هالة الضياء/عبدالمناف عبدالعظيم الوائلي
Tue, 9 Oct 2012 الساعة : 2:06

و أنا وحدي على ذلك الطريق .. أخرج الوطن من مخيلتي و أضعه أمامي.. أعيد ترتيب تفاصيله الحبيبة هالة الضياء
أنقل هذا المبنى إلى هنا، و ذلك المطعم إلى هناك.. شارع الحبوبي يجب أن يكون هنا، و شارع غريمتي سأضعه هناك..
أحاول أن أرتب العشوائيات، أن أرفع بدل البيوت الطينية ناطحات سحاب يسكن فيها الفقراء و تكون حرام على ( الزناكيل)..
أضع بيتا حنونا مقابل كل مئذنة عطوفة، ثم أفصلهما عن المدارس و الجامعات بغابات من الأزهار ( دائمة الخضرة)..
و على البحر أضع " الناصريه" كلها بسحرها و صهيل ليلها.. فيتسع المكان، يقولون في الأخبار: ظاهرة طبيعية غريبة كيف امتد الشاطئ و مشت الناصريه!، فأضم ( مكعبات ) مخيلتي و أضحك..
على الحدود أضع أحذية الأمهات المقدسات، و أنا أتذكر أمي كيف دافعت عني يوما ب ( شبشبها) العتيق، و هي تدور على المستشفيات تبحث عن العلاج لطفل جلست على الطريق و كانت تعيد ترتيب التفاصيل الحبيبة، فهشمت رأسها سيارة ( الغربة)...
**********
تحاول أن تقنعهم بأنها قامت و تشير للجسد الصغير بهالة الضياء حول الرأس مغيب المعالم..
تناشد الأطباء و المشعوذين ..الأولياء و السلاطين .. الحراس و العسكر.. السياسيين و ذوي الاحتياجات العقلية..
يصدح صوتها كحدأة : ما بالكم ألا تبصرون، ابنتي قامت!
يجاوبونها بتأفف أو بأنين:
يا أيتها الأم الجريحة ذات ( الشبشب) العتيق.. في بلادنا حتى لو قامت " القيامه".. لن يقوم!
**********
ترميهم ب(الشبشب) العتيق و تمضي حافية، تحمل الجسد الصغير بهالة الضياء حول الرأس مغيب المعالم، و تعود من جديد إلى ذلك الطريق حيث التفاصيل الحبيبة.. تضع طفلتها الجديدة، و تقطع الحبل السري بأحد ( المكعبات)، ثم توصي الروح الجديدة:
(الوطن الحبيب أمانة قيدها هذه الأحلام.).
يمسي رأسها (هي الأخرى) هالة من ضياء و تغادران معا إلى كتاب حكايا (للأطافيل) لن يزوره ( الكبار)..
بينما تكبر الرضيع الجديدة في " الناصريه" على شاطئ اتسع و لن يضيق، و عندما يقولون في الأخبار (الحقودة):
ما دين النبية الجديدة التي نقلت العواصم؟!
يرد الصوت قويا كقيامة:
رحلت كالأنبياء جميعا من دون أن تعتنق دينا...