رجال من الناصرية - محمد حسن العضاض/حسن علي خلف
Fri, 5 Oct 2012 الساعة : 15:49

تنتسب اسرة العضاض الى قبيلة عنزة . تلك القبيلة الواسعة البطون .. متعددة الافخاذ .. مترامية التشعبات .. وارفة الضلال .. كثيرة العدد . وعنزة هي من اكبر القبائل العدنانية في الوقت الحاضر تنحدر من اسد بن ربيعة بن نزار ، وديارها تمتد من نجد الى الحجاز فوادي السرحان ثم الى البادية السورية فحلب . وتتجه شرقا حتى الفرات في شمال دير الزور ونهر الخابور . وكانت لها عداوات مستحكمة مع قبائل شمر .. في المئة والخمسين سنة الاخيرة ، وهذه العداوات ناتجة عن التزاحم والتدافع حول الماء والخصب الى ان عبرت شمر الفرات لتستقر في الجزيرة الفراتية عندها هدأت المعارك والغزوات بينهما . الا ان نوع من التغازي بين القبيلتين استمر الى الايام المتاخرة من وقت حكم عجيل الياور زعيم شمر ..
وبيت العضاض الذين هم في مدينة الناصرية يعتبرون من سكانها الاوائل ، نزحوا من مدينة النجف في زمن جدهم كاظم بن حمد ال سليمان العضاض العنزي ، بناء على اوامر المرجعية الدينية في ذلك الزمان ليستوطنوا مدينة ناصر باشا الاشقر ( الناصرية ) التي اصبحت مركز جذب للكثير من العوائل والمستثمرين والتجار . فلما رأت المرجعية في ذلك الحين ، ان سكان هذه المدينة اغلبهم من الموصل وكركوك والرمادي والسليمانية واربيل ، ومن مناطق الاعظمية من بغداد . امرت بعض العوائل التي ترتبط بها ان ترتحل الى الناصرية لمعادلة الكفة . فكانت عائلة العضاض التي سكنت في محلة السراي بادئ ذي بدء ومن ثم في حارات الناصرية ، عندما كبرت تلك الحارات وتعددت الشوارع . كون الناصرية كما هو معروف في بداية تشييدها كانت تتكون من 7 شوارع متعامدة على بعضها ومحاطة بسور له اربعة ابواب . تشكل نصف دائرة وترها الفرات . ومحمد حسن العضاض ابن هذه العائلة البار ولد في الناصرية في سنة 1920 واكمل دراسته فيها وكان من الطلاب المتفوقين فيما كانت دراسته العليا في دار المعلمين العالية في بغداد . وقد اختار قسم اللغة العربية . مارس التدريس على اكمل وجه ، ومن ثم اكمل دراسته للقانون ، فكان رحمه الله متعدد الاهتمامات واسع النشاط له مؤلفات ومحاولات شعرية وكتابات سياسية ، وكان يشاطر المرحوم شاكر الغرباوي في مجلته البطحاء او في جريدة لواء المنتفق . شغل وظائف عديدة في الدولة منها الاجتماعية والسياسية والحكومية . فالاجتماعية كان يهتم في امور الناس والبسطاء منهم ويدافع عن المظلومين ويتبنى احتياجاتهم لدى الحكومة لينجزها ، والسياسية فقد انتمى الى حزب الامة الذي كان يتزعمه صالح جبر وكان العضاض على راس التنظيم في مدينة الناصرية . اما الوظيفة الحكومية فقد كان عضوا في مجلس النواب في دورته الرابعة عشرة ، ومن ثم انتدبته الدولة لخبرته ومقدرته وكفائته ان يكون مديرا عاما للغابات والتشجير في وزارة الزراعة العراقية . الامر الذي اضطره الانتقال الى بغدادويفارق الناصرية التي ترك فيها بصمات عميقة واثارا واسعة ومؤلفات وقصائد كونها كانت تشكل حلم عودته وموئل صباه ومهبط رأسه . وقد كلفته الحكومة في احد الايام ان يؤلف كتابا مدرسيا يدرس في مدارس العراق فألف ذلك الكتاب تحت عنوان ( الجغرافية الطبيعية للعراق ) . الا انه وبعد عمر قصير كعمر الحوليات من الورود والازاهير العبقة اختاره الله الى الانتقال للعالم الاخر في سنة 1961 . ولقد بكته وزارة الزراعة وبكته بغداد وذرفت الناصرية عليه دموعا سخية كونه واحدا من ابنائها الميامين الذين لم تزل ذكراهم عالقة في الاذهان ويعيش في رؤى اهل ذي قار الى الان . واجد من المناسب هنا ان اذكر ان اسرة ال العضاض تنحدر من خلف بن عبيد العضاض بن سعد المقمص بن حمدان بن الباصم وتنتهي الى عشيرة البطينات المرتبطة بمعلة ومن ثم المرتبطة بـ ( اسبعة ) الذين هم من ضنا عبيد بن بشر بن سعد بن وائل بن هزان بن صباح بن عتيك بن اسلم بن يذكر بن عنزة بن اسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان . ترتبط هذه العائلة قبل نزوحها من النجف في الربع الاخير من القرن التاسع عشر في صلات قرابة مع العديد من العوائل العنزية في النجف يعرفهم ال العضاض جيدا وكذلك تربطهم صلاة وثيقة مع عائلة العلامة المجاهد محمد سعيد الحبوبي ، حيث كلاهما من نجد الى جانب ربما هنالك مصاهرة من النساء ومن ثم الصداقة المتينة بين العائلتين الامر الذي جعل المجاهد محمد سعيد الحبوبي يقصد بيت هذه العائلة عندما جاء حاديا بركب المجاهدين من النجف مارا في الفرات الاوسط ليلتحق بمعسكره مجاهدي اهل المنتفق الذين كون لهم معسكرا في منطقة الصخيرية غرب الناصرية حتى لا يزاحموا اهل الناصرية في شوارعهم وعلى اقواتهم ... وبعد العودة من معركة الشعيبة الخاسرة فاضت روحه الطاهرة في احد دور ال العضاض سنة 1916 . وقد كانت تلك الدار مزارا الى وقت قريب وكان من المؤمل ان يكون التمثال الحالي في شارع الحبوبي ليس في هذه الساحة وانما في تقاطع شارع السموأل مع الحبوبي ليكون النصب قريبا من المزار ولكن في حينها كانت هنالك اراء للدولة وللمتنفذين من الذين بيدهم القرار . فاصبح التمثال في محله الحالي . رحم الله رجالات الناصرية الذين جادوا بكل ما يملكون من طاقة ووسع في سبيل خدمة مدينتهم ورحم الله رجلنا المحامي محمد حسن العضاض والحمد لله رب العالمين .