(براءة المسلمين ) ومنهجية الاستفزاز العقائدي .!/ناصرعمران الموسوي

Tue, 18 Sep 2012 الساعة : 23:06

 

لم يكن فيلم (براءة المسلمين ) المسيء للرسول والمسلمين والذي انتجه امريكي مغمور من اصل يهودي كما رشح ،يدعى (سام بازيل ) ودعمه القس الامريكي _المشهور بعدائه للإسلام والمسلمين _والذي ماانفك يثير بين الحين والآخر ضجة يفتعلها لإظهار عدائه للمسلمين، فبعد محاولته حرق المصحف الشريف في ابريل من العام الماضي ،هاهو يدعم الفلم المسيء للقيم الاسلامية والذي يحاول من خلاله ارسال رسالة ممنهجه في عدائيته للإسلام والمسلمين والذين يصفهم (بالسرطان ) و أيا ً تكن الفكرة التي قصدها مروجي هذا الفلم والتي جوبهت بغضب عارم في البلدان العربية والإسلامية كان من نتائجه مقتل السفير الامريكي في بنغازي ومجموعة من الدبلوماسيين مع هجمات واسعة طالت السفارات والقنصليات الامريكية في البلدان العربية والاسلامية، فأن هناك اسئلة مهمة تطرح نفسها في فوضى الفهم المتبادل بين الحرية والتعبير عنها والحدود التي تقف ازاءها ..؟ والحوار الازلي بين الغرب والشرق ومنهجية المثاقفة التي تفرض نفسها في خضم عالم متغير يصغر تقنياً ليغدو قرية صغيرة ،فالإنسان هو ذاته المشترك المجتمعي في عالمنا المتدرج في منظوماته الثقافية والفكرية والبيئية والاجتماعية ،والمعتقدات الدينية واحدة من نسيج المنظومات الثقافة القيمية لكل مجتمع ،والتعامل مع هذه المعتقدات غاية في الدقة والحساسية والتلاعب بالدين يتحول الى قوة سياسية مخيفة كما يقول المفكر الراحل (محمد اركون) ومنذ فترة ليست بالقصيرة يحاول الكثير من الغربيون المتعصبون وبخاصة بعد إحداث ايلول الدامية تقديم النموذج الاسلامي بصورة قائمة على نظرة احادية مستله من مناخات (تورا بورا) وبشكل يقطع الارث الحضاري والإبداعي للإسلام كفكرة شاملة ثورية تحث على العقل وتدعو الى النظرة بموضوعية الى اسبابه ومبرراته ،فالإيمان بالإنسان وحريته هو الايمان الديني ،لكن ما تم ملاحظته بشكل واضح ان هناك منهجية استفزازية في تشويه صورة الانسان المسلم في الذهنية الفكرية الغربية فضلا ً عن التحريض المجتمعي ضد المسلمين في البلدان التي يعيشون فيها ويشكلون جزءا ً من نسيج بنيتها المجتمعية المدنية وتسبب ذلك بجرائم كثيرة تعرضوا لها حملت الطابع العنصري طابع الكراهية والعدائية،ان الاساءات للعقيدة الاسلامية التي لم تبتدئ بآيات رشدي الشيطانية او بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول والإسلام وحتى الفلم المسيء لهم والذي يحمل (براءة المسلمين ) يؤكد ان ثمة منهجية استفزازية تقودها رؤى منغلقة تحمل اجنداتها في تفتيت المشترك الكوني في التعايش السلمي الذي خطى خطوات مهمة وكبيرة في الانتصار للإنسانية وحقوقها بعيدا عن كل العنونة الشوفينية والاقصائية او النظرة العدائية للآخر ،ولعل توقيت عرض هذا الفلم المسيء للعقائد الدينية مع ذكرى الاعتداءات الارهابية التي ضربت واشنطن والتي القت بظلالها السلبية على الجاليات الاسلامية له دليل واضح على منهجية الاستفزاز التي حققت بعض غايته بمقتل السفير الامريكي والاعتداءات على السفارات والملحقيات الامريكية باعتبار الفلم منتج امريكي .
لقد حاولت الادارة الديمقراطية برئاسة (أوباما ) ومن خلال برنامجها الانتخابي الى تحسين صورة امريكا الخارجية لدى الدول والشعوب والمليئة بالكراهية والتي بلغت اشدها في عهد المحافظين الجدد ،وفعلا ً نجحت بتأهيل صورتها بشكل افضل وحققت مشاريع كبيرة في شيوع ثقافة حقوق الانسان والحريات ومؤازرة الثورات العربية التي عرفت بالربيع العربي ، إلا انها اليوم اصيبت بالنكسة بعد عرض هذا الفيلم المسيء للمسلمين ليعيد الى الاذهان الصور القديمة الجديدة لأمريكا عدوة الشعوب والشعارات الحماسية التي اخذت تؤجج لصراعات دينية.
ان الاستغلال السيئ لحق الحرية والتعبير عن الرأي ،وطغيان التطرف والتعصب الذي يقف القس (تيري جونز) كأحد رموزه وربما ادواته الظاهرة يصطدم مع معايير القواعد الليبرالية التي يؤمن بها العالم الحر والذي يؤكد بان الحرية ايا ً يكن شكلها ومحتواها تظل مرتهنة بحدود حرية الاخرين ،ان الحرية الفكرية والثقافية القائمة على حقوق مُسلم بها مرتبطة بالإنسان كذات وهي حرية التعبير لا يمكن ان تنمو وتترعرع في عقليات (القس تيري جونز او سام بازيل او اسامة بن لادن ) ان هذه النماذج الظلامية وان انتمت الى عقائد دينية تظل تدور في محاورها وعلى العالم الحر محاربتها دون ان يمنحها نمذجة الاتساع ومنحها لأشخاص يعتقدون بذات الديانة والمذهب ،ان المنهجية الاستفزازية المتبناة ما هي إلا نتاج العنصريات التي تحاول تبني وتصدير الصراع الديني وهي سياسة انتهجتها الصهيونية العالمية في فترة زمنية لتقديم نموذجها الصهيوني الغاصب برداء المغصوب وتقديم معارضيها وأعدائها اصحاب الحقوق في صورة ظلامية منفرة .
ان نجاحات المنظومات والمتبنيات الثقافية في تقديم الارث الحضاري والتقدمي لصورة الانسان المسلم ،والذي انعكس على المسلمين بايجابية كبيرة من خلال تعايشهم كمواطنين ينتمون الى مجتمعات الدول المتقدمه من جانب وكجاليات مسلمة او شعوب تمتهن وتؤمن بالإنسان كقيمة عليا وهذا النجاح والاتساع وصور التغيير والإصلاح التي تحاول الشعوب الاسلامية رسمها ، أثار متبني منهجية الكراهية والاستفزاز ،الذين عولوا على الرد الغير منضبط للمشاعر العقائدية والذي جر الى تحقيق نجاحات محدودة في الترويج لصورة المسلم الذي يقتل ويدمر ويتوعد ،والذي يطابق منهجية ظلامية الفكر التكفيري الذي تتبناه المجموعات الارهابية المرتبطة بأحداث( 11 ايلول) لكنه بالمطلق لا يمكن ان يلغي اسس التعايش والمحبة والفهم المشترك بين المسلمين والديانات الاخرى ولايمكن ان يكونوا هؤلاء معبرين عن جوهر وحقيقة العقيدة الاسلامية القائمة على العدل والمساواة والمقترنة بالسلام ،ثم لا يفوتنا رغبة وأنا الشهرة الدنيئة القائمة على استفزاز مشاعر وقيم مجاميع بشرية لها منظومات عقائدية محترمة طبقا ً للفهم الانساني والمواثيق والعهود الدولية ومنهاج حقوق الانسان ولوائحه والتي دفعت البشرية من اجلها تضحيات جسام لتصوغها منهاجا ً وعقيدة كونية ، ان منهجية الاستفزاز العقائدي هي نوع من الهجمة الصهيونية الجديدة التي تحاول جر البشرية لساحات التقاتل والحروب الدينية والعنصرية ،وعلى المرجعيات والمؤسسات المدنية والدينية الاسلامية والعالمية التصدي لها بالوسائل الدفاعية القانونية من جانب والجماهيرية المنظمة السلمية من جانب اخر لتعكس الصورة الانسانية للدين الاسلامي الحنيف .
Share |