إمعات السلطة-صلاح بصيص
Wed, 22 Jun 2011 الساعة : 22:58

ان المشروع السياسي في العراق مبهما، بسبب غياب النماذج الناضجة ممن يعول عليها الجمهور، التي تكون المنقذ نهاية المطاف، سياسة (معي تكن صديقي، ضدي تكن عدوي) هي المتبعة بالعراق وللأسف فانها اخذت تتجذر حتى وصلت الى البسطاء ممن يتبعون الكتل والاحزاب السياسية العراقية، ووصل الأمر الى صم الأذان عن سماع اراء الكتل المقابلة، وان سمعت فإنها تترجم بالمؤامرة او التسقيط، حتى ان كانت تحمل نضجا سياسيا او فكريا، واجتثت سياسة الوسطية، وقبول الرأي، دب هذا الوباء فوصل الى صديقنا مدير مكتب احدى الجهات السياسية النافذة والمعروفة، عندما زرت محافظة النجف الاشرف بصحبة بعض الاصدقاء الاعزاء، تلقينا دعوة المذكور فلبيناها مسرعين، دار حديث طويل اثناء الزيارة، بعدها، وكالعادة، عرج على موضوع السياسة، بدأ الجميع يعطون آرائهم بشفافية وبدون تعصب، ما عدا السيد المدير، الذي بدا مدافعا بحماسة عالية تجاوزت حدود المنطق والعقل، معتمدا على مثالية قديمة عفى عليها الزمن، وهي سياسة التقديس والعبادة لشخصية لا تقبل الخطأ، فسألته مقاطعا ومتداخلا، حين جفت شفتاه وهو يذكرنا بسلبيات الحكومة ويعددها تباعا، بادرته بالقول، انا لست مع الحكومة، ولدي الكثير من التحفظات عليها، ولكن الا يوجد لديها منجز يحسب لصالحها، فقال، قلي ان وجدت منجزا، ولإن المنجزات قليلة جدا، ذكرت المنجز الأمني، فاجابني: هو ليس منجز الحكومة، بل هو منجز يحسب، لفلان، وفلان وفلان...فقلت بما انك وزعت المنجز، كذلك عليك توزيع الاخفاق، فلا يمكن ان تحصر الاخفاق بشخص، وتوزع المنجز على مجموعة، سيما في حكومتنا الحالية التي لا يملك فيها الرئيس اية صلاحية يقيل من خلالها وزيرا او مديرا عاما، لماذا نلغي المقابل لمجرد الاختلاف، نعتبره خصما لدودا، لماذا نتحمل نرجسية المسؤولين وكبار الساسة ممن يعتمدون سياسة الاقصاء والتهميش، اعلم انه انعكاس طبيعيي من الاعلى الى الأدنى، كما اعلم بان ليس كل الجمهور، حتى وان كثر، (روبورت) يحرك بارادة الغير، لا يحق له السؤال او الاستفسار، لكن هؤلاء ليسوا اصحاب المشروع السياسي الجديد الذي نتطلع له في العراق، ما نحتاجه سياسيون مستقلون غير منتمون الى أي من الاحزاب الموجودة في العراق الحاكمة والرديفة، يضاف الى استقلاليتهم، اعطائهم المساحة الكافية لاختيار حكومتهم بملء الإرادة، لا ضغوط، ولا محاصصة، ولا اغلبية واقلية...أو يصار الى تفتيت الاحزاب والتكتلات السياسية، وعدم السماح الى الاحزاب التي اخذت فرصتها في الحكم، ولم تفلح، واقصاءها من المشاركة في العملية الانتخابية للمرحلة القادمة.
العراقيون يعيشون غربة داخل وطنهم، يا جمهور الكتل والاحزاب السياسية، فهل نستمر في ممارسة سياسة(لو العب لو اخربط الملعب) التي يُنظر لها الكبار ويطبقها الصغار، الا يوجد نقطة يلتقي فيها علاؤي والمالكي، حتى مصلحة الشعب، كما فعل اوباما مع غرمائه ومنافسيه، الا ننتهي من هذه الالاعيب الصبيانية التي نؤلب فيها الشارع ضد بعضنا البعض ونمارس سياسية التسقيط والالغاء ليظل (البيت لمطيره)... اخواني واخواتي جمهور الكتل السياسية، ساستنا لا يسمع بعضهم بعضا، ولا يعون خطورة هذا النفور السياسي وان قام احدنا بتوجيه النقد المباشر، ككاتب وكاعلامي عراقي متابع للاحداث وواجبه ان يوجه الانظار الى الخطأ والصواب، يقوم الطرف الاخر برفع دعوى قضائية يطالب فيها الكاتب بمبالغ خيالية تصل الى ملياري دينار، وهنا أود طرح التساؤل التالي، لماذا لا يقاضي المسؤولون العراقيون الصحف الاجنبية والكتاب الاجانب والعرب المعروفين، فمنذ وقت قريب قرأت مقالا للكاتب الاستاذ رشيد الخيون، ينقد، بل يجلد الساسة العراقيون مباشرة وبدون مجاملة او تحفظ، ويسمي الاشياء باسمائها المباشرة، حزبا كان او شخصية، فهل يجرأ احد الساسة ان يقاضي مثله هذا وغيره؟ أم لان الكاتب العراقي لا يملك حولا ولا قوة في الدفاع عن نفسه، ويجده الساسة العراقيون (على كد الايد)، وهم صادقون، فالكاتب العراقي او الصحفي لا يجد مدافعا عنه بقوة واستماتة، ما عدا الاستنكار والادانة.. فلو دافع جميع اصحاب الشأن لما تطاول احد على اتخاذ هذه الخطوة... وهنا اوجه انظار المسؤولين الى ضرورة مراجعة الصحف العربية والاجنبية ونتاجات الكتاب العرب والاجانب، وعندما يستطيعون مقاضاة احد فليأتوا ويقاضونا...
[email protected]