ديمقراطية بدون قطاع خاص/سالم مشكور
Sun, 23 Sep 2012 الساعة : 19:30

أكثر من تسع سنوات مرت وما زالت هوية الاقتصاد العراقي مجهولة . النصوص تقول انه اقتصاد حر كجزء من منظومة النظام الديمقراطي ، لكن الواقع يشهد غير ذلك . قوانين وتعليمات أغلبها يعود لزمن الاقتصاد الموجّه ، والاهم من ذلك عقلية ما زالت متمسكة بهيمنة الدولة على كل شيء. بل ان البعض يتعامل مع القطاع الخاص بكراهية شديدة وكأنه "عدو غاشم إغتصب الحقوق الشرعية للدولة " .
لا يمكن لديمقراطية ان تستقيم بدون إقتصاد حر . والدول تتدخل لدعم القطاع الخاص خدمة للمواطنين .حدث هذا في الازمة المالية الاميركية قبل سنوات عندما دعمت الحكومة قطاع التسليف العقاري بمليارات الدولارات لانقاذ الملايين من الناس من التشرد بعد فقدان منازلهم . الاساس هو القطاع الخاص وديناميكته المنسجمة مع طبيعة عمل الاقتصاد الذي لا يمكن إدارته بالبيروقراطية الحكومية شديدة البطء في الاداء والمبتلاة بالفساد المتعدد المستويات في بلدنا.
الاتصالات- مثلا- بما تشكله من عصب حيوي للاقتصاد الحر ، لا يمكن ان تدار بعقلية الادارة الحكومية ،العاجزة حتى الان عن انجاز البنى التحية بل انها لم تستطع إصلاح شبكة الاتصالات الارضية الموجودة اساسا ، رغم كادر بشري يفوق العشرين ألفا في شركة الاتصالات التابعة للوزارة . العجز عن الانجاز سرى ايضا الى الهيئة التنظيمية للاتصالات (هيئة الاعلام والاتصالات ) المكبّلة بذات القوانين والتعليمات المعرقلة ، مضافا اليها التدخلات و"الاجتهادات" المنتهكة لدور الهيئة المنصوص عليه في القانون، التي تنطلق من التركيز على حجم الجباية الآنية للحكومة من القطاع الخاص بعيدا عن استراتيجية تنشيط هذا القطاع ودعمه بما يعود بالنفع – على المدى البعيد – على الاقتصاد ككل .
للمثال ايضا: ما زالت خدمات الموبايل تعمل بالجيل الثاني فيما الكثير من دول العالم يستعد لتوديع الجيل الثالث الى الرابع الذي يوفر إمكانات لا حصر لها تجعل من جهاز الموبايل مكتبا محمولا . الوصول الى الجيل الثالث – بداية - يتطلب تنظيما يقوم على رؤية شاملة لتطوير الاقتصاد وتشجيع القطاع الخاص وصولا الى خدمات اتصالات متطورة تشكل عصبا حيويا لاقتصاد متطور . أما الاقتصار على التفكير باستحصال مبالغ كبيرة للخزينة أو مشاركة القطاع العام للخاص، لقاء السماح للشركات بتطوير الخدمات فامر يعود بالضرر على المواطن الذي اما ان يحرم من الخدمة او يحصل عليها بكلف مرتفعة تستعيد شركات الاتصالات من خلالها ما دفعته للحكومة من أجور ورسوم عالية .
القطاع الخاص ليس عدوا ، والاقتصاد لا ينهض الا به ، وهو –القطاع الخاص – لا يستطيع العمل الا بتسهيلات حكومية وتشريعية تقوم على التفكير الاستراتيجي واسع الافق.