رومني وهولاند من المبشرين بالاستعمار الجديد/عبد الأمير محسن آل مغير

Fri, 21 Sep 2012 الساعة : 23:47

 

 
الاستعمار في هذا العصر مر بمرحلتين هما الاستعمار الاستيطاني وقد انتهت هذه المرحلة في منتصف القرن الماضي وبدأت مرحلة الاستعمار الاقتصادي ويبدو ان نهاية هذه المرحلة ابتدأت ملامحها الان مع بدء الهجمة الجديدة بما يسمى بربيع الثورات العربية حيث بدأت هذه المرحلة بموجة تستهدف شعوب الشرق الاوسط لدرئ ما يضر بمصالح القوى الغربية لذا بادرت بحروب وقلاقل متوالية باتجاه تفتيت البلدان في هذه المنطقة وبدء انتشار القواعد العسكرية فيها ليمكن اسرائيل وبشكل كامل منها وان مراحل تنفيذ هذه الخطة أخذت طابع الصفحات المتتالية والتي اخرها الفيلم المسيء للعقيدة الاسلامية مما ولد موجة من العنف استهدفت المؤسسات الدبلوماسية وقد حمل ذلك الدول الغربية بالوثوب للأسرع بما مخطط له لتوجيه اساطيلها باتجاه تلك البلدان بذريعة حماية تلك المصالح وان كل من (رومني) المرشح الامريكي للرئاسة حاليا والرئيس الفرنسي (هولاند) هما الاكثر وضوحا من غيرهم في التعبير عن هذا الاتجاه ورغم ان امريكا تتعامل مع اسرائيل وكأنها ولاية امريكية من حيث الرعاية وبكافة اوجه التعاون العسكري والاقتصادي والسياسي فأن رومني الذي يمثل الصقور الامريكيين يتهم الرئيس الحالي اوباما بأنه لم يدعم اسرائيل مع ان الرؤساء الامريكيين سواء الديمقراطيين منهم او الجمهوريين يزايد بعضهم على البعض الاخر في تلك الرعاية ويتساءل المتتبعون للأحداث اذن ما هو وجه الدعم الذي يعتزم رومني عند توليه الرئاسة الامريكية الذي سيقدمه لإسرائيل ويجيبون بأنه سيعطي الى (نتنياهو) جزء من صلاحياته الاستخبارية وهي الان متداخلة فعلا مع جهاز الاستخبارات الامريكية اما هولاند اليميني فهو يحلم بعودة الإمبراطورية الفرنسية التي هيمنت فيما مضى على بقاع واسعة من العالم سيما في القارة السوداء وبفعل ما تركته تلك الهيمنة من سلب ونهب لخيرات الشعوب فأن مذاق ذلك النهب على ما يبدو لا زال تحت لسان احفاد (غورو) وامثاله ولم يدرك بأن العالم قد تغير عن اوضاع القرن التاسع عشر وان هذا العصر هو عصر الشعوب وليس المستعمرون بنوعيهما القديم والجديد والحياة تتقدم للأمام ولا يمكن ان تعود الى الخلف وما لم يكن التعاون متكافئ ما بين الغرب والشرق فالنتائج في مثل هذه الحالة ستكون سيئة فالشرق قاتل طلائع المستعمرين الغربيين الاوائل وبكافة فصائلهم فيما مضى بواسطة السهام والسيوف وهم يقاتلون بأسلحة حديثة فأنتصر عليهم وربما انصع مثال على ذلك ثورة محمد المهدي في السودان التي اطاحت بكافة الجنرالات الغربيين الذين اقتسموا فيما بينهم اصقاع القارة الافريقية الا ان الغرب استعمل فيما بعد كل ما لديه من الغدر والقسوة والخداع والفارق الحضاري اما الان فأن الالة الغربية ورغم تطورها وبنتيجة نهضة شعوب الشرق لا تستطيع ان تكبح جماح التطلع لهذه الجماهير نحو الغد المشرق وقد ادرك الجميع الان بما يسمونه الغربيون بالشرعية الدولية قد اصبحت مجرد وسيلة لتلك القوى تنفذ من خلالها لنهب خيرات هذه الشعوب حيث لم يعد ميثاق الامم المتحدة وبشكله الحالي ان يتمكن من الحفاظ على التوازن الدولي ويحقق الامن والانصاف ويصون السلام والاستقرار الدوليين وايجاد علاقات تنطبق ونصوص القانون الدولي بين مختلف الامم وبالتالي فأن تغيير مضمون ذلك الميثاق اصبح ملحا فلا يمكن ان يكتب ديمومة لسياسة الهيمنة المبنية على الاطماع والاستحواذ والتي اخذت تتكشف أولا بأول فهولاند صرح قبل اكثر من شهرين بتجهيز المرتزقة الاجانب في سوريا بأجهزة اتصال متطورة وفعلا تناقلت وكالات الانباء بوصول تلك الاجهزة لأولئك المخربين الا ان هولاند ومن باب المزايدات ورفع معنويات المرتزقة يصرح بأنه سيباشر بأرسال الاسلحة لزمر القاعدة في سوريا وكأن اموال السعوديين والقطريين لم تكف لذلك حيث تناقلت الانباء ومنذ امد قيام السفن الكبيرة بنقل الاسلحة المتبقية من الجيش الليبي السابق وايصالها الى الموانئ التركية لتنقل من هناك لقتل النساء والاطفال والمرضى وكبار السن في القطر العربي السوري فكل ذلك لا يكفي هولاند ليدلي بدلوه التخريبي لأسس العلاقات التي تربط بين الشعوب رغم ان البابا بزيارته الاخيرة الى لبنان ذكر بأن ما يتوجب عمله الان ليس ارسال الاسلحة عبر الحدود السورية وانما المحبة والود وتصرف هولاند هذا بعكس توصية الحبر الاعظم للكنيسة الكاثوليكية يعتبر انحدار في السلوك الذي يعاني منه معظم القادة الغربيين وهولاند الفرنسي الكاثوليكي لم تلزمه توجيهات الكنيسة والتي تمثل اغلب الفرنسيين اخذ يعبر بتصريحاته عن احقاد الماضي فيعطي وجها قبيحا للحضارة الغربية التي تتباها بالتمدن وتزعم بأنها تعتبر بمثابة القدوة لشعوب اخرى وبذلك يؤكد بعض الساسة الغربيون بانهم يعيشون ازمة اخلاقية ففي الوقت الذي يتهمون ايران بنقل الاسلحة الى سوريا ويحرمون ذلك عليها وهي دولة مستقلة وذات سيادة وتدافع عن نفسها وشعبها يسمحون لأنفسهم وبشكل علني بنقل الاسلحة مباشرة الى اولئك المخربين من قبلهم ومن قبل اتباعهم الخانعين لسياساتهم في الشرق الاوسط وخلاصة القول ان عقلية الحكام الغربيين تأخذ بما اعتادت عليه اتجاه هذه الشعوب ولا تفهم خلاف ذلك الا اذا واجهت القوة حيث مزاعم المثل والتحضر هي مجرد سلاح لخداع الاخرين لذا نجد وكما عبر بابا الفاتيكان يوم 19/9/2012 من ان المجلة الفرنسية التي خرجت بصور (كاريكاتيرية) تسيء للعقيدة الاسلامية يقول البابا ان هذا التصرف كمن يصب الزيت على النار ويقصد بذلك زيادة غضب الجماهير لما سببه الفيلم الصهيوني الامريكي لتك الجماهير قبل فترة مما اضطر فرنسا ان تعلن بغلق (20) مؤسسة دبلوماسية لسفرائها وقنصلياتها في الخارج .
Share |