المنظمات الدولية وهيمنة الولايات المتحدة عليها/عبد الأمير محسن آل مغير
Wed, 19 Sep 2012 الساعة : 0:46

لم يعد القانون الدولي الان يتلائم مع مسيرة الانسان المعاصر بعد مضي قرابة سبعون عاما على وضع ميثاق الامم المتحدة من قبل الدول المنتصرة خلال الحرب العالمية الثانية ولما حصل للمجتمعات الانسانية من تقدم سريع وما تركته سرعة وسائل الاتصال الحديث وشيوع استعمال اسلحة جديدة لم يعد معهود استعمالها ضمن المفاهيم التقليدية وشمول اهتمامات ومصالح الانسان المستقبلية لآفاق اصبحت تتصدى لتنظيم السفر خارج فضاء هذا الكوكب في حين بقاء ذلك الميثاق ونصوص القانون الدولي على ما هي عليه لتمكن الولايات المتحدة الامريكية من استمرار هيمنتها على المنظمات الدولية وتسيير تلك المنظمات وفق مشيئتها سواء من خلال اسلوب التمويل الذي بموجبه تضيق على هذه المنظمة فيما اذا لمست عدم الاستجابة لطلباتها او توسع الصرف المالي على الاخرى عند حصول تلك الاستجابة وكانت الامثلة وخلال القرن الماضي كثيرة جدا حيث ان منظمات حقوق الانسان عندما تصدت للخروقات التي تقوم بها اسرائيل وادانت تلك المنظمات التصرفات الاسرائيلية فنرى الولايات المتحدة تسحب ممثلها من تلك المنظمة الدولية وتوقف الصرف المقرر لها مما اوقعها بضائقة مالية وتضطر اخيرا امام مثل هذا الاسلوب ان تتراجع عن المواقف التي يتطلب اتخاذها طبقا لمضمون الميثاق الدولي المتعلق بها والولايات المتحدة الان عبارة عن دولة تضع يدها على مصادر الثروة والقوة في العالم خصوصا بمشايخ وامارات دول الخليج وتتصرف بها كيفما تشاء مما يعطيها مجال البذخ المالي لمن يكون تابعا لها او التضييق عليه في حالة عدم استجابته كما ذكرنا ومن التشكيلات التي اضحت لا صوت لها في حقيقة الامر الا في حالة الايعاز من قبل الولايات المتحدة كمنظمة العدل الدولية ومجلس حقوق الانسان وكافة المنظمات الفرعية التابعة للأمم المتحدة ويشير جميع رواد الفكر المعاصر بان تلك المنظمات تسير وبشكل يكاد ان يكون مباشرا من قبل الولايات المتحدة فعندما تريد امريكا ان تورط حلف الناتو مثلا في حرب ما فما عليها الا ان تبدأ تلك الحرب ثم يتحرك اولئك الاتباع ورائها وربما انصع مثال على ذلك حربي العراق وافغانستان اللتان حصلتا حتى خارج موافقة مجلس الامن وما نسمعه الان عن تحرك مجلس حقوق الانسان الدولي والتحقيق في مسألة ما عندما تتطلب حاجة الولايات المتحدة لتمارس ضغطا على هذه الدولة او تلك وما يجري في سوريا حاليا يجمع المتتبعين للأحداث بانه نموذجا فريدا في الطرائق التي تبتكرها الولايات المتحدة بالاستهانة بمضمون ذلك القانون وهم يعلمون علم اليقين كيفية بدء الاحداث في سوريا وانها جرت وفق ما مخطط لها وضمن التسلسل الذي اتبعته الولايات المتحدة مع دول الشرق الاوسط خلال مرحلة ما قبل بدء الفتنة المفتعلة في سوريا حيث تناقلت الصحف الغربية وحتى الامريكية منها بان الولايات المتحدة ارسلت عناصر من القاعدة بعد ان جهزتهم بمختلف الاسلحة وادخلتهم عن طريق الاراضي اللبنانية وباشروا القتل والتخريب في ذلك البلد واستهداف دوائر الدولة مما اضطر الحكومة السورية وبحكم مسؤوليتها الدستورية بالتصدي لذلك التخريب حماية لشعبها في حين وبأسلوب ملتوي نسمع الان بان اللجان التي يشكلها مجلس حقوق الانسان والذي يدعم فرض العقوبات احادية الجانب من قبل اوروبا وامريكا على الشعب السوري ولو تتبعت كيفية ملاحقة منظمة حقوق الانسان الدولية للرئيس السوداني محمد عمر البشير واعضاء حكومته بما سمي بإحالتهم الى محكمة الجزاء الدولية وعندما انتهت المسألة التي احيلوا بسببها والمتعلقة بانفصال جنوب السودان خفتت تلك الملاحقة وهذا يجري طبقا لاستجابة الدولة المهددة او عدم استجابتها للمصالح الغربية وبعد صمت استمر لما بعد انفصال جنوب السودان وفي يوم 14/9/2012 رفضت الحكومة السودانية قبول دخول قوات (المارينز) الامريكية الى اراضيها بحجة حماية السفارة الامريكية وعندها اصدرت تلك المنظمة امرا جديدا يوم 17/9/2012 وبإيعاز من الولايات المتحدة باتخاذ الاجراءات ضد اعضاء الحكومة السودانية واحالة الرئيس السوداني واعضاء حكومته للمحكمة المذكورة وفسر المراقبون تجدد تلك المطالبة بانها جاءت لرفض الخرطوم دخول القوات الامريكية الى الاراضي السودانية للسبب الذي اشرنا له وخلاصة القول لم يعد للشرعة الدولية الان ادنى اثر يذكر بنتيجة هيمنة الولايات المتحدة على مقدرات المجتمع الدولي فنجد ان قرارات مجلس الامن ونصوص القانون الدولي لا تبيح ضم اراضي الدول الاخرى بالقوة في حين تتعامل اسرائيل الان مع هذه المسألة بشكل يثير استهجان عموم الرأي العام العالمي حيث التوسع الاستيطاني ورغم ان تصريحات الساسة الامريكان فيما مضى أكدت على بقاء القدس عاصمة للدولة الفلسطينية الا ان مرشحي الرئاسة للانتخابات الحالية فإن الرئيس (اوباما) ومنافسه (رومني) وخلال المزايدة فيما بينهما يصرحان بان القدس هي عاصمة لإسرائيل خلافا لمضمون القانون الدولي فإذن المسألة ليس تطبيق نصوص القانون بقدر ما هي هيمنة كاملة ودون اهتمام ما في خرق تلك النصوص وفي يوم 16/9/2012 اجتمعت المعارضة الداخلية في سوريا واعلنت بوجوب التوصل الى سلام دائم بين اطراف النزاع لحفظ ارواح السوريين نجد الولايات المتحدة والدول التي تأتمر بأمرها كالسعودية وتركيا وقطر مستمرة ودونما توقف بدفع الاسلحة والاموال للمرتزقة الاجانب الذين يعيثون فسادا وتخريبا للبنى التحتية في ذلك البلد مع ان مثل هذا التصرف يعتبر خرقا صارخا للقانون الدولي وعدوانا يشن وبشكل علني على دولة مستقلة وذات سيادة وان ذلك العدوان هو سابقة خطيرة تهدد السلم والاستقرار الدوليين ولا ندري كيف يتم التعامل مع هذا الوضع الذي تسلكه الولايات المتحدة حيث يتكلم الساسة الامريكيون ودونما حياء عن حقوق الانسان وحقه في الحياة والحرية والامان مع زج جموع الارهابيين من شذاذ الافاق للدفع بهم لقتل الشعب السوري وتخريب مؤسساته فمجلس حقوق الانسان ومن يسمونهم بالمحققين المستقلين جدا والتابعين للمجلس المذكور يحددون الاطراف التي تعتبر بنظرهم مرتكبة لجرائم حرب يا لها من وقاحة إن مجتمع هادئ ومطمئن ومستقر يفاجئ بقطعان من المتوحشين يدفع بهم من خارج الحدود ويقوموا بتخريب كافة اوجه الحياة في ذلك المجتمع وتقلب الولايات المتحدة المعايير رأسا على عقب وتحول المعتدي الى ضحية والضحية الفعلية الى معتدي مع ان الدلائل كلها تشير على ان الشعب والجيش السوري يقابل جموع من المرتزقة الاجانب وقد اصبح واضحا ومن خلال ما يصرح به اطراف المعارضة السياسية في الداخل والخارج بعد ان وعوا خبث اللعبة التي تزاولها امريكا والانظمة الضالعة في ركابها بمؤامرة تقسيم سوريا حيث تناقلت الصحف الغربية يوم 17/9/2012 بان الولايات المتحدة قد اتمت وضع خطة لإقامة قاعدة عسكرية في شمال غرب سوريا وعلى حافة حدود اقليم كوردستان العراق ضمن ما مخطط لسوريا مستقبلا اذن هنا المسألة ليست الغاية منها الديمقراطية والحرية التي تبشر بها الولايات المتحدة وتنفذها قطر والسعودية ذات الانظمة العصرية جدا وانما الغاية تنفيذ مخطط وضمن مؤامرة كبرى تتوضح ابعادها يوما بعد يوم وما الاحداث التي جرت وتجري على اثر عرض الفيلم الذي يسيء للعقيدة الاسلامية وما استتبع ذلك من اقتحام للسفارات الامريكية في مختلف بلدان العالم خصوصا في منطقة الشرق الاوسط وادى الى قتل العديد من الرعايا الامريكيين ومنهم السفير الامريكي في ليبيا مما حمل الولايات المتحدة ان توجه السفن الحربية باتجاه السواحل الليبية وترسل بقوات (الكوموندوز) الى كل من صنعاء وبنغازي والخرطوم وقد رفضت بعض تلك الدول دخول تلك القوات الى بلدانها وان ما افرزته معطيات الوضع الاخير يكشف بان تلك المؤامرة تسير وفق صفحات متتالية فربيع الثورات غطت دولها الان احتجاجات دامية اعطت للولايات المتحدة مجالا بالتلويح بسفنها ومقاتليها بولوج تلك البلدان ويؤكد المراقبون بان عرض ذلك الفيلم الصهيوني ما هو الا احدى حلقات تلك المؤامرة ليعطي الذريعة للولايات المتحدة بفرض قواعد جديدة على اراضي بلدان الشرق الاوسط زاعمة بان تلك القوات تأتي لحفظ مصالح الولايات المتحدة ويدلل المحللون على ذلك ان الفيلم المشين لم تقم الولايات المتحدة بإيقاف عرضه حيث صرحت وزيرة الخارجية الامريكية باستحالة ايقاف ذلك العرض وان سبب ذلك يعود لان الفيلم المذكور قد انتج ووضع السيناريو المتعلق به من قبل الحركة الصهيونية العالمية ليبرر الضغط الكامل من قبل الولايات المتحدة المنفذة للإرادة الصهيونية بتمشية تلك الاهانة على البلدان الاسلامية .