سياسوا العراق...لا زالوا يراوحون في مكانهم- صلاح بصيص

Mon, 20 Jun 2011 الساعة : 13:07

السياسي في العراق مختلف عن ما هو معروف في دول العالم، المتحضرة منها وغيرها، فجميع السياسيين يتقدمون الى الامام الا نحن نراوح مكاننا، لإن السياسي العراقي لا يخضع بالضرورة الى ميزان القرب والبعد من الجماهير، فبرغم تصريح بعض النواب والساسة، مثلا، وتأكيدهم على وجوب ان يكون هناك محاسبة للبرلمانيين الذين يتغيبون عن الجلسات بقطع مليون دينار من رواتبهم، وان الالتزام بالجلسات يبين مدى التزامهم وشعورهم بمعاناة المواطنين، لانهم يمثلون صوت الشعب... إلا ان التغييب مستمر وهو بالنتيجة تعطيل الشروع في سن القوانين، وهنا يحق لي ان اسأل، كم من البرلمانيين يحمل مثل هذه الصفات، اي انه يشعر بذلك الالتزام ويقع على عاتقه تمثيل الشعب؟...
الأخطاء متكررة، اعتدنا عليها في الدورة الماضية، وها نحن اليوم نستقبلها مجددا، فبعض السياسيين العراقيين الان يقضون عطلة صيفية في اجمل بقاع الارض هم وعوائلهم، ومنهم من لم يفارق لبنان، ويشترك في حمى الصراع اعلاميا، رغم ان هيئة الرئاسة وحسب النظام الداخلي للبرلمان منحت صلاحيات بالامكان ممارستها لمنع النواب من التغييب، وقد اصدرت هيئة الرئاسة بالفعل قرارا بحق المتغيبيين وهو قطع مبلغ من راتبه عن كل يوم غياب، وبعد ذلك، ان اصر النائب على التغييب يعرض للفصل او الاقالة، لكننا وللأسف، لم نرى لا في الدورة السابقة ولا اللاحقة برلمانيا فصل او اقيل بسبب التغييب أو على الأقل قطع من راتبه... وفي الوقت ذاته ورغم امتعاض الحاضرين من الغائبين إلا انهم لا يجرءون على كشف اسماء الغائبين ونشرها في وسائل الاعلام لإن الجميع، ما عدا اعضاء التيار الصدري، على حد علمي، يشتركون في التقصير ذاته.
والأدهى من ذلك ان البعض ما زال يعول عليهم، فماذا تنتظر من سياسي يأكل اموال الناس بالباطل، ولا يهمه ما يحصل في البلد، ويتغيب عن جلسات البرلمان، ولا هم له سوى العقود وشراء العقارات،... بل ان بعض السياسيين يمهدون الى حياة ابعد من العراق، فالصراعات السياسية، وتدهور الاقتصاد العراقي، واعتماده المباشر والكلي، تقريبا، على البترول، والاخبار المتواترة عن تعرض الانهار الى الجفاف الكامل بحلول السنوات القادمة، وانه مقبل على حرب مياه، بلد استهلاكي، لا يزرع ولا يصنع، كل ذلك يدعو السياسي الى بناء مستقبل خارج الاسوار، وربما هو السبب في اهمال المادة 18 من الدستور التي لا تجيز لمسؤول رفيع او عضو في مجلس النواب ان يكون حاملا لاكثر من جنسية، والتي لم يعمل بها وما زال البعض متمسك بجنسيته الثانية، وربما البعض يعدها الأولى، كذلك انعدام التأثير الايجابي في العملية السياسية، والتي تنتهي دائما الى طريق مسدود، وغياب الحلول التي تؤدي بالنتيجة الى تفاقم الأزمة مهما صغرت، رغم سعي جميع رجالات الدولة، وأولهم المتغيبيين، واصحاب الجنسية المزدوجة، ومناداتهم بالعمل على رأب الصدع واتساع رقعة الحرية والعدالة والمساواة، إلا انها تبقى شعارات مهما قربت او بعدت.
إن مهمة الساسة والمثقفين المخلصين الذين يريدون بناء بلدهم لم تنتهي بعد، ولا اعتقد انها سوف تنتهي، لانها بدأت بداية خاطئة، وتمادت في الخطأ اكثر فأكثر، حتى اوصلتنا الى الاحباط المطلق، واتحدى اي قارئ للسياسة العراقية ان يصف الحال وما ستؤول اليه الاوضاع في السنوات المقبلة، إما ان يبقى الحال على ما هو عليه، إو يزداد سوءا... وحتى لا اكون سوداويا، فأنا ما زلت اراهن على بعض الشخصيات السياسية والثقافية القادرة على تغيير الوضع شرط ان تعطى الحجم الحقيقي، وهذا الحجم الواهب الوحيد له هو الشعب، وتلك الشخصيات واضحة رغم محاولة البعض اقصاءها عن الساحة وعن مركز القرار.
[email protected]
 

 

Share |