انا عراقي ... نصفي لايقر/اكرام حسن
Tue, 9 Oct 2012 الساعة : 23:13

ما اكثر الشعارات في بلادنا وما اكثر حامليها
فما ان رُفع شعار حتى ارتفعت الاصوات المتبنية له والساندة له بالخطب الرنانة والاحاديث الدينية والادبية والاشعار والعبارات التي تجعله براقاً يروق لمتلقيه .
لكننا نرفع الشعار بلا تخطيط مسبق وننتظر منه ان ينفّذ نفسه , ضجة وزوبعة في فنجان تمر مر السحاب و يختفي اثرها بعد حين , ثم نبدأ نحن بالبحث عن شعار جديد نقضي معه بعض الوقت ...
في المستقبل القريب من هذا الشهر وتحديدا يوم 29 من تشرين الاول – اكتوبر- ستنطلق حملة لتشجيع الشباب العراقي خاصة والمجتمع عامة على القراءة الورقية او الالكترونية .
هذه الحملة سبقتها تحضيرات متمثلة برفع شعار انا {عراقي ... انا اقرأ }, شعار جميل تبناه الجميع , الصغار والكبار , المثقفون والعلماء والباحثون وعلقت يافطات كبيرة على كل زاوية وفي كل مدينة ونشر الموضوع في الصفحات الالكترونية والقنوات الفضائية .
خطوات جيدة , لكنها تفتقر الى خطة للتنفيذ , الكلام وحده لايجدي نفعا والخطط المتوفرة ليست عظيمة التاثير, لان مشكلتنا الرئيسية هي ليست في " العراقي " الذي لايقرأ , لانه لايوجد عندنا رجل عراقي لايقرأ , فالمعروف في الاوساط العربية جميعا بان الكتاب يؤلَف في مصر ويُطبع في لبنان ويُقرأ في العراق .
العراقي قارئ جيد وليس لدينا مشكلة في هذا المجال حتى مع الجيل الشبابي الحالي الذي ربما لايقرأ الكتاب الورقي ويفضل الالكتروني .
مشكلتنا هي في القارئة العراقية , نعم , نحن نفتقر الى المرأة القارئة وليس الرجل القارئ , فاعداد النساء اللواتي يحملن كتابا يوميا ليقرأن صفحة واحدة منه قليل جدا ان لم نقل نادر , والاسباب ربما تعود الى الرجل نفسه لانه منغلق على نفسه داخل البيت , جليس الكتاب لساعات طوال في اليوم , في مقصورته , لايدخل عليه احد - لانه يقرأ - , في حين تُركت مسؤولية البيت والاطفال للمرأة على مدار اليوم , ولم يعد هو يهتم ( وان كان عن غير قصد احيانا ) فيما اذا تثقفت الزوجة ام لا , لان المهم عنده هو تثقيف نفسه وان يظهر بمظهر لائق امام الناس في النقاشات والمحافل العامة في حين ان المحافل النسائية ليس فيها حديث علمي يستحق المتابعتة والتثقيف .
الحديث هنا عن فهم غالبية الناس وهو ليس اتهاما , فنحن وببساطه يمكن اثبات صحته بان نعمل جولة على بيوت المثقفين ممن رفعوا الشعار نفسه ( انا اقرأ ) ونسال نساؤهم هذا السؤال : كم من كتاب قرأنَ ؟ او كم صحيفة من الصحف الكثيرة قلّبن او كم من صفحة الكترونية اطلعن على اخبارها العلمية اوالثقافية او السياسية ؟ الجواب معروف وربما نكون من المحظوظين اذا وجدنا بضع نساء ممن قرأن كتابا او عرفن اسم كتاب .
العيب هنا ليس في قابيلة المراة على القراءة والتثقيف الذاتي , ابدا , انما هناك سببان رئيسيان جعلا من المرأة تهجر الكتاب
الاول : هو انها لاتملك الوقت الكافي , لان الرجل ترك لها اصعب مهمة وهي مهمة تربية الاطفال طوال النهار , وهذه مهمة ليست بالسهلة , هي تنهك الجسد وتضغط على اعصاب المرأة فلا مزاج لها بعد ذلك ل "لغو آخَر" من كتاب .
الثاني : هو انها رأت ان الكتاب قد حرمها من زوجها داخل البيت - ناهيك عمن حرمها منه خارج البيت - فلم تعد تراه او تتحدث اليه مما جعلها تعتبر الكتاب ضرة من نوع اخر , فحتى لو كان لديها الوقت للقراءة فلن تقرأ ابداً , لكرهها لهذا الشريك الورقي او الالكتروني .
والجدير بالذكر ان الرجل كزوج لو كان جادا فعلا في ثقافة اهله لاقتطع ساعة من وقته يمضيها مع اولاده شريطة ان تقرأ زوجته كتابا ينفعها ومن اختيارها وهذه الطريقة نافعة للاولاد كما هي نافعة للزوجة لان الولد يتعلم من والديه نمط حياتهم .
فلو غيرنا شعار ( انا عراقي انا اقرأ) الى حل عملي للمشكلة بشكل شعار ونقول ( هاكِ ساعة من وقتي ... لتقرأي كتاباً ) والزمنا حملة الشعار بتنفيذه اولا ونشر تجربتهم معه للعالم لانجزنا المهمة باقصر الطرق واكثرها فاعلية واستمرارية كون المراة العنصر الاكثر فاعلية في المجتمع ومسؤولة عن تقدم البلد او تخلفه فعلى يدها تربى الاجيال ولثقافتها تاثير مباشر على عقلية الابناء سواءا كانوا صغارا ام كبارا , وكما قال احد الادباء { ان عقل المرأة اذا ذبل ومات , فقد ذبل عقل الامة كلها ومات} .
من هنا اقول , هل خطط رافعوا شعار – انا اقرأ - لكيفية حل مشكلة – انا لا أَقرأ ولن اقرأ - ؟ وهل كان مثقفونا جادين فعلا في نشر ثقافة – انا اقرأ - ؟ ام ان ردود افعالهم مجرد ( على حس الطبل خفَّن يارجلية ) .