أهنت قضاءك ... وحالفت غريمه/محمد علي مزهر شعبان
Tue, 2 Oct 2012 الساعة : 1:46

صفوف ومواكب ، شدة الرحال نحو اسطنبول ، لتحييُ المناسبة العظيمه لأجتماع دوري للحزب الحاكم عربيا واسلاميا ، الممثل للاقليم ، والمسخر دوليا ، الحزب المبجل ، الموكل باعادة المجد العثماني . اصطفاف مريب ، واندفاع عجيب ، وكأنهم ذاهبون الى مؤتمر يالطا ، وكأن الحرب الكونية وضعت اوزارها ، ، لقد انتهى من اشعل اوراها ، وجاء روزفلت وتشرشل وستالين ، ليحددوا للامم مسارها .
فرادى وجماعات ذهبت لتبارك سلطان العهد الجديد ، لتجدد له البيعة في ولاية ثالثه ، بحضور ملاك الرحمة ، وخليل الرأفة ، ممثل السلام ، وقائد تجديد الانام ، ( طارق بكر الهمام ) . وكأن خلاص الازمة ما يتمخض من قرارات هذا التجمع . نعم انها انتخابات داخليه ولشأن حزب في الجوار ، ولم نألف هكذا دعوات الا في المؤتمرات الامميه الاشتراكيه ، ولا في مؤتمرات القمم على جميع المستويات الدولية والاقليمية ، الا ان ما ينظر اليه هو انه حضور من يمثل اجندة رتبت وانساقت ورائها دول واحزاب وارادات ، نوع جديد يتطابق الى حد ما بل اكثر مع مؤتمرات الامميه ، لعله هو الاممية الاوردغانيه ومن يلتحف بجلباب الاخوانية ، المعتدلة التظاهر كما في خطاب الانغوشي في تونس ، او المبطن من طروحات مرسي في مصر ، انها في بودقة واحده مع سلطان العهد الجديد اوردغان .
الملفت للنظر بالنسبة للعراقيين ، هي هرولة بعض رؤوس الكتل ومن التحق بهذا الركب لغاية في قلب الداعي والمدعو ، وان من تمنع من الحضور ، يدرك الغاية من الدعوة ، وما خفي من ظاهرها البروتكولي عن باطنها الذي يجمع القاتل بالمقتول ، فتمنع والحجة في عدم الحضور ، مبررات اخلاقيه ، ولوازم اقرب الى القدسيه ، وهي كيف يمثل العراق قاتل ، محكوم عليه من ارقى ما يؤهل الشخوص كقاده ، وما يمثل القاده كممثلي وطن ، لم يحترموا قضائهم ، وجلسوا في خندق واحد مع ذلك المجرم ، وحين يسقط القضاء ، سقطت الدولة وسقفها ومن يمثلها باحتساب انه يمثل القانون ؟
صفوف في حضرة اوردغان ، وما يحمل حزبه العدالة والتنميه من مبتغيات ، عنونت لافتهها بتصفير الازمات حين ركبوا دست السلطه ، واسلام معتدل يتعامل مع الكل دون الالتفات الى الاثنية والمذهبية والدينية ، ومرر المكر بعد التمكن ، تحت حركة ملعوبة هنا وهناك ، كسفينة المساعدات الى غزة ، وقدم خلالها بعض الاضحيات ، واللعبة تحتاج الى اكباش فداء لتمرر ، ومسرحية دافوس ، وخطاب شمعون الذي استغرق 24 دقيقه وخطاب اوردغان الذي استغرق 12 دقيقه وانسحاب اوردغان من المؤتمر ، وصفقت البلادة لهذه التمثيليه .
ان حقيقة هذا الحزب التي لم تظهر الا بعد ظهور ما يسمى بالربيع العربي ، حيث انفجرت سياسة حزب العدالة كأديولوجية ، انكشفت مضامينها مع هذا التحرك ، الذي تحول من مفهوم الثورة التي ترتقي بالانسان وتضعه من حيث حركة التاريخ الى شكل ارقى واسمى من حيث التقدم والتحضر والديمقراطية والانقلاب على الانظمة الدكتاتوريه ، واذا بها انظمة اول ما اعلنت انها طائفية حدً النخاع ، وتحالفت وتحركت من قبل قوى رجعية عربية ، واصطفت في عربة تقودها تركيا وهي تمثل ارادات خارجيه واوراق تلعب من قبل الدول الكبرى معروفة المفاد لوضع موازيين جديده للمنطقه . انظمة كانت تحمل كما اظهرت شعاراتها انها اولا اسقاط الانظمه ، بدعامة اللافته الكبيره هو القضية الفلسطينيه ، وحين تسلمت الكرسي تاهت القضية المركزية كما يدعون بين الارجل ووثقت المعاهدات السابقه واذا بدلا ان نوثق العهد القديم ذهبنا لنذبح الخوة في الاوطان بقيادة دول ملكية وراثية طائفية اول ذبيح فيها هو الحرية .
كل القراءات تدل من داخل تركيا وحتى المقربين من حزب العدالة والتنمية ، في أن تركيا انتهجت سياسات مذهبية في سياساتها الخارجية. وبقدر ما ابتعدت تركيا قصرا عن اوربا يقترب مركبها بقوة اكبر نحو مستنقع تجد فيه التعويض ، لاعادة تلكم الايام الخوالي ، في مجد امبراطورية ال عثمان ، وهذا المستنقع هو التحرك في اجواء الحساسيات والصدامات المذهبية والاثنيه . انكفأ التقدم على الطريق الأوروبي ، وانهمكت تركيا بمحيطها الإسلامي. وكما يقول احد الكتاب الاتراك ( ثماني سنوات وعلاقات حكومة رجب طيب اردوغان مع الاتحاد الأوروبي تراوح مكانها. لم تتغير قاعدة التعامل التركي مع الأوروبيين ).
العلمانيون وقوتهم الجيش وقياداته ارادوا للاتاتوركيه ان تسير مع الشعار الاوربي لقمع الإسلاميين . وبذات الحركة والتوجه بعنوان الديمقراطيه قضى اوردكان على سطوة الجيش. ولكن كانت النتيجه واحده ان اوربا لعبت على حبال المتغير داخل تركيا ذاتها ، فهي لم تتحسس لاغارة اوردغان على الجيش ولا اكترثت لغياب العلمانيه ، ارادة اوربا ان تبقى تركيا مطية تتحرك لاراداتها ، وان تساق تركيا كقوة اقليميه وفق غياب الدور العربي وظهور ايران كقوة اقليميه ،دون الالتفات الى الصراع الداخلي بين العلمانيين وبين العثمانيين الجدد والسلطان اوردغان . ورغم ما يوكل اليها تبقى تركيا خارج اوربا دون ان تكون ضمن صفوفها كعضو كامل .
يقول الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري دينيز بايكال : إن سوريا تشهد حرباً مذهبية، وتركيا تحولت إلى طرف فيها. وتحولت السياسة الخارجية التركية إلى سياسة مذهبية بالكامل، وهذا أمر خطير جداً، لأن تركيا بمثل هذه السياسة المذهبية لا يمكنها أن تتلافى خطر انتقال الأحداث الى داخلها. والمسؤول عن هذه السياسة الانفعالية هما اثنان رجب طيب اردوغان واحمد داود اوغلو )
وللدلالة على الخلط الطائفي بالسياسي بالاستعماري قول اردوغان : يسألونني لماذا اهتم بسوريا إلى هذا الحد؟ الجواب عندي بسيط وهو أننا بقية الدولة العلية العثمانية وأحفاد السلاجقة وأحفاد العثمانيين)
والسؤال ما العلاقة بين أن تكون سليل العثمانيين أو السلاجقة وبين الاهتمام بسوريا أو العراق أو إيران أو غيرها من الدول والقضايا ؟ وفي مؤتمر امس تعاد ذات النغمة التي يترنم بها اوردغان بالسلاطين ، بسليم وسليمان ومحمد الفاتح . هذه خارطة الطريق ، لاسترجاع الدور التركي ، حين بدأ بسياسة تصفير المشاكل ، واحداث المشاكل تحت سياسة القوة الناعمه .
يقول الكاتب محمد نور الدين السفير : ألا يختزن هذا الجواب ويكثف كل الطموحات التركية للسيطرة وتزعم المنطقة استمراراً للنزعة العثمانية ؟ نعم فليخرج أحد ويبرر لنا هذا الربط بين سوريا والسلاجقة والعثمانيين؟
في حين يقول الكاتب حسن جمال، في صحيفة ميللييت : إن من ليس متصالحاً مع مكوناته الداخلية لا يمكن أن يكون متصالحاً مع الخارج، لا في سوريا ولا غير سوريا.
الأمر ذاته يقوله سميح ايديز : لم نكن لننتظر كثيراً لنشهد على إفلاس سياسة «صفر مشكلات». لا مكان لـ«صفر مشكلات» مع من ليس متصالحاً مع شعبه. من 19 تموز بدأ اكراد سوريا السيطرة على مناطقهم، ليظهر حكم ذاتي للأكراد بما هو يشبه شمال عراق ثانٍ لتركيا . تركيا لن تسمح لهذه البنية أن تظهر. لكن نظاماً (تركياً) له مشكلات جدية مع أكراده لا يمكن ان يتبع سياسة صفر مشكلات مع جيرانه». ان عمق استراتيجي من دون اكراد نصل الى الفراغ. ونظام له مشكلات مع شعبه لا يمكن له ان يقود موجة التغيير في الشرق الأوسط، ولا أن يكون طليعتها. أولا يجب أن تطبق سياسة صفر مشكلات مع الأكراد والعلويين والعلمانيين، وبعدها تكون مع الجيران. لتعيش «صفر مشكلات)
اما الصحفية مهوش ايفين تقول :لقد تحوّلت عبارات الأخوة العلوية ـ السنية / والتركية ـ الكردية إلى كلمات جوفاء. والحكومة تتصرف مثل الفيل الذي يدخل إلى دكان الزجاجيات فيطيح كل شيء)
هذا نزر بسيط من اهل الدار واللذين يروون كيف هي الاوردغانية الجديده ، وكيف يخطط اوردغان لابقاء سلطنته الى السبعينات من هذا القرن ، بعد ان يغير في الدستور ، وبعد انتهاء ولايته لرئاسة الوزراء ليكون بديلا ل عبد الله كول في رئاسة الجمهورية لدورتين . هذا شأن تركي ولكن هل يتركنا حزب العدالة السلطاني وشئننا ؟
هذا السؤال يوجه الى قافلة الحاجيين الى الى بيت القائد الجديد ، وحسبهم ان جمعتهم الاهواء والمصالح الضيقة ذات الاتجاه الذي نعرف جميعا اهدافه ،ولكن يبقى السؤال اين الوطن والمواطنه ، حين تهين قضاءك وتجلس مع نظرائك ، هل اعلنتم انكم قتله ؟
سادتي كل شيء فان ..... سيذهب العدالة يوما واردغان ، والسؤال متى ؟ والجواب عندما يبدأ السؤال