قطبا النجاح . . . الكفاءة والنزاهة-المهندس كامل بردان عطية - الفجر
Thu, 23 Jun 2011 الساعة : 7:50

لا يختلف اثنان في أن الكفاءة مقياس عتيد من مقاييس المفاضلة ، وعلى الرغم من أن الكفاءة قد توسعت وتعددت معانيها بحسب علماء الإدارة والاجتماع والاختصاص ، فإن ما نعنيه بالكفاءة في هذا المقام هو الكفاءة في إدارة مؤسسةٍ ما أو جزءٌ منها، وهو القدرة على الاستفادة من خبرات جميع الموظفين على اختلاف انتماءاتهم العرقية والاجتماعية والدينية والتخصصية بما يخدم المؤسسة وبدون أن يقع ظلم على أي أحد. وهنا لابد من الإشارة ولو على نحو الإجمال إلى بعض الخصائص والسمات والتي تعد من دعائم الكفاءة من قبيل السمات الجسمية والاتزان النفسي والانفعالي والاستعدادات العقلية والشجاعة والثقة بالنفس والإقدام والمهارات الفنية في مجال التخصص والثقافة العامة وحب العمل والإيمان به والإخلاص فيه والقدرة على التعامل مع الآخرين بكل مستوياتهم والاستقامة والاتزان في السلوك وكذلك الإلمام بالجوانب الإدارية .
ومع ذلك فإن الكفاءة سوف تبتعد عن معناها الحقيقي مالم تقترن بالنزاهة والتي هي في أبسط معانيها البعد عن السوء وترك الشبهات ، ومع أن النزاهة والأمانة مقياس من مقاييس التقوى فأنها بالإضافة إلى ذلك خلقُ إنساني رفيع ومعلمٌ من معالم الثقافة والتحضر وقاسم مشترك بين كل شعوب الأرض لم يختص به دينٌ أو مذهبٌ دون سواه، وكشاهدٍ على ذلك فقد جاء في أحد التقارير لمنظمة الشفافية الدولية قائمة بأسماء الدول الأكثرَ نزاهة في العالم ، إلا أن ما يؤسَفُ له أنك لا تجد في تلك القائمة أياً من الدول العربية والتي شكلت في يوم ٍما نواة الإسلام حامل لواء الأمانة والصدق، ومن الدول التي ذكرها التقرير فلندا ، ايسلندا ، نيوزلندا ، الدنيمارك ، سنغافورا ، السويد وسويسرا .
وكما أن الكفاءة لوحدها تقصر عن بلوغ النجاح ، فكذلك النزاهة بمفردها تعجز عن النهوض بأعباء المسؤولية مالم تقترن بالكفاءة .
وهناك في واقعنا اليوم ما يدعمُ هذا المعنى ، فلربما تجدُ شخصاً في موقع ٍما من المسؤولية لكنه على الرغم من تمتعه برصيد ٍعاليٍ من النزاهة فقد يكون مفتقرا إلى الكفاءة اللازمة لأداء عمله الأمر الذي يترك خللا واضحا وضعفا شديدا على أداء الوحدة التي يديرها .
لذا فمن الجدير بنا ونحن على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ يفترض أن تكون مكرسة ً للنهوض والبناء أن نعززَ في أنفسنا هاتين السمتين وأن نتوخاهما بدقةٍ فيمَن ننتخبهم ليمثلوننا سواءً في البرلمان أو مجالس المحافظات أو في المجالس البلدية بل في كل مواقع المسؤولية ، لنثبتَ لأنفسنا وللعالم قدرتنا على التطور والنهوض ، وعلينا أن نسعى نحو ذلك بجد وإخلاص ،لنصنع لأنفسنا ولأجيالنا اللاحقة غداً مشرقاً باسماً قوامه قيم الماضي التليد وحداثةَ العصر وعلومهِ ، وأن لا يثنيَ عزمنا طول الطريق ومشقتهُ وإن كنا في أخر الركب فلربَ مغلوبٍ هوى ثم ارتقى . على أن الدعوة لا تقتصرُ على فئةٍ دون غيرها بل تتسعُ لتشمل كل أفراد المجتمع ، فتغيير واقعنا والنهوض به مسؤولية الجميع وأمانة ٌفي أعناقنا ، فكلكم راع ٍوكلكم مسؤولٌ عن رعيته.
ناحية الفجر