الولاء المهني في الثقافة الإسلامية/رياض كريم العمري

Tue, 2 Oct 2012 الساعة : 23:18

 

لقد جاء الإسلام بتصور وفهم جديدين لطبيعة شبكة العلاقات التي تربط الناس بعضهم ببعض كما تربطهم بالله ورسوله وأولياء أمور المسلمين. وهذا التصور والفهم الجديد يقوم على أساس من الترابط العضوي والتماسك الشديد والتلاحم القوي داخل المجتمع وفي النسيج الاجتماعي , وهذا هو المقصود بالولاء.
ومن المعلوم ان النسيج الاجتماعي في الحضارات المختلفة يختلف من حضارة إلى أخرى قوة وضعفا. كما يختلف هذا النسيج من مجتمع إلى أخر من حيث النوعية والكيفية, فتقوم العلاقات الاجتماعية في مجتمع على أساس مصلحي ونفعي, بينما تقوم هذه العلاقات في مجتمع آخر على أساس من الإيثار والتضحية ,وليس على أساس المنفعة والمصلحة, ويقوم في مجتمع ثالث على أساس قانوني وتعاقدي تنظمه بنود وفقرات القانون, بينما يقوم في مجتمع آخر على أساس من القانون والأخلاق , ويكون للأخلاق مثل ما للقانون من دور في تنظيم العلاقات الاجتماعية .
والولاء بصيغته (الولائية ) الجديدة هو الطريقة الإسلامية المفضلة لتنظيم شبكة العلاقات الاجتماعية في الإسلام.
ويؤكد الشيخ الاصفي أيضا بان للولاء خطان في شبكة العلاقات في الإسلام:
• الخط الأول بالاتجاه العمودي للولاء ويتمثل في طاعة الأمة لله ولرسوله ولأولي الأمر الذين جعلهم الله تعالى ورسوله أولياء للمؤمنين .
• الخط الثاني بالاتجاه الأفقي للولاء ويتمثل بسير العلاقات العرضية (الأفقية) في المجتمع الإسلامي بين أفراد المجتمع وأعضاء هذه الأسرة الربانية الكبيرة.
 
وهذه العلاقة تتلخص في العناصر الثلاثة التالية :
1. التناصر.
2. التعاون .
3. التحابب.
 
من هنا نفهم بان مبدأ الولاية في حياة الإنسان هو الله تعالى , وليس لغير الله تعالى ولاية لأحد على الإنسان. وكل ولاية مشروعة في حياة الإنسان وبين الناس نابعة من ولاية الله تعالى على الإنسان وتابعة لها. وليس لأحد على احد ولاء منفصلا عن الولاء لله تعالى.
لهذا فان الفرد المؤمن لابد ان يكون مسؤولا في توحيد الولاء وعدم تجزئته , لان توحيد الولاء أهم معاني التوحيد, ومن خلال هذا المبدأ يتحدد سلوك العاملين في مواقعهم المهنية والاجتماعية , بما لا ينفصل عن عن المبدأ والمنطلق الأول للولاء , فمعيار المسؤولية يعود الى هذا المبدأ فهو الدافع لإتباع السلوك الايجابي في أداء واجباتهم بأمانة وإخلاص ,نائين بأنفسهم عن أي خلل يعيق تقدم العمل , او استغلال مهنهم لاغراضهم الخاصة او التقصير في العمل من خلال التغيب او هدر الوقت أثناء الدوام , فهذا يعد خيانة للأمانة (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }ا الأحزاب72 , فان هذا الولاء مستمد من المنطلق الأول للولاء وأي خلل او تقصير يحدث أكيدا لا يتحقق توحيد الولاء, لهذا بين رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم) تلك الحقيقة بقوله ( لاتنظروا الى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف, وطنطنتهم باليل, ولكن انظرو الى صدق الحديث وأداء الامانة)(الميلاني:1429ه:87).
ان الهدف من الدين بعقيدته وشريعته هو إصلاح الحياة وتنظيمها والسير بها إلى الأفضل والأكمل وبالتالي تحقق مثل هذا الولاء يحقق للمؤسسة النجاح والكفاءة والإبداع والعمل المخلص , والأولى بهذا ان تتسم به الأسرة التربوية كونها تحمل رسالة الأنبياء في التربية والتعليم.
 
Share |