عجائب وغرائب العراق/ثائر الناصري
Sat, 6 Oct 2012 الساعة : 14:10

هنا الحديث ليس عن عجائب الدنيا السبع في العراق اوعن عجائب التنوع الطبيعي او الاحيائي فليس هناك في العراق هجرات مليونية لحيوان النو اوطائر الفلامنكو او حيوانات البحر فقد هجرته حتى طيوره المستوطنة واصبح رؤية سرب من الطيور يمر في سماءه ظاهرة ملفتة للنظر .لكن الحديث عن عجائب العراق السلوكيه والسياسيه والاجتماعيه التي انفرد بها من دون دول العالم فاصبحت تشكل ظواهر غريبة ترتقي الى مصاف اعجب العجائب .
ففي الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني من اهل هذا البلد ان البعث ونظامه الفاشي قد استخدم الجريمه في حكمه الى اقصى مدياتها وانه مارس الوحشيه بشكل لم يسجل التاريخ له مثيل فهو الذي ابتكر طرق غير مالوفه في تصفية الخصوم السياسين او المشكوك في ولاءهم له باحواض التيزاب او الغازات السامه بشكل جماعي واستخدام قطع الاعضاء البشريه كالايدي والاصابع والالسن والاذان ووضع الوسم على الجباه بالحديد والنار بالاضافه الى الحروب العبثية وتدمير البيئة وتحطيم نفسية الانسان وكيانه وكرامته وجرائم لها بداية وليس لها نهاية بل تحتاج الى موسوعة كبرى لاحصائها إلا اننا نرى البعض من بيننا من يمجد البعث ويحن اليه وينسى طبيعة اجرامه لا بل ان البعض من الناعبين في خرائبه فتح القنوات الفضائية لكي يوقف المجتمع على ثقافة البعث ونمط حكمه واشاعة ثقافة القتل والسحق والاذلال تلك حقبة سوداء ولون من العذاب لازالت اثارها وبقاياها .
وبعد سقوط النظام بطريقة درامايتيكية عام 2003 برزت ظواهر اكثر غرابة مما هو معروف ومألوف وظهر نمط غريب من السلوك السياسي والاجتماعي وبدا ان مشاكل العراق كأنها قدرية عصية على الحل ففي جريدة الصباح الجريدة شبه الرسمية ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 31 تموز 2012 ان قضية الكهرباء انفق عليها اكثر من 26 ترليون دينار منذ عام 2006 ولم يسفر عن شيء إلا عن زيادة قدرها 1000ميغا واط فأين ذهبت هذه الترليونات والتي اعتقد اننا لم نعتد من قبل على لفظ كامة ترليون وان الفقراء وسكان التجاوز والذين يحلمون في هذا البلد بلبس حذاء جديد لا يستطيعون نطق كلمة ترليون وتلك عجيبة من عجائب العراق الجديد .
بالاضافة الى ذلك ظهور النخب والطبقات السياسية المقرونة بالثراء والتي تذكرنا بعصر الباشوات والبيكات والتي استعارت كل القاب المستكبرين المكروهة (كالمعالي وغيرها) واصبح السياسيون اليوم سبباً لنشوء ظاهرة الاغتراب والشعور بالقهر بين افراد المجتمع وشكل السياسيون بمواكبهم السوداء واساطيل السيارات الفخمة وحماياتهم المدججة بالسلاح والتي تبدو وجوههم كوجوه سكان كواكب اخرى .
ظواهر غريبة تعمق الاغتراب المجتمعي وتنمي الشعور لدى المواطن العادي بالسحق وبانه على هامش واحد الذي لا يعرف ماذا يدور فيها فهو يسمع ويقرأ ويرى بأن هناك ترليونات وان بلده من اغنى دول المنطقة لكنه لا يرى الثروة إلا اولئك المسئولين الذين بنوا لهم قلاعاً ويحجون كل سنة الى بيت الله الحرام يدعونه لزيادة ثروتهم .
فاذا مرض المواطن وذهب الى طوارئ المستشفى لا يجد إلا نقالة مكسرة وكرسي متهرئ واسرة بالية واوكسجين معد لمعامل الحدادة يجهز للمرضى .
وعلى نقيض اخر يرى نفس المواطن ان صديقه او الذي يساكنه في نفس المنطقة كان بائعاً متجولاً او فراشاً في مدرسة قد امسى واصبح عقيد او عميداً في الاجهزة الامنية واصبح الجنود والحمايات يهرولون خلفه وفجأتاً نتق بيته من بين البيوت ببنائه الشاهق .
والاغرب من ذلك كله .
الروح الاجرامية والرغبة في ابادة العراقيين من جهة محددة عند اولئك الذين يفخخون ويفجرون منذ تسعة سنوات فأن هؤلاء هم قطعاً في العراق ومن مناطق محددة واسماء محددة وهم الذين يستقدمون الانتحاريين ويعدونهم كأدوات لقتل فئة محددة من ابناء الشعب العراقي هم وبقايا البعث المجرم .
اما على مستوى الاعلام نرى هناك اشخاص خارج العراق من اصحاب الترليونات فتحوا قنوات فضائية ووسائل اعلام اخرى واصبحوا يتصرفون كدولة مستقلة ذات سيادة فهم يواجهون خطابات سياسية ويوزعون الاموال والاجهزة المنزلية فيخرجوا الفقير على الهواء فيفضحوه امام الملأ من اجل اعطاءه مولدة او ثلاجة .
اما اعضاء البرلمان وهو اغرب برلمان في العالم سلوكاً وامتيازات واقداراً ساقت البعض منهم الى هذا المكان فكل عضو فيه هو دولة مستقلة ذات سيادة يقفون خلف لواقط الفضائيات يشتمون هذا ويلعنون ذاك ويشعلون الحرائق في كل مكان .
جيوبهم مملوئة بأموال امتيازات الدولة وعقولهم فارغة من اي هم حقيقي يخص المواطن .
فنحن نرى العالم ودوله ان هناك جهه واحده مخوله دستوريا تنطق باسم البلاد كرئيس الدوله او الحكومه الا في العراق فكلهم يتحدثون في الامر سوى كان يخصهم اولا يخصهم .
هذه عجائب وهناك عجائب اخرى .


