال انتفاضة الشعب العراقي ضد معاهدة بورتسموث 1948 ومحق ارادة الشعب المطالب بالغائها حيث قتل المئات من المنتفضين برصاص الجيش العراقي وبمدافعه وغرق العشرات منهم في نهر دجله عند محاصرتهم فوق جسر الشهداء.كما استخدم سلاح هذا الجيش لسحق انتفاضة عمال النفط في كركوك 1948 والداعين لتحقيق مطالبهم النقابيه وتحسين اوضاعهم المعاشيه حيث حوصرو في حديقة كاور باغي وهم عزل من السلاح لينهال عليهم رصاص الغدر ويحصد منهم العشرات ويساق الباقون الى السجون والمعتقلات .وتلاها انتفاضة الشعب 1952والتي كانت امتدادا لوثبة كانون ولتعزيز مطالب الشعب المشروعه بالغاء المعاهدات التي ربطتها بريطانيا بشعبنا لتجعل منه تابعا ذيليا يدور في فلكها سياسيا واقتصاديا وعسكريا فكانت صدور العراقين عرضة لاسلحة وبنادق اخوتهم من افراد الجيش والتي اعقبها نهضت الشعب العارمه والمتظامنه والمستنكره للعدوان الثلاثي الذي تعرضت له الشقيقه مصر في 1956 حيث عمت المظاهرات كل مدن العراق وكانت مواجهات حاميه بين المتظاهرين العزل وقوات الجيش المدجج بالسلاح .
كما اسيئ استخدام الجيش العراقي من قبل السياسين والقاده الفرقاء لتحقيق مأربهم وطموحاتهم الشخصيه وليسخرو الجيش ويوظفوه لصراعاتهم ومصالحهم الذاتيه حيث استعان حكمت سليمان بالفريق بكر صدقي قائد الفرقه الثانيه وبالتعاون مع عبد اللطيف نوري قائد الفرقه الاولى لتنحية ياسين الهاشمي من رئاسة الوزاره ومحاصرة بغداد وقذفها بالطائرات ودخول الجيش اليها ليستولي على السلطه وليكن فاتحة عهد جديد باول الانقلابات العسكريه في تاريخ المنطقه العربيه .وتم تعين حكمت سليمان رئيسا للوزاره وبكر صدقي رئيسا لاركان الجيش وتضحى السلطه الفعليه بيد العسكر ويهرب نوري السعيد وياسين الهاشمي ورشيد عالي الى السفاره البريطانيه ومنها الى خارج العراق ويتم تصفية وزير الدفاع حعفر العسكري صهر نوري السعيد . الا ان الحال لم يدم طويلا فبغتيال بكر صدقي في حامية الموصل وبتكليف المدفعي بتشكيل الوزاره وبزوغ نجم العقداء الاربعه فهمي سعيد ونوري الدين الصباغ ومحمود سلمان وكامل شبيب الذين اصطلح عليهم بالمربع الذهبي حيث لعبو دورا فاعلا ومؤثرا وضاغطا على الملك في تحريك سياسة البلد وكان يرفدهم دهاء نوري السعيد وحنكته السياسيه والذي حركهم بتوجيه انذار الى الملك لاقالة المدفعي وتوزير نوري السعيد مكانه والذي استطاع اقصاء خصومه وتفرده بالسلطه .وفي سنة 1941 استعان خصومه ومناؤيه بالعقداء الاربعه للاطاحه به واقصائه وهروبه مع الوصي عبدالاله خارج العراق في حركة مايس والتي باءت بالفشل الذريع وادت الى عودت الانكليز ليحكمو العراق حكما مباشرا .
غير ان التوسع والتضخم في الجيش العراقي سمح بدخول ابناء الطبقات الفقيره والمسحوقه من المجتمع العراقي بعد ان كان الجيش حكرا في قيادته وضباطه على ابناء الارستقراطين والاقطاعين والذوات واعتماد ذلك حصرا على مناطق معينه ومذهب محدد مما حدى بان تتلون وتتغذى قطعاته وافراده بطعم ومذاق جديد يعكس طبيعة هذه الطبقات وفهمها وتوجهها ومستوى تفكيرها ويخلق حاله نسبيه من التوازن الطبقي والاجتماعي داخل القوات المسلحه .وكان للانقلابات العسكريه في سوريا ومصر وتبؤ مركز الصداره والمسؤليه في هذه الدول للعسكر تاثيره المباشر على ادراك ووعي الضباط العراقين وتحفيزهم على ان ياخذو موقعهم الريادي وانقاذ العراق من التبعيه والسيطره الاجنبيه وقيام وتاسيس حكم وطني مستقل خالي من الاحلاف والمعاهدات التي ربطت العراقين ومصيرهم الساسي بالحكم البريطاني حيث استطاعو ان ينشؤ نواة لحركة الضباط الاحرارالتي تمكنت ولفترة محدوده من ان يلتف حولهااغلب الضباط الوطنين الاحرار في الجيش العراقي واستطاعت ان توثق عرى الارتباط والهدف مع جبهة الاتحاد الوطني السياسيه العامله على نفس النهج والخطى في اسقاط النظام الملكي والغاء التبعيه للاجنبي وكانت ثمرة الجهد والنضال انبثاق ثورة 14 تموز واعلان الحكم الوطني وفك الارتباط والتبعيه التي اوثقت العراقين بمعاهدات ومواثيق رزحو تحت نيرها لسنين .الا ان الفتن والنعرات الحزبيه والفؤيه الضيقه بداءت بالتغلغل الى داخل هذه المؤسسه لتعكس الانقسامات الحزبيه والسياسيه في الشارع العراقي كما انها تمكنت من الولوج الى جسد حركة الضباط الاحرار لتفتيت وحدتها ونخر نسيجها وقد كان لليد العابثه من خارج الحدود دورا مغذيا ورائدا في فصم عرى المحبه والالفه بين اعضاء هذه الحركه فبرزت شعارات دعاة الوحده العربيه الفوريه مع سوريا ومصر والتي لم تجد لها مكاننا واذنا في الشارع السياسي العراقي والمسيطر عليه من قبل الحزب الشيوعي العراقي والرافض اساسا لفكرة الوحده ورافعا شعار ا بديلا لها هو الاتحاد الفدرالي والمؤيد والمساند من قائد الثوره وزعيمها المرحوم عبد الكريم قاسم .وكان اولى بوادر الفتن حركة اللواء عبد الوهاب الشواف واعلانه العصيان في مدينة الموصل والتي ازرته وتعاونت معه اليد الاجنبيه الحاقده على ثورة العراق واستقلالها وزعامتها فبداءت ببث روح التامر والفرقه بين قيادتها محاولة الاطاحه بزعيمها الوطني عبد الكريم قاسم الذي لم يعرف تاريخنا الساسي الوطني الى يومنا هذا وطنيا شريفا غيورا مخلصا محبا لشعبه ومتفانيا في سبيل انقاذه واستقلاله .حيث استبيحت المدينه ووقعت تحت حمام دم رهيب ازهق الاف الابرياء من ابنائها اثر حرب اهلية طاحنه .واعقبها مسلسل العنف والتامر على وحدة العراق وسيادته واجهاض تطلعاته وصموده واستقراره حيث تمكنت ثلة البعث وبالتعاون مع المخابرات الاجنبيه وشركات النفط الاحتكاريه التي اصيبت في مقتل اثر تاميم اراضي العراق النفطيه غير المستثمره بالقرار الذي وقعه الزعيم الشجاع عبد الكريم قاسم والذي انتزع بموجبه ثروات العراق النفطيه من ايدي الاحتكار الاجنبي حيث وقع وكما قيل على ورقة اعدامه وفعلا كان لها ذلك والذي توج بالانقلاب الدموي الاسود صبيحة الثامن من شباط 1963 والذي اغرق العراق وشعبه بسيل من الدماء والخراب.
دأبت الانظمه المتعاقبه بعد ثورة الرابع عشر من تموز والتي افرزتها الانقلابات العسكريه على احتضان المؤسسه العسكريه وايلائها كل الرعايه والاهتمام بغية استمالتها وكسب ودها لصالحها.فلغة السلاح انسب وانجع منعة من لغة الحوار والتفاهم بين الفرقاء ولكي تعزز وجودها وهيمنتها داخل هذه المؤسسه تعمد الى فتح باب التطوع في الجيش وفقا لشروط مقولبه تتناسب مع اكبر عدد ممكن من انصارها وافرادها ومريد يها لتفسح لهم المجاال بدخول المعاهد والكليات العسكريه بغض النظر عن شروط ومتطلبات الخدمه الصحيحه التي توليها متطلبات الخدمه العسكيه من كفاءه ومهاره وقابليه بدنيه او غيرها من المستلزمات الواجب توفرها في المنتمي لهذه المؤسسه .وبذلك تضمن امنها وحمايتها وديمومتها على دفة الحكم . وتجلت هذه الظاهره في ادق صورها عند امتطاء البعثين سدت الحكم في العراق وانتهاجهم سياسة التبعيث في الجيش وذلك بجعل شروط الانتماء الحزبي من المسلمات الجوهريه للمنتسب .ففتحت المعاهد والكليات العسكريه على مصاريعها ليتغلغل هذا الكم الهائل من اعضاء الحزب ومؤيديه وزاد الوضع سوءا بعد ان اتخذت القياده القطريه للحزب قرارافي 1974 بان يتحول الجيش الى جيش عقائدي يربط ولائه ومصيره ونهجه بالحزب الحاكم .وبذلك اصبح الجيش مدرسة حزبيه لتدجين منتسبيه وافراده منطلقات ونظريات الحزب وصار لزاما على الضباط ممن يلتحق في الجيش ان يلتحق بالحزب فكرا وعقيده وانتما ء وتنظيم ومن يتخلف عن الركب يعرض نفسه للمراقبه والمتابعه التي تشل قدرته وكفاءته وعطائه ويفقد هيبته واحترامه وشخصيته امام معيته وجنوده او منتسبي وحدته وتضعف صلاحياته واوامره وتجرد من محتواهى الوظيفي .فالعسكري وبالاخص الضابط امام خيارين لا ثالث لهما اما الركوع صاغرا مطيعا ويستسلم للضعوط والاملاءات و ينتمي للحزب مكرها دون ان تتولد لديه أي قناعه ورضا بمبادء الحزب وسلوكياته او يفضل البقاء معزولا متقوقعا محاربا ينظر اليه نظرة دونيه متعجرفه ولمن حاول الاقتراب منه او مجاملته يقع تحت طائلة المسائله والشبهات .ولمن عاش العسكريه العراقيه في زمن البعث وكتوى بنارها وبؤسها لايغيب عن ذهنه التقارير الدوريه التي ترفع الى مديرية الاستخبارات العسكريه شهريا او منتصف الشهر من قبل امن الوحده عن المراقبين والمشكوك في ولائهم للحزب او من لديهم اقارب مناؤين للحزب من الدرجه الثالثه من المنتسبين للحزب الشيوعي او حزب الدعوه او من المعدومين او معارضين للنظام لائي سبب كان .وقد يصدف ان يكون المراقب الاقدم في وحدته بعد الامر المباشر وتوكل اليه الامره في حالة غياب الامر بحكم القدم العسكري فيوقع بالضروره على التقارير الامنيه الدوريه الى الجهات المختصه رغم ان اسمه مدرج في اول اللائحه .فاءي استهتار بالقيم والخلق والتربيه العسكريه عندما يهان الضابط وتنحدر منزلته وكرامته الى مستوى الحظيظ والذي يفترض بالقوانين والقيم العسكريه ان تمنحه المهابه والطاعه والاحترام عوضا عن ان يحشر في زاوية ضيقه لا يرتجى منها الاندفاع والتفاني والاخلاص في واجبه ومهامه الملقاة على عاتقه.
والانكى من كل ذلك عندما بداءت تضيق الحلقه في القياده العسكريه على اسس العشيره والعائله والطائفه والمنطقه وبدات تتمظهر بصورة واضحه وجليمه في زمن صدام عندما حول الولاء للحاكم الفرد وليس للحزب وحول الجيش بكل قطعاته ومنتسبيه لحماية امنه ونظامه وليس للوطن وحماية حدوده والحفاظ على سيادته واسقلاله .فضاقت حلقات القياده في الجيش على اقربائه وعشيرته واولاده ومنحت الرتب والقدم والصلاحيات دون أي اعتبار للكفاءه والخبره والمهاره العسكيه . فاصبح نائب العريف فريق ركن ووزيرا للدفاع وسائق الدراجه فريق اول ركن طيار وبذلك اندثرت الكفاءات والقابليات واظمحل الابداع والتفوق العسكري واضحى أي ضابط كفؤ في وحدته خاملا متكاسلا عديم البراعة والابداع في عمله واختصاصه لتنامي الشعور بالصغر والدونيه وعدم التكافئ لصعود الشخصيات المنحطه والضحله على اكتافهم والتي افرزتها التفرقه والمحابات .
لقد حرف صدام هوية الجيش وولائه لوطنه الى ولائه للحاكم بامره حيث وجهه لارضاء نوازعه ومغامراته العدوانيه الشريره والمتاءصله في نفسه فزجه في حروب عدوانيه اثمه لاطائل تحتها مما ادى الى عسكرة المجتمع العراقي وتجيش كل امكانيات العراق وطاقاته وثرواته الاقتصاديه وتوجيهها الى الانفاق العسكري حيث بلغت ميزانية وزارة الدفاع وحدها من عام 1980الى 1985 120 مليار دولار بينما الانتاج النفطي بلغ لتلك السنوات 47 مليار دولار أي بعجز 73 مليار دولار اظطر النظام لسحبها من الرصيد النقدي العراقي في صندوق النقد الدولي مما كان له اكبر الاثر على قيمة العمله العراقيه وتدهورها. كل ذلك كان على حساب رفاه المجتمع ورفع مستوى معيشته والذي وصل فيها دخل الفرد الى مستوى الفقر والعوز المادي نتيجة لارتفاع مديونية الدوله والخلل الحاصل في ميزانيتها المتدنيه .حيث زاد عدد الفرق العسكريه من 12 فرقه في عام 1980 الى 27 فرقه في عام 1990 اضافه الى الميليشيات المسلحه الهائله والمؤسسات الامنيه والمخابراتيه و.وبذلك جمد طاقات ومهارات الشعب المنتجه وارجع عجلة التقدم والتطور الى الوراء من خلال تقزيم نشاط الشعب الاقتصادي واستنزاف ثرواته وموارده بعد القفزه الهائله في مردودات النفط اثر عمليات التاءميم فاستحال البلد من اقتصاد متين الى اقتصاد عاجز مترهل يستحيل عليه سداد مديونيته وارتباطاته وشعب جائع يبحث عن لقمة عيش يسد بها رمقه وفسحة هادئه من الاستقرار والامان عوضا عن الخوف والرعب الذي هيمن بثقله على كاهل ابناء الشعب .
شوه صدام معالم المهنه العسكريه حيث اصبحت سلعه للبيع والشراء وقبول الهداايا والرشوه والاستخدام غير المشروع للجندي في بناء الفلل والقصور والقيام بالخدمات البيتيه البعيده عن شرف الجنديه وواجبها مما حدى بالكثير من الجنود بالعمل خارج الوحده العسكريه هروبا من ساحة المعركه ومخاطرها وتسليط المرتزقه وضعاف النفوس على مقدرات الجيش اذ لم يعد أي معيار للقدم والمهاره والكفاءه والخبره أي اعتبار وبذلك افقد الجيش اغلب المهارات والكفاءات والقيادات المجربه والماهره والمخططه مما كان له الاثر السيئ على النتائج والخطط ا لعسكريه الفاصله .وباتباع صدام سياسة الترهيب والترغيب والهبات والعطايا ومنح القدم والانواط وغيرها من الامتيازات بما يرضي غروره ورغباته خلق حاله من التنافس غير الشريف بين منتسبي القوات المسلحه حيث غدى همهم الركض وااللهاث وراء القيم والهبات الماديه والمصلحيه للوصول الى الحظوه والرفعه والرضا التي يمن عليهم الرئيس بالتكريم والتي ترد عليهم دخلا ماديا مجزيا في المناسبات والاعياد ودون ان يكون للوطن وحماية امنه وحدوده أي منظور او اعتبار .وكان لطول فترة الخدمه العسكريه وعدم تحديدها بسقف زمني محدد اثره الكبير من الناحيه النفسيه والاجتماعيه على الفرد والعائله والمجتمع عموما بحيث اضحى رب الاسره في حالة غياب دائم بعيدا عن عائلته واطفاله وما لذلك من اثر سلبي للنشئ والتوجيه والتربيه البيتيه الصالحه .ولانعام القناعه والايمان المتولد اساسا في القياده وتوجهاتها ومغامراتها الطائشه وبمبادئ الحزب المفروضه قسرا على المنتسبين . تفشت ظاهرة الهروب والغياب من الخدمه العسكريه بشكل تجاوز في بعض الوحدات الى النصف ناهيك عن استشراء التقاعس والاهمال والتكاسل والتخاذل في اداء الواجب نتيجة للتسيب والترهل والنخر الذي دب في عروق المؤسسه العسكريه مما كان له اكبر الاثر على تدني الروح المعنويه الى الصفر وبالتالي على مجريات العمل القتالي الذي اتصف بالانهزام والجبن وعدم الصمود والثبات رغم وجود فرق الاعدام التي كانت خلف القطعات والتي كان ينحصر واجبها في قتل كل من يتراجع او يهرب من وسط المعركه الا ان مسلسل الهزائم ظل فاقعا نشطا واصبح سمة مخجله اتسم بها جيشنا في حروبه المدمره العديده .