المحلية والشمولية في قصيدة النثر/احمـد محسن السعداوي
Wed, 3 Oct 2012 الساعة : 0:25

في الوقت الذي لا زلنا نعيش مشكلة المنهج العلمي في البحث والتقييم ، ولا زال الكثير منّا يفضّل الارتجال، ليس فقط في الحديث بل في التحليل والمتابعة في احدى احببت ان اجمع بعض مما استطعت جمعه عن لون من الوان الادب في الوقت الراهن والذي يثير جدلا الاوهو " شعر " النثر ففي احدى حورات الفيسبوكين كنت اقرأ مقالا لاحد الاخوة وكان يتكلم عن موضوع شعر النثر وكان الفيسبوكين يردون بأرائهم على ما كتبه ( د فلاح الزيدي ) كنت قد قرأت أرائهم الشخصية عن ذلك اللون ولكون المنبر الذي كانو يتكلمون فية هو خاص بالشعر الحر والنثر احببت نشر هذا المقال بعيدا عن المحليه في الاراء وحاولت ان اكون اكثر شموليه رغبتا مني بالمقارنه بين اللغة الاستعارية التي قلد شعراء النثر الشعراء الغربين فيها كون شعر النثر انتعش بنتعاش الترجمة والحداثة وبين ما يكتبة شعراء القريض العمودي او الشعر الحر ....
يمكن أن نسأل: هل اللغة المشتركة تزيد من "فعالية" النص الشعري ام اللغة الاستعارية؟ هذا السؤال يرتضي الجوابين. يقبل بالأول، اللغة المشتركة، لأنه يحرك القارئ جراء فهمه ثم تفاعله. والثاني صحيح أيضا، لان اللغة الاستعارية قد تزيد من حيوية النص. الاعتراض على اللغة الاستعارية..أنها في أحوال كثيرة تحرك النص في اتجاهات تبدو "انفصالية" وتفتقد الشراكة مع القارئ؛ بخاصة القارئ العام أو القارئ العادي. ومثل هذا السؤال يرد عن الصورة وإثارة فعل النص. هل الصورة المحلية، المرئية، المعروفة لدى القارئ أم الصورة المتخيلة، أو الأجنبية، وهي متخيلة أيضا بالنسبة لنا، هي الأكثر فعلا؟
إذن حياتنا الواقعية، عصرنا المحلي، هو من نغترف منه حقائقنا وجمالاتنا ومنه الصور التي تحتفي بها أشعارنا والأجواء. وان الصور التي ترد بلغة الرمزيين ، مثلا، ، كما هو الحال في شعر الكثيرين منا اليوم، هي صور قد نستحسن لفظية التعبير فيها أو جماليته ولكنها لا تكون فاعلة في نصوصنا دائما لافتقادها الواقعية... ما الذي يدعونا إليها إذن؟
ما يدعونا هو الاقتراب من الشعر العالمي (والمقصود هنا الشعر الأفضل تقنية ومضمونا إنسانيا...) ومسعانا لان نكون بحداثتهم. وهذا مسعى طيب، لكن الحداثة وقيمة الشعر ليستا لفظتين، ليستا صفتين بغير مقومات. وأن يكون الشعر عالميا، متقدما تقنية ومضمونا، لا يعني الابتعاد عن المحلية روحا أو إرثا فنيا. على العكس، قد ينهض بهما!
أستنتج في الختام ما يعني إمكان الإفادة من مدّخراتنا الوطنية ارثا، طبيعة، واقعا وشخوصا، ومثالا على ما أقول شاعر عراقي من البصرة لم يتجاوز عقدة الثالث " سراج المياحي " الذي مزج الحداثة بالتراث والرمزية بمفردة الواقع يقول في " ما تيسر من سورة الوطن "
شفتي افتراضٌ واحتضانكَ ممكنُ لكنهم خدعوا الحصول وخمّنوا
غطّوا على رئة العراق و عندما مـرَّ الهـواء تنـفـستْ وتعـفَـنـوا
هـم رتَلوكَ عـلى الـذرائـع آيــــةً فانثال وحيكَ ما وعوه ليؤمنوا
وتحاملتـكَ كـما المسيح ظنـونهم فهـوى التـشابه وارتفاعك أبين
ويُحجُّ فيكَ إلى الحروب مُطهَّرا ً وتعودُ طهراً واصطبارك ديدن
الله يــــا وطـنــــاً تـجـاوز حـدُّهُ ما يمكنُ المسرى ومـا لا يمكن
الله يــــا وطـنـــاً تأثَّـثَ في دمي نخـلاً بـه قـلـق القطاف مطمأن
تمتدُّ من أقصى السطوع بحيث لا فـجـرٌ يـــدلُّ ولا اتـقـادٌ مُـعـلـَن
وتغوص في عصب الحدود مجللاً فتقرفص الدنيا لديك وتذعن
كــل الـدلالات ارتـأتـك إضـاءةً كبـــــــــــــــــــــــ ـــــــرى وبـعـداً هـائـــــلاً يـتفـنـن
فـتماحـقَ الـمعنى عـليَّ وغُسِّـلت لغةُ المدارك حيث كنهك مدفن
سقطتْ بلادٌ في العبور وأطرقتْ ومـداكَ جــازَ بـنـخـلـه يـتـفـتّن
كــل الـبـلاد بـغـثــهـا وسـمـيـنها تشـتـاقُ فـيـك سـواقيـاً تستوطن
آنستَ نــاراً فـي الـخـلـود وقـلـت فيــــــــــــــــه لــتـمـكـثـوا فـكـذاك طــورك أيــمـن
وفتحتَ أقــواس المحال أدرتهـا صيغـت هـلالاً والبزوغ يبرهـن
فشككتُ فيك فـما مـداك بموطنٍ بـل يـستطـيل وذاك شـكٌّ مـؤمن
أدعوكَ بالوجع المرمل من فمي بالموغـلات وهـنَّ رجـعٌ مـزمـن
بالـمستجيرة أبـحـراً مـن غـارقٍ وهــي الـتـي قـبل اللـقـا تـستـأذن
وبشيلة الأم التي وخزتْ أصابعها فـسـال مـولـــولاً مـنـهــا الــحـنـو
وبـزفـرة الـحـلـم الـيـتيم وقد غفى مـنـذ الـشـروع فـلـم يـعـد يَـستبين
بتقاعد الدمع المسنِّ وقـد جـرى خـلـف الجفـون فأنكـرته الأعين
شفتاك دجلةُ والفرات فـقـل لـهم أن الـوجـود بـرافــديـك مـعنـون
وبأن هذي الأرض كانت طفلـةً زغب المدى أبـعـادهـا لا تـفطن
أرضعتَها عمق الحضارة فازدهت وتأنقت وعتلاهــا مـجـدٌ مـدمـن
يــا أسـمـر الـطـرقـات يـا عــــذب الـمـعـالــــــم خـفــقــة مـــن طـهــرهــا تـتـلــون
يا صوت فيروز المرقرق بالندى صـمـتـاً يـدنـدنُ بالـرؤى ويلحـن
خــجـــل الـعــذارى وقــت ينـسـلُّ الـتـفـتُّـح بـــيـــنـــهـــنَّ كـمـا الــعــراء ويُــمــعـن
يا خـدَّ طـفـلٍ لامسـتـه خـمـيـلـة ٌ شـغـفـاً وقـالـت يـا عـراقُ تُجـنِّن
بـغـداد طـلـعـتكَ الخـضيـلة إنما نخشى عـلى بغـدادنـا تـتـمـيـسـن
تسـبـيكَ مـن حـدٍّ إلـى حـدٍّ بـهـا ميـسـان تغـري مـن تـشاء وتفتن
يـا آدم الأوطـان لـم تصعـد لها إلا لأنـك بـــــاعــث ومــشـرعـن
فـنـقـول خــرّوا للـعـراق تـذللاً وتوضـؤا مــن دجـلتـيه لـتركـنـوا
احمـــــــــــــــد السعداوي