انجاز معاملة/احمد سليم
Wed, 10 Oct 2012 الساعة : 1:59

ليس هو التقدم العلمي والتقني في أي دولة وحده كفيلا بنهوضها ولا هي الثروات المكتنزة في اجواف ارض أي بلد بمفردها التي يمكن ان تنهض به بل هناك عامل ثالث لايقل اهمية عن هذين الامرين وهو الانظمة الاداريه الحاكمه في دوائر تلك الدول وهل هي متقدمة جاذبة لمن يريد ان يتعامل معها ام هي متخلفة طاردة لكل من له حاجة معها لا اريد ان اعيد القول بان أي مواطن له مراجعة في أي دائرة من دوائر الدولة تكاد تخرج روحة مرات قبل ان يقدم على مراجعة تلك الدائرة وانا اجزم لولا الحاجة لفضل الجميع ان يعيشوا بعيدا عن تلك الدوائر . قبل ايام كان لي مراجعة في دائرة من دوائر محافظتنا الميمونه وللانصاف انها من الدوائر التي تعمل بجد الى حد كبير بالمقارنة ببقية دوائر الدولة , اذ كان لدي استحقاق معين وفعلا بداءت المشوار من (العرضجي) الذي ابتاعني بضعة اوراق مع كتابة طلب لصرف استحقاقي وقد اخذ مني ما لا يستحقه تجاه العمل الذي قام به. كانت مساحة الدائرة لا تتجاوز مئتي متر مربع لا اخفيكم القول اني قد استغرقت اتقلب بين تلك الحجر -التي كانت مظلمة في كثير من الاحيان نتيجة انطفاء التي الكهربائي- طوال اسبوعين حتى اصبح الطلب الذي كتبه (العرضجي) عبارة عن قطعة سوداء يرافقها اسطر من اللون الاحمر –وهو اللون الذي يفضلوه جماعة الرقابة المالية – من كثرة التهاميش او التهميشات وكانت المحطة قبل الاخيرة هي للصندوق الذي عليه ان يثبت اني اعطيت مبلغا من المال ازاء هذا الاستحقاق وقد فاجئني صاحبة بان علي ان احول الامر له من مدير الحسابات لكني كنت متاكدا ان مدير الحسابات قد همش لصاحب الصندوق باخذ الاستحقاق وبعد بحث عسير تم اكتشاف تهميش مدير الحسابات الغارق في دوامة التهاميش اما المحطة الاخيرة كانت هي طباعة الكتاب حيث انتظرت ان يكتبه الطابعي ولكني فوجئت ايضا انه يجب ان يحول اليه من قبل مسؤل وحدة الطباعة وبعد انتظار ساعتين لهذا المسؤل لانه كان خارج الدائرة لامر يتعلق بالعمل طبعا عدت بالمعاملة مهمشة الى صاحب الطابعة الذي لم يحالفني الحظ في ان اجده لانه كان مستغرقا في صلاته التي زينها بالوان التعقيبات وكنت عندها اشعر بنشوة انجاز معاملتي التي طال انتظارها لكنه فاجئني بعبارة (هاي هية عيني هسة معاملتك كملت راجعنة بعد عشرين يوم اذا كاملة التدقيقات ننطيك رقم وتاريخ الكتاب ....)
طبعا كنت كثيرا ما القي اللوم على اولئلك الموظفين الذين لا يسهلون امري لكني اخذت درسا قيما من هذه المراجعة(بالاضافة الى الدروس المعنوية من الصبر وسعة الصدر وضبط النفس والقدرة على التحمل) هو اني لو كنت مكان أي واحد من هؤلاء المساكين فاني سوف اقتفي اثره في تعطيل معاملة أي شخص ازاء أي خلل موجود في معاملته ولو كانت نسبة الخطاء فيه لا تتجاوز 1% لاني سمعت من احد المسؤلين الاجلاء كلام كان كثيرا ما يردده ( احمي نفسك ) اضافة الى دائرة النزاهة التي عجزت عن ملاحقة كبار السراق فوجدت نفسها بلا عمل فاخذت تلاحق الاخطاء الاملائية في كتابة المعاملات ......
نعم ايها الاحبة هذا حال احسن الدوائر عملا في محافظتنا فكيف بسواها وعلى هذا الواقع المرير تغدوا بدعة النافذة الواحدة في ترويج المعاملات من الشعارات الانتخابية البائسة اما اسطورة الحكومة الالكترونية فهي اصبحت من الترف الفكري في ظل العقول التي تسود المشهد السياسي الحاكم في محافظتنا او في دولتنا تلك العقول التي عليها من غبار التخلف بقدر الغبار الذي على انظمة الحواسيب التي هيئتها وزارة العلوم والتكنلوجيا منذ سنوات عديدة لبناء الحكومة الالكترونية الموعودة
يقال انه في بعض الدول لا تحتاج في تغيير اسمك الا مراجعة دائرة واحدة لاتطلب منك الا بعض الاجراءات البسيطة واي مستمسك تحمله (طبعا ليس شرطا ان يكون من اركان المواطنة الاربعة في العراق الجنسية الشهادة البطاقتين السكن والوتموينية ) لترى اسمك قد تحول مثلا عدي صدام الى محمد باقر
فليكن هذا في دائرة ما نطمح اليه لسنة 2100م
طبعا انا اجزم لكم انه ليس المسؤل الرئيسي عن التخلف الاداري هم الموظفين بل هم الحلقة الاضعف في هذا الكابوس المهيمن على مصالح الناس
فمن ياترى برائيكم المسؤل عن هذا التخلف الاداري وما هي اليات التخلص من هذا الواقع المر .........