من يقف وراء تعطيل مشروع شطر الناصرية ؟/حيدر قاسم
Thu, 20 Sep 2012 الساعة : 3:04

ربما لا يجد الكثيرون ممن يديرون العمل الاداري في محافظة يقطنها أكثر من مليوني نسمة ، لا يجدون غضاضة من طوابير المواطنين الذين يصطفون صباح كل يوم بأبواب الدوائر والمؤسسات لقضاء اشغالهم ومعاملاتهم ، لان هذا المنظر أصبح مؤرشفاً ضمن الذاكرة العراقية التي اعتادت على ان كل الحياة في هذه البلاد هي مجرد أزمة ! لا غير ، فمن المستحيل ان تذهب الى مؤسسة ما أو دائرة ولا تجد نفسك مضطراً الى الوقوف طويلاً ضمن طوابير الانتظار مرغماً .
وحين يحصل العكس ، تسأل نفسك ماذا جرى اليوم ، كيف حصل هذا ؟ّ! .
شخصياً وقبل ايام ذهبت الى أحد الدوائر لقضاء أمر ما اضطررت ُ الى الوقوف في طابور طويل كلفني ساعتين من الزمن وتعب لا اصفه بكلمات ، وحين وصلت الى الموظف الذي تحدث الي من وراء شباكه ، طالباً مني العودة في اليوم التالي لان الساعة الان اصبحت 12 ظهراً ! وانه لا يستلم اي معاملة بعد التوقيت ، توسلت ، تعاركت ، صرخت دون جدوى ، أغلق الشباك وانتهى الامر وجفت الصحف !.
المقدمة كلها تأتي لتمهيد لتساؤل محير طالما راودني ، لماذا يعمد المسؤولون الى ابقاء المواطن تحت رحمة الدائرة الواحدة والمدير الواحد والموظف الواحد ، لماذا لا يصار الى ان يكون في المدينة دائرتان للتسجيل العقاري ومثلها البريد والصحة والمجاري والماء والمجلس البلدي والتقاعد ووو...الخ من الدوائر .
لماذا هذه المركزية التي تعيق المواطن بل وتجعله يقضي جزء من حياته ، نعم حياته واقفاً مرة بباب التسجيل العقاري ومرة البلدية ومرة الصحة ، ولكم ان تحسبوا اعزائي كم من الوقت امضيتم واقفين بباب مصرف لاستلام تقاعد أو باب "الطابو " لأثبات ملكية بيتك .
لماذا لا يصار الى شطر قضاء الناصرية الى قضائين للتخفيف من الزحام وتسهيل تقديم الخدمات لمواطني هذا القضاء الذي يقطنه الان أكثر من 650 الف نسمة ، يضطرون الى مراجعة مشفى واحد ، ودائرة بلدية واحدة وطابو واحد ومصرف واحد وتربية واحدة ومرور واحدة ونفوس واحدة ، طبعاً يشاركهم ابناء المحافظة في مراجعة هذه الدوائر .
شخصياً تحدث مع عضو مجلس محافظة ذي قار منى الصافي التي قدمت مشروع شطر قضاء الناصرية الى قضائين منذ زمن لكنه لا زال في الإدراج ، وسألتها لماذا يتعطل هذا القرار المهم والمتعلق بحياة الناس في اروقة المجلس ؟.
كانت الاجابة للأسف ان المشروع يصطدم بنزوع مناطقي من بعض اعضاء المجلس ودوائره الذين يقفون ضد شطر القضاء ، بحجج مختلفة ، لان البعض يعمل بنفس مناطقي ويرى ان الناصرية تستحوذ على الكم الاكبر من الخدمات والاموال والتخصيصات وغيرها من الامور التي عادةً ما تتمتع بها مراكز المدن ، ولذا لا يرغب البعض ان يرى قضاء جديد يحتكر امتيازات اضافية .
ربما هذا الشعور ناشئ عن مخاوف واقعية خصوصاً اذا ما علمنا أن النواحي والاقضية كانت مهملة تماماً طوال عقود من الزمن ، لكن هذا الحال ينطبق على الناصرية ذاتها ، فهي مدينة فقيرة مقفرة لا تشبه بأي حال مدينة بمعنى المدن ، ولا تنتمي على اي حال الى حواضر المدن .
يضاف الى هذا ان الناصرية لا تحصل مما يخصص للمحافظة الا نسبة معينة فقط وحسب كثافتها السكانية وبالتالي هي لا تستحوذ على الكم الاكبر من التخصيصات كما يظن البعض .
ولنضف معلومة أخيرة أن احياء ومناطق داخل قضاء الناصرية ذاته لا تحصل على اهتمام مناسب وخدمات كافية ، لأن بعض الدوائر تهتم بمركز المركز وتترك اطرافه ، لذا فمن يطلع على احياء الناصرية التي تقع في الاطراف يجدها تعاني النسيان والتهميش وتعيش على حافة الحياة المدنية ، فمن الواضح ان حي الفداء او اريدو او "العكر" أو السكك او الزهراء والخضراء والبقاع ، لا تحظى بخدمات بلدية مثل تلك التي تحصل عليها احياء شارع بغداد او الادارة المحلية او الزيتون أو غيرها من المناطق التي يقطنها الميسورون وابناء الطبقة المالية النامية بفعل فاعل .!.
أذن هي دعوة الى تخفيف هذا الزخم وتوزيع اكثر عدالة للخدمات بين المواطنين في هذا القضاء ، والتخلص من هذه البيروقراطية المتخلفة من خلال التسريع بإقرار هذا المشروع الاداري الذي سيحسب لهذه الدورة بالتأكيد فيما لو مرر ، وسيكون سابقة جيدة لإدارة اكثر انسيابية وناجحة ، نتمنى ذلك .