معيار السلوك الأخلاقي في التعامل الدولي/عبد الأمير محسن أل مغير

Tue, 9 Oct 2012 الساعة : 23:07

لقد تطور القانون الدولي خلال القرنين الماضيين بما يشبه في بعض نصوصه القانون الداخلي فقد كانت تسود العلاقات الدولية قبل انتهاء المعارك النابليونية عام 1815 وانعقاد مؤتمر متر نيخ على أثرها نصوص تحددها مضامين المعاهدات الثنائية وكان لذلك المؤتمر اثر كبير في تأكيد نصوص هامة وطدت جوانب عدة من حقوق الإنسان المعاصر في هذا المؤتمر منها تحريم تجارة الرقيق والعبودية وتم التأكيد على صفة الإلزام بمضامين ذلك القانون وبعد التوقيع على ميثاق عصبة الأمم أو ما سمي بمعاهدة باريس عام 1920 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أعطي تأكيدا كبير لنوع من الإلزام لنصوص ذلك القانون أيضا وعند انتهاء الحرب العالمية الثانية وضع ميثاق الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصبح لمجلس الأمن التابع لتلك المنظمة حق إصدار قرارات ملزمه لحفظ السلام و الاستقرار الدوليين وقد تم تقرير مصير كثير من المستعمرات البريطانية والفرنسية وإعطاءها الاستقلال آلا إن ذلك الاستقلال كان شكليا وقد حلت الولايات المتحدة الأمريكية بهيمنة جديدة وفق الاستعمار الجديد أو ما سمي بالنفوذ الاقتصادي ومن أهم العيوب التي انتابت الميثاق الجديد إن جهة التنفيذ في ذلك الميثاق هو مجلس الأمن ويسيطر على ذلك المجلس الأعضاء الخمسة ألدائمي العضوية كما ان ذلك الميثاق لم تصدر عنه سلطة إصدار تشريعات ملزمه وخاضعة لرأي جماعي يمثل المجتمع الدولي وربما اغرب ما واجهته هذه المنظمة بعد انبثاقها هو تقسيم ارض فلسطين وطرد الشعب الفلسطيني من أرضة وإحلال مجموعة من الناس محلة وقد جيئي بأغلبهم من المجتمعات الغربية وأصبح ذلك الكيان امتدادا عضويا لتلك المجتمعات وأصبح الغرب سيما بريطانية أولا وأمريكا فيما بعد تعاملهما مع هذا الكيان خارجا عن نطاق القانون الدولي فتم تمكينه بالقوة من خلال امتلاك السلاح النووي خلافا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كما إن مجلس الأمن لم يلتزم بحل الدولتين واستخدم ذلك الكيان لشن حروب عدوانية بأسلوب تأمري على البلدان العربية وابرز تلك الحروب هي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ونكسة حزيران عام 1967 كما قامت الولايات المتحدة بحماية ذلك الكيان للحيلولة دون إصدار اي قرار من مجلس الأمن يدينه في عملية تهويد القدس واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية وقد عرفت الإنسانية سياسيين اشتهروا في سوء السلوك سواء على صعيد السياسة الدولية أو الداخلية وإذا ما اضطر الباحث إن يقارن بين سلوك الساسة الشرقيين في روسيا والصين وحتى لو اخذ في التاريخ المعاصر عمقا إلى القياصرة والشيوعيين والنظام الليبرالي الحالي في روسيا وبين سلوك بعض الساسة الغربيين لوجد بونا شاسعا في مسالة الالتزام والصدق بين هاتين الفئتين وفي المرحلة الحالية تحديدا نجد أسلوب المخاتلة والوقيعة والكذب وعدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية هي الصفة الغالبة لما يتبع من قبل الساسة الغربيين وقد عرت إحداث ما سمي بربيع الثورات العربية سوء السلوك هذا لدى أولئك الساسة فكثيرا ما كان يوهم الإعلام الغربي المستمعين ويؤثر ذلك الأعلام على الرأي العام العالمي بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة إلا إن الإحداث في سوريه الان كشفت اللثام عن قبح ذلك الوجه وعدم صحة تلك الشعارات عندما طلبت الولايات المتحدة من السعودية وقطر بدفع رواتب المرتزقة ومن تركيا فتح مراكز التدريب لهم على خط الحدود السورية التركية وإدخالهم في بادئ الأمر مسلحين سيما زمر القاعدة من الأراضي اللبنانية ليعيثوا فسادا بتفجير الأسواق الأثرية ومؤسسات الدولة والمدارس والمستشفيات ودور العبادة بواسطة السيارات المفخخة و الكواتم والخطف وقتل النساء والأطفال وكل ذلك يعكس بصمات القاعدة على هذه الأفعال وفي الوقت الذي تبيح تركيا لنفسها دخول طائراتها الحربية الأجواء العراقية وقصف القرى وقتل المدنيين في شمال العراق بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني أقامت الدنيا ولم تقعدها بزعم ان قذائف أطلقت من داخل الأراضي السورية على الأراضي التركية دون أن تتدثبت من ان تلك القذائف أطلقتها عصابة ما يسما بالجيش الحر وحشدت قواتها على الحدود التركية السورية وعلى مرائ ومسمع من تلك القوات يتدفق المرتزقة الأجانب إلى داخل الأراضي السورية دونما ادنى التفات سواء من قبل الأعضاء الغربيين الدائميين في مجلس الامن او الساسة الأتراك إلى مثل هذا السلوك الذي يمثل التهديد بالعدوان على دولة ذات سيادة والشعب السوري وحكومته الان يواجهان الحرب العالمية الثالثة الذي أعلنها جورج بوش الابن على الإرهاب على اثر هجوم أبراج نيويورك ولكن بدلا من ان الأمريكان ورهطهم يواجهون ذلك الارهاب اصبح يواجهه الجيش العربي السوري وهكذا يغير الأمريكان ما يعلنون عنة من اهداف تبعا لما تتطلبه مصالحهم وتلك الحرب تمثل في حقيقة الامر جريمة متعمدة مع سبق الاصرار لتدمير المجتمع السوري وارتكاب مجازر جماعية من قبل المرتزقة الاجانب والذين يدفعونهم حيث يجري ذلك تحت غطاء غربي امريكي وقد ادينت تلك العصابات في القرار الاخير لمجلس الامن ولكن ذلك المجلس خلط ايضا بين الجاني والمجني علية تحت تأثير السادة الكبار في الرهط الغربي وخلاصة القول ان هذا السلوك البعيد عن نصوص القانون الدولي يمثل انحرافا خطيرا لسلوك بعض الساسة الغربيين يهدد الاستقرار والسلام الدوليين ويعطي امثلة جديدة لسوء ذلك السلوك كاللذين ورطوا العالم بحروب كوريا وفيتنام وربما ابشع تلك الصور حاليا يعطيها الرئيس الفرنسي هولاند والمرشح للرئاسة الأمريكية رومني ووزيرة الخارجية الامريكية كلنتن وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي لا يصلح لمثل هذه المهمة لافتقاره لصفاء الوجدان و بعده عن الحياد وكذلك رئيس الوزراء التركي اوردكان وشيخ مشيخة قطر وجميع أولئك الساسة يستهدفون أمرين أساسيين هما ضمان المصالح الغربية للسيطرة على العالم وخدمة إسرائيل وبالتالي فكل واحد من هؤلاء يمثل صورة مشوهه للسياسي المعاصر .

Share |