قصة عشق تحت ضلال شجرة السدر وعلى أنغام العصافير/احمد الاسدي
Sat, 6 Oct 2012 الساعة : 23:55

في يوم من أيام طفولتي أتذكر هذا الموقف وبشكل واضح تتجلى لحظاته على ذاكرتي كما لو انه الأمس,
كنا نسكن في احد المناطق ألشعبيه في ألبصره والتي تسمى بـ " الجبيله " حيث كنت فوق سطح البيت فحدث
هذا :
حيث كانت تتهامس العصافير في إحدى أيام الربيع على شجرة الـ " السدره " وهي تبتسم وغارقة في الضحك والسعادة , وكأنها كانت تقهقه وتتمايل مع ضيوفها العصافير , صوتهن كان يجذب انتباهي ولا لشيء سواه , وكنت أترقب أن يسقط إحدى صغارهن فامسكه فاجعله رفيقي , لكني صدت عصفورا كبيرا كان يجلس تحت تلك ألشجره يترقب شي ما , فأخذني الفضول ان اختبئ وارى ما يفعل هذا العصفور ( كان شابا وسيما من أبناء المنطقة) فأليك ما كان ينتظر
في البداية توهمت وقلت انه يدخن السيكاره تحت ألشجره كي لا يراه أهله فيوبخوه , لكن ما رأيت كان شيئا لا يوصف , تأملت قليلا حتى رأيت إحدى أبواب الدور ألمقابله والمواجهة للشجرة ولبيتنا , فرأيت فتاة تخرج كأنها الربيع , يتراوح عمرها بين التاسعة عشر والعشرون , رغم صغر سني إلا أن روحي حلقت بعيدا لما رأيت من جمال عجاب , كأنها إحدى الشخصيات التي تروى في الحكايات.
هكذا للان أتذكرها شابه , يتدفق من وجهها ضوء يصل إلى اللانهايات في مخيلتي , لا ادري الى اين أودى بها الدهر, أعود ... فتمشت خارج باب دارهم وكأنها تمشي على الأثير بخطوات تملئها الاعتزاز والثقة العميقة
فبدا قلبي يعربد بداخل صدري يتشوق أن يعرف ما سيحصل بعد, فأطلت البقاء في مكاني , كانت تمتم بشفتيها , حين ركزت أكثر بدأت كأنها تغني بصوت كما لو كانت أميره على شرفة قصر ما من قصور ألف ليله وليله , وقلت لنفسي أن أطلت السماع لها سوف اذوي من فوق وأذوب كسكره تذوب في فنجان قهوه ساخنة , لذا قررت ان أرى ما سيفعل الشاب , فبدا كأنه يفعل إشارات فقط هما يفهما ما كانت تعني ,عبثا أحاول أن اعرف ما يقصدون ,فتبين ان الشاب يطلب منها ان تقترب , يا ليتها لم تقترب , خرجت كوردة الغاردينا بيضاء , فاشتعلت حواسي كشاشة الكمبيوتر , كأنها لؤلؤه خرجت للتو من صدفتها
بيني وبينك كانت تتجاوز الزمان والمكان , كانت تمشي كالرياح هادئة لا يمسكها قضبان , وحين يسطع الضوء على خديها تستحيل الاغبره المتطايرة على الشوارع المتربة الى غبار برتقالي يعكس لون خديها
فالتصقت بالحائط كما يلتصق طابع البريد بالمغلف وتمنيت أن أتحول الى عصفور على تلك ألشجره , كي أستطيع ان أرى بوضوح ,
فبدأت الفتاة بالاقتراب فبدأت طبول القلب تقرع في اذناي , واما ذاك الشاب ساد الثلج في زمنه حتى تجمد فقلت لقد قضي عليه , وحين بسطت كفها لمصافحته ذاب الثلج وتسارعت دقات قلبه نحوها وتبرعمت إزهاره فعاد لونه احمر ووجه يشع خجلا.
فبدت أنها ترتدي دشداشه نسائيه محلية الصنع , رغم بساطة الثوب إلا أن مفاتنها كان القمر يتمنى ان يتغزل بها , طول معتدل ورشاقة لا توصف وبهاء يعمي الإبصار , كأن الله قد قولبها لعرض الأزياء وليس للعيش كأي أمراه للعمل او الانجاب, اما انا في تلك اللحظات لم يعد ثمة ما يدهشني , حتى إذا جاء عقرب ولسعني , صار لي يبدوا مألوفا.
كانت شيء عجاب , لا يوصف , وحده الله يعلم ما كان يدور بينهما من حديث , وبعد هنيهة بدأت تبكي كالطفلة فأمطرت دموعها طويلا , ثم اخفت وجهها بمنديل من الغيوم , فتوهمت أنها تمطر في الصيف مطرا دافئا,
ابتللت أنا بالدموع حتى قاع عظامي وحدي لا ادري ما الموضوع , ثم وجدت وسادة اتكأت عليها , بهدوء وصرت قابعا في ركن الحائط, تعبت فعدت كأني متسولا على أبواب العاشقين , فأحببت قصتهما وتمنيت ان افهم حوارهما والذي كان كحوار النوارس العاشقة مع البحار حيث الإنسان لا يفهم منها شيء .
كانا كروح في جسدين , يخطون في رموشهما أجمل قصائد الحب ,فيشتعل الكون بضوء غير عادي , وساد الصمت في دورتي الدموية كأنه أعلنوا حضر التجوال , اجهل كيف اصف تلك اللحظات , وكم جميله الأشياء على علاتها .....
ترى سنعرف تلك اللحظات ألجميله والمشوقة الصادقة ألملقبه بالحب وتبقى معي لكي تعرف نهاية القصة اذن ... ام ستترك اعجاب فقط؟
هنا انتهي من الجزء الأول