صانعوا الالهة( احفاد "الخماهو" في العراق)/كاظم العبودي

Wed, 10 Oct 2012 الساعة : 0:00

 

قبل اكثر من 25 عام ، علقت ببالي لقطة من فلم يحكي عن بعثة النبي محمد (ص ( تسألت في حينها عن صدقها مرات عديدة رغم صغر سني في تلك الفترة .
اللقطة هي اقدام احد المشركين على اكل الهه الذي صنعه من تمر عنما شعر بالجوع بعد ان كان يعبده ويتقرب اليه زلفا ويعرض عليه حوائجه الواحدة تلو الاخرى لقضائها.
لكنني سخرت من ذلك الرجل ولم اصدق ان انسانا عاقلا يفعل هذا الشيء مهما بلغ به الجهل حتى وان عاش في زمن الجاهلية.
مرت السنون وجاء بعدها المسلسل الايراني "يوزر سيف" وشاهدت مرةً اخرى كيف اقدم البشر على صنع الهتهم من حجارة في المعبد الكبير وكيف دافعوا عنها على الرغم من ان "الخماهو" ورجال معبد "امون" كانوا يعمدون على تحيرك الالهة لإيهام الناس بقدرتها على التحرك وصنع المعجزات وهم يعرفون "كهنة المعبد" عجزها ووهنها، كذلك لم اصدق هذه المشاهد وقلت في قرارة نفسي مبالغ فيها.
لكن ما مر به المشهد السياسي العراقي خلال هذا العام واطلاعي على احداث واخبار الازمة السياسية في العراق بصورة عامة وعلى افعال واعمال المسؤولين بصورة خاصة جعلني ايقن جهلي باكتشاف بعض من حقائق تلك المشاهد .
حيث اكتشفت صانعو الالهة وهم ينتشرون من حولي اين ما اذهب لانهم كثيرون في هذا البلد ولكن باختلافات بسيطة عن الماضي على الرغم من امتداد المسافة الزمنية الشاسعة بين ايام الجاهلية والجهل وعصر الحداثة والتطور والعولمة. التي نعيش فيها.
وبفوارق صغيرة جدا وهي ان اولئك الاشخاص(الجاهليون ) صنعوا الهتم من الجماد بينما احفادهم (افاد الخماهو صانع امون الاله الكبير) صنعوها من البشر .
وباستطاعة اي عاقل ان يشخص وبسهولة تلك الكائنات البشرية الصانعة للإلهة فهنالك مجاميع من العراقيين متخصصة بهذا المجال "صنع اله" واحاطته بهالة من القداسة والرهبانية خصوصاً الهة السياسة ،وهدف هذه الصناعة هو القضم واشباع الكروش كما فعل ذلك الجاهلي في المشهد الاول "اكل الهه التمري".
ان صناعة الاله من التمر واكلها ايام القحط في سابق الازمان يساوي صناعة الهة النفط والهة المصارف والمكافئات و الإيفادات والسفرات فضلا عن الهة التعيينات والهة الفساد في هذا الزمن لكن الهة هذا العصر من لحم ودم دون احاسيس ومشاعر "كإلهة معبد امون التي يحركها الكهنة ليحصلوا على مبتغاهم من وراء هذه الافعال".
لانهم " صانعوا الالهة" يقومون بإحاطة شخصياتهم الالهية بأغشية اهمها الوهم والمديح المفرط الذي يجعل من الاله يحلق في السماء دون ان ينظر الى من هو في الارض يحلق عاليا ويرفرف بأجنحته الوهمية التي حيكت من تبريد الاخطاء والكلام المعسول الذي ينظمه احفاد "الخماهو".
Share |