حلم قصير على ضفاف اهوار الجبايش/احمد الاسدي
Fri, 5 Oct 2012 الساعة : 16:30

صباح اليوم المشرق سارت مركبتي على صفحات الإسفلت السوداء ,حيث شرفة نافذتي ألصغيره تطل على سجادة خضراء تضم تحتها مهد الحضارات ,حيث تلك الأيام الغابرة التي عاشوا بها أجدادنا السومريون والتي لازالت فنونهم مدفونة تحت هذا الجسد الأخضر الجميل والذي يسمى هور الجبايش,
وبعد انطلقنا في السير والقلب يجن فرحا للسير جنب غابات القصب , حيث هبوب رائحة البردي المبتل بمياه الفرات ,وأصوات طيور الماء ألمجنونه بهوى عشق الأهوار , حيث صوت طائر " السميجي" كان
يعلو جميع الأصوات.
وبعد ان حاولت عبثا ان أركز على ذلك الصوت الذي كأنه نداء العاشق لعشيقته المجهولة , وبعد هنيهة التقطت عيناني السومريتين ذلك الطير الملون وللحظات صرخ واغمد جسده الجميل في مياه الهور ولثواني
خرج وفي فمه سمكة تتلألأ صدفاتها كأنها مرايا مبراة الأقلام التي كنا نستلمها في المدارس حيث لا تفارق
جيوب بناطيلنا حيث نعكس ضياء الشمس على حائط الجيران.
تمنيت بوسعي ان التقط صوره لذاك الطائر الخرافي السومري والذي يكن في صدره تاريخ أصدقائه السومريين ألا أن السائق (سيد ماهر)يريد أن يصل الى حيث نبغي بأسرع وقت.
بعد ان سارت بنا السياره وللحظات شاهدت نساء بلا خوف يمتطين زوارقهن الصغيره " المشاحيف " مكممات بأقنعة سوداء , يضربن مراكبهن السوداء بسياط خشبية يطلقن علية اسم" المردي" وخلفهن بيوت لا تعرف القرميد المفخور او القرميد الأسمنتي , بيوت طينية بسيطة ومفتوحة لا تسمع فيها أنين الضيق كبيوت المدن المكتظة.بيوت يسكنها عشاق القصب والبردي والسمك وحيوان الجاموس , حيث ترى أعين الأطفال تتلألأ كالنجوم ومن حولهم الكلاب يلعبون معها كالفراشات ألملونه في حدائق الإزهار تطارد بعضها البعض ويصرخون بأصوات , كأنها الألحان العصافير.
وحين وصلت الى حدود " قضاء المدينة " حيث يملئ سمائها الغبار وأدخنة الغازات النفطية حيث انتهى حلمي في جنان عدن الخضراء هناك في اهوار الجبايش , وبدء كابوسي المسموم بغازات البترول الخانقة , فما وسعي الا ان أغلق نافذتي , وأتنفس الهواء الصناعي البارد وأغمضت عيني , وأوصي السائق أن يوقظني في نهاية رحلتنا......
أحمد الاسدي


