من قتل الشهيد محمد صادق الصدر؟؟/محسن الكاظمي
Fri, 21 Sep 2012 الساعة : 19:34

أن يطرح تساؤل جوابه من المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان . فان ذلك يعني نقاشا وجدلا في البديهيات والضروريات .لكن حين ينبثق من التساؤل إجابات لم تكن حاضرة في الأذهان ,فان ذلك يعني أن المتسأل أراد أن يقف على ما لم يتوقف عنده الآخرون .أراد أن يثير جواهر الحقيقة بهيئتها السافرة .أراد أن يفكر الآخرون حتى في البديهيات التي فطروا عليها, وفي الأفكار والعقائد التي امنوا فيها من اجل أن يؤمن أو يعتقد الآخرون أيمانا واعتقادا صحيحا على قاعدة ( أن فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب).99 آل عمران
لا على قاعدة همج رعاع ينعقون خلف ناعق .
التساؤل والإجابة وفق الأسلوب المتقدم هو الفلسفة والتفكر بطريقة تتجاوز السطحية من اجل الوقوف على الواقع وبالتالي التخلص من استثارة العواطف والأحاسيس الفوقية وتوجيهها باتجاهها الصحيح الواعي ..وهكذا فعل الشهيد محمد محمد صادق الصدر( قدس سره الشريف) في الكثير من التساؤلات التي طرحها في مشواره الفكري والتغيري ..ومن جملة ما طرحه ,من قتل الحسين صلوات الله عليه؟ مع انه تساؤل لا ينبغي أن يطرح لوضوح جوابه لدى الجميع لكن ما قدمه السيد الشهيد من إجابات بدد هذا الوضوح وفتح الأذهان على إجابات قد يكون منها حاضرا في واقعنا . لأنه رضوان الله عليه أراد أن يبرز من خلال جوابه تفاعل الماضي مع الحاضر .أراد أن لا يبقى المسلم رهين التاريخ مقيدا بأغلاله دون إن ينفتح من خلاله على الواقع . أراد أن يفتح الأذهان على مصاديق أكثر وحشية من عمر ابن سعد وشمر ابن ذي الجوشن ..أراد أن يعرف المكلف واجبه الشرعي اتجاه الواقع وان يستحضر التاريخ كحاضر معاش .. قال سماحته في جوابه على من قتل الحسين صلوات الله عليه ...قتلة الشمر لأنه حز رأسه ..وقتلة عمر ابن سعد لأنه قائد الجيش وقتلة عبيد الله بن زياد لأنه الآمر المباشر بالحرب على الحسين ..وقتلة كل راض بقتلة. وقتلة يزيد لأنه السلطان الرئيسي. وقتلة سرجون .وقتلة الاستعمار وقتلة صدام. وقتلته إسرائيل وأمريكيا. وبطبيعة الحال قتلة كل من سمع واعية الحسين ولم ينصره .وقتلة كل من لم يسير على هداه وووو..وفي ضوء ما تقدم وبمناسبة ذكرى شهادة السيد الصدر قدس سره الشريف لنا وقفة مع من قتله رحمة الله تعالى عليه .من اجل أن نقف على أجناسهم وأنواعهم لكن لا بد أن نسبق ذلك بأخذ نموذج عمن قتل الشهيد الصدر في حياته الشريفة على أن نتعرض إلى المضاعفات الخطرة التي تلت شهادته المباركة بدون المرور على قتلة الشهد الصدر الواضحون في الأذهان كالولايات المتحدة وإسرائيل والثالوث المشئوم والبعث الكافر وصدام المجرم ..نريد أن نفتح الأذهان على أجناس قد لا تكون لدى الكثير من قتلة الشهيد الصدر لكنهم قد يكونوا أكثر فتكا واشد قسوة من غيرهم .. ويحسن قبل ذلك أن نقدم هذه المقدمة المتواضعة ..
الحركة التغيرية حينما تنبثق من داخل المنظومة الدينية تأخذا في اغلب الأحيان أبعادا لا تمت إلى الموضوعية بصلة ما. وتحمل فوق ما تتحمل بكثير كنتيجة لسوء فهم أتباع الحركة أنفسهم و المجتمع أيضاء لحقيقة عوالم الغيب أو الفهم الشرعي للنصوص المقدسة ..فالأيمان بالغيب من جملة ما تتمتع به الحركة التغيرية الدينية دون غيرها .لكن حين ينحرف الأيمان بالغيب إلى غير وجهته الصحيحة تتكبد الحركة الدينية خسائر خطرة وتمضي إلى صوب الانحراف والوهم وتصبح بؤرة لاستقطاب كل الذين يرمون التسلق على أكتاف الدين بحجج الإصلاح والتغير وحمل لواء الوحي السماوي وبالتالي يتحمل المصلح الديني النتائج السلبية التي تعصف بالمجتمع مع انه برئ منها براءة الذئب من دم يوسف ..
دائما ما وقف الجهل بحقيقة الدين وعدم الاطلاع على نواميسه وأهدافه خلف الانحراف الديني ,ودائما ما كان الإيمان بالغيب الغير مبني على المباني الشرعية والعقلية سببا مباشر لصناعة الوهم والخيالات الشيطانية. أذا يتحول هذا الأيمان إلى وساوس وأوهام وتسويلات ما انزل الله بها من سلطان ..
وحركة الشهيد الصدر الثاني ربما تكون واحدة من أكثر نماذج الحركات التغيرية في العصر الحديث التي حملت فوق ما تتحمل من أفكار وأحلام وأوهام. ومن أكثر الحركات سرقة وشعارا وادعاءا ومظلومية .لا أريد هنا القول أن الوقت قد حان لمراجعة شاملة في النتائج التي وصلت أليها حركة الشهيد الصدر التغيرية من اجل وضعها في الاتجاه الصحيح لحركة أهل البيت صلوات الله عليهم قبل أن تخرج أكثر مما خرجت عليه بفعل الأهواء والإغراض الشخصية. لكن أقول يجب أن نفعل ما يمكن فعله اتجاه الثلة المتعلقة بحركة الشهيد الصدر من باب تقيم الواقع وفق شروط الإسلام والشريعة الغراء
ولا اقصد هنا بالثلة المتعلقة خصوص تيار ما أو حزب ما أو مرجعية ما. بل اقصد كل مجموع هذه المرجعيات السياسية والدينية التي اتخذت من الشهيد الصدر عنونا ..وحتى لا اتهم بأشياء لا أريد أن اتهم بها من قبيل إني غير مؤهل لمناقشة أفكار الخط الصدري أو أني دون فهم ما يدور في الخط الصدري من حولي ..سأطرح إشكالية غربة الشهيد الصدر بحسب ما اعتقد من وجهه نظري كمواطن بسيط أو مكلف يريد أن يقف على ضفاف الحقيقة التي يدعيها الكل.ومن حقي أن أتفحص عمن سار على خطى الشهيد الصدر بعمق ووعي وعمن قتلة وهو يحمل لوائه .. لقد واجهت حركة الشهيد الصدر انحرافا في أيام حياته المباركة ووقف المنحرفون القتلة حجر عثرة في طريق السيد الشهيد وخلقوا من حيث يعلموا أو من حيث لم يعلموا أفق بعيدا عن أهداف الحركة التغيرية التي نهض بها سماحته ..ومن ابرز حركات الانحراف ..السلوكيين أو أهل الباطن هؤلاء ادعوا بان السيد الشهيد هو الأمام المهدي صلوات الله عليه واخذ هذا الادعاء في المجتمع اخذ النار بالهشيم اليابس لما تمتع به السيد من شخصية قوية وجهادية .. لكن سماحته لم يسكت على هذا الانحراف وحاول وبكل الوسائل إثناء هؤلاء عن رأيهم حتى انه رحمة الله ارتقى منبر الجمعة وأعلن من خلاله أن السلوكيين فاسقون منحرفون بل انه قال أنهم لن يتوبوا لأنهم غير مستحقين للتوبة. ومن هذا الخطاب القاسي والشديد يتبين حجم المعاناة التي ألمت بالشهيد الصدر من انحراف السلوكيين في وقت وظروف كانت تستلزم أن يكون الجميع بصف المقاومة ضد جبروت الطاغية المجرم ونظامه الكافر ..لا أريد هنا أن أقول أن هؤلاء المنحرفون ارتبطوا بأجندات خارجية أو داخلية لكني أقول أن هالة القداسة الغير المبررة والجهل والضلال وقف خلف انحراف هؤلاء والذي انعكس سلبا على الحركة التغيرية برمتها لولا حكمة الشهيد الصدر وتداركه لهؤلاء المنحرفون لتداعي الكثير من أسس حركته المباركة مع أنهم استطاعوا( أي السلوكيين ) والى اليوم من أبراز خيالاتهم الشيطانية وترسيخها في صفوف الشاب والمخدوعون مع الأسف الشديد ..و لا أريد التعرض إلى أكثر من هذا النموذج خلال حياة الشهيد الصدر قدس سره كشاهد عمن قتلة في حياته .
وبعد شهادته واحتلال العراق أصبحت الظروف مهيأة لكل من أراد أن يلقي على نفسه عباءة الشهيد الصدر .وعلينا أن نأخذ الظروف السياسية التي وجدت بعد شهادة الصدر الثاني بعين الاعتبار لأنها وقفت وبشكل مباشر على ظهور الكثير من الحركات التي نسبت للسيد الشهيد الصدر بالمقارنة مع سلفه من شهداء المذهب والذين لم يجدوا من يتعلق بهم كتعلق بمرجعية الشهيد الصدر الثاني ..!!! ظهرت مرجعيات وأحزاب وتيارات ومؤسسات بعنوان الشهيد الصدر وكل منها يقول بالارتباط العضوي بمعنى أنها الممثل الشرعي للشهيد الصدر دون الغير.
فلم تكن دعوى الارتباط مع السيد الصدر ارتباطا علميا كالذي نجده في باقي المرجعيات والتي يستند على المباني الفقهية والأصولية وإنما كان ارتباط على نحو الكلية بالفقه والأصول والأفكار والأهداف والطموحات والمشاريع بل وحتى الخطاب وهذا الارتباط قد يكون جميل وحسن أذا كان المرتبطون يتسابقون في ميدان الوصول إلى غايات الدين وأهدافه .لكن كيف نفسر أو نقيم هذا الارتباط والمرتبطون من أحزاب وتيارات سياسية ومرجعيات في صراع مع بعضهم البعض ؟؟ كيف يمكن أن ندعي بان هذا الارتباط حسن وجميل وحاله صحية والنزاع وصل بين أطرافه على مستوى تبادل اتهامات الانحراف وربما التكفير؟؟ أننا لا نجد مرجعية أو تيار سياسي ممن يدعي الانتساب إلى الشهيد الصدر في حالة وئام وتصالح فالجميع في حالة حرب وعداء ونزاع ...الجميع يتحين الفرصة بالأخر!!!!!!!على قاعدة كل حزب بما لديهم فرحون ..
وبعد ومن الطبيعي أن يثار تساؤل مهم يتلخص بما يلي هل كل هذه المرجعيات والتيارات والأحزاب والمؤسسات المختلفة والمتقاطعة والمتباينة والمتحاربة فيما بينها على حق ؟؟ امن أن المنطق والشريعة ترفض أن يكون المتخاصمون في شيء متفقون عليه في ذات الوقت ؟؟؟ ثم من هي المرجعية التي سارت على خطى الشهيد الصدر آو على خطى المذهب الحق ؟؟فإذا كان الشهيد الصدر قد ظهر كظاهرة في تاريخ العراق الحديث ومذهب أهل البيت صلوات الله عليهم فان الظهور لا يتعدي أن يكون بالوسائل والأساليب الرسالية التي عجز الآخرون عن الإتيان بمثلها والتي ساعدت على ظهوره ولا يمكن أن يدعي احد أن الشهيد الصدر جاء بقضايا خارج المنظومة العقائدية والفكرية لمذهب آهل البيت لان ذلك سيكون انحرافا ( حاشا الشهيد الصدر قدس سره الشريف ) ...
لا أريد أن اطرح كل التساؤلات التي تدور في خلد المكلف أو المواطن البسيط هو يرى كيف عصفت به مجموعة كبيرة من الشعارات والحركات التي تنسب إلى الشهيد الصدر. لكني أقول أن مرجعا من مراجع الشيعة العظماء الكرام لم يوجه عقوقا وادعاء ونكران للجميل كالذي واجهه الشهيد الصدر من طلابه مع الأسف الشديد ..هذه حقيقة لا يمكن أن نتجاوزها أو نميل عنها لان في الميل عنها مجانبة لواقع بين أيدينا.
وأقول بعد الذي تقدم من قتل الشهيد الصدر .والجواب في ضوء ما تقدم . قتلة من سعى أن يكون مشروع الصدر وسيلة لغاياته الدنيئة .قتلة المنحرفون الذي ادعوا ما لم يدعيه الشهيد الصدر وما أكثرهم اليوم .قتلته الأحزاب والتيارات السياسية التي لا شان للسيد الشهيد بها لا من قريب ولا من بعيد. قتلة صدام لأنه حز رأسه الشريف. وإسرائيل لأنها علمت أن بمشروع السيد الشهيد حياة الوعي والفكر لا حياة العاطفة السطحية الهوجاء .قتله العرب لأنهم لا يريدون لحركة التشيع الواعي أن تأخذ حيزها في عالمهم الممتلئ بالجهل والجهالات. وقتلته أمريكيا لأنه قد يزلزل عروشها في الشرق الأوسط بإضعاف ما تزلزله ثورات الربيع العربي ( السلفي).. آلا أن الطغاة ربما قدموا خدمة للشهيد الصدر وجعلوا منه رمز كثمن للمحافظة على مصالحهم. لكن الذي قتل الشهيد الصدر وهو يرفع شعار الانتساب أليه لم يقدم آلا التمزق والانهيار والتخلف .لم يقدم سوى الضياع والفشل والجهل لم يقدم أكثر من الظلال والغواية والانحراف ..
محسن الكاظمي