محمد (ص) من جديد ... يوحدنا/طاهر مسلم البكاء
Sun, 16 Sep 2012 الساعة : 1:21

1
في تلك الليلة التي يرتقب فيها قدوم المولود،كان بنو هاشم يتهيئون بما يخالف عاداتهم وعادات العرب ،وشهدت السماء نجوم بازغة لم تكن ترى من قبل ،وسمع تهليل ملائكة السماء وتكبيرها ،وأنحسرت الظلمة التي كانت تغلف بطاح مكة وزال ما كان بين الروابي من ظلم وفقر وفساد وشملت رحمة الله وبركاته أرجاءها وعمها الأمان فبالأمس كانت قد قهرت جيوش أبرهة الحبشي بجيوش منّ بها الله على مكة وبيتها المعمور .
وبعيدا" عن مكة أنشق إيوا ن كسرى وأنطفأت نار المجوس التي لم تنطفئ منذ مئات السنين .
أنحنى سيد بني هاشم وسيد العرب عبد المطلب على الوليد يشمه ويلثمه وفي عيناه تلتمع دموع حائر في تفسيرها ، أن الوليدهو أبن ولده عبد الله الذي أفتداه من الذبح بمائة من الإبل ،أحس عبد المطلب بفراسة البدوي ان المولود مبارك وذو شأن كبير ،فهنيئا" لكل من شمه ولثمه ونصره ويا خسران كل من عانده وخالفه .
لقد آن أوان ولادة المصطفى سيد البشرية بكل أعراقها ولغاتها ، هو خاتم الانبياء والمرسلين والجامع لصفاتهم من علم وصبر وشجاعة .
قال عبد المطلب سميته محمدا" ليكون محمودا" في الأرض والسماء .
وقيل أن أمه أمنة بنت وهب سمعت هاتفا" يقول لها سميه محمدا" ، أنه أسم جميل كنغمة حالمة ، انتقل بسرعة البرق في بيوتات مكة ، كيف لا وهو المختار لحمل الرسالة الالهية وتبليغ كتاب الله ،القرآن الكريم ، المعجز الخالد الماثل لكل جيل بدون أي دس أو تحريف بخلاف معجزات كل الأنبياء والرسل .
محمد هو المحاسن والعلم والأخلاق كلها ،كفى فخرا" أن رب العرش مادحه من بين العالمينا ،فأي فخر و العلي القديريقول : ({وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ) القلم / 4 . و({ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)}) [الأحزاب : 45 - 46] . و ({إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } )[الأحزاب : 56] .
هو دعوة أبراهيم وبشارة موسى ووصية عيسى وهو خاتم الأنبياءوالمرسلين :
( {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }) [البقرة : 129] .
({وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ }) [الصف : 6]
لقد كان محمدا" بشارة الأنبياء ومنتظر الرسل ، و هو المعجز الإلهي المكمل للقرآن ، فما كان لبشر حتى لو مارس أرقى التعاليم الدنيوية وتخرج من ارقى ما معروف في زمانه من مدارس ، لما أمكن ان ينزه نفسه مما أحاط به من غرائز و ممارسات جاهلية وخرافات ذلك العصر، ولكن أن هو إلاّ وحي يوحى ورسول من الله لاتأخذه بالحق لومة لائم .
2
وكما ان المشركون الأوائل لم يدركوا وأبوا ان يصدقوا ما كان يراه سيد البشرية وقائدها وهو يرنو الى الكون من وهاد مكة،حيث كان يرى عروش كسرى وقيصر وهي تتهاوى أمام ناظريه و الإسلام العظيم يشق عنان السماء، فان مشركي اليوم وعلى رأسهم اليهودالصهاينة يعيشون أعلى درجات الأنهزام الفكري حاليا"،وهم يجدون أنفسهم غير قادرين على وقف أنتشار الأسلام حتى في صرحهم العتيد أمريكا ،وألاّ بماذا نفسر ما يحصل ،فهل الحرية الفكرية تعني الأساءة ام المناضرة إن كانوا قادرين .
واليوم بعد ان ظل البعض الطريق وأصبحوا أدوات وملعبا" للآخرين من أعداء الأسلام ، فتمادوا في الفرقة وتعميق الخلافات المذهبية وفككوا الوحدة الأسلامية كمايتمنى الأعداء وأصبحت سيوفنا تعمل في بعضنا البعض ،الآ يمكن أن يكون حادث محاولة النيل من رسولنا الكريم ومقدساتنا الأسلامية دليلا" كافيا" لكل مخدوع، أن طريق الفرقة ضعف ،وأن ليس أمامنا بمثل تلك التحديات سوى مواجهة العداء الذي يمزقنا ، نواجهه بوحدتنا وأن ما بيننا من خلافات فكرية يجب أن تركن جانبا" لأن أعدائنا الحقيقيون واضحون وهم من يحتلون مقدساتنا وينالون من قدس رسولنا ويهددون مستقبلنا ،ويعلنون على الملأ أطماعهم الواضحة في أرضنا وثرواتنا وكرامتنا .
3
هل ما يحدث اليوم هو أمر فجائي يبرز على سطح الاحداث ،أم انه خزين كبت وقهر وأغتصاب للحقوق على مدى عشرات السنين ؟
أن كل من سياسي أميركا وشعوب الأمة الإسلامية يعرفون الجواب جيدا" فقد عاشوا صراع طويل ومستمر ، الاميركان حاولوا أسناد حلفائهم الصهاينة وتقوية شوكتهم وتثبيت دعائم دويلتهم بكل ما أوتو من قوة ،ودعم حكام مستبدين هم بمثابة حراس لمصالحهم،ونعتقد أن هذا الصراع متأتي من جانبين : الاول هو تأثير اللوبي اليهودي في أميركا والغرب والذي يسيطرعلى روؤس الأموال والإعلام والمفاصل الحيوية الأخرى ، والجانب الثاني متأتي من ضعف التأثير المقابل للعرب والمسلمين وتخلفهم في تلك الحلقات المهمة وحتى وهم يمتلكون الاقتصاد الهائل والقدرات البشرية ،فأنهم لم يمتلكوا القيادات التي تحسن استغلالها على الوجه الأمثل ،وكانت أغلب هذه القيادات تتملق الدول الكبرى من أجل بقاء سلطانها وزيادة قبضتها على شعوبها حتى لو كان الثمن انسلاخها من القيم والمبادئ التي تربى عليها الشعب فنجد بعضها اليوم تستخدم الثروات الأسلامية للنيل من الوحدة الأسلامية وتقوية صرح الصهيونية .
وهكذا فقد تجرعت شعوب الامة الاسلامية ،وعلى مدى تاريخ حكومات وروؤساء أميركا المتعاقبة مرارة القهر وأغتصاب الحقوق ليس في فلسطين فقط بل شمل ذلك أراضي أخرى من البلاد الاسلامية ،كما أن أنتهاب الحقوق والثروات
ودعم قادة رجعيون بعيدون عن تطلعات الشعب ،أدى الى أن ينظر المواطن في هذه البلدان الى ثروات بلاده يتمتع بها غيره ،فيما يعيش حياة الفقر والبطالة والتغرب في بلدان أخرى بحثا" عن فرص العمل .
واليوم ونحن نرى ونلمس هذه الافاقة والنهوض لمارد جبار ،كان فيما يبدو مكبلا" ، نقول لأميركا والغرب : من الخير لكم أن تستوعبوا الحالة الجديدة وأن لاتضعوا حساباتكم على المقاسات القديمة ، فتقفوا بوجه التيار الجديد .
أن أمير كا أذا كانت تريد مصالحها الحقيقية فهي مع العالم الاسلامي الجديد الناهض ، حيث أن كل منهما يحتاج الآخر ، فكما أن اميركا تريد أستمرار مصالحها ، فأن العالم الاسلامي يحتاج علاقات طبيعية متكافئة مع أميركا وغير أميركا ، فعلى سبيل المثال ، أن أغلب بلدان العالم الاسلامي هي مشاريع جاهزة للأستثمار ، يمكن للمستثمرين الاميركان والتكنلوجية الاميركية أن تفيد وأن تستفاد ،خصوصا" وأن الشعب الاميركي شعب يرغب في الخير والسلام ،وعلى ساسته أن لايتبعوا تنظيرات اليهود ودسائسهم والتي أشتهروا بها على مدى التاريخ الطويل ،وعليهم أن يقرؤا تاريخ اليهود جيدا" فقد يخسرون عنفوان أمبراطوريتهم بسبب أنسياقهم وراء الدسائس الصهيونية .
أن كل ما يطلق من شعارات أو أفعال في العالم الأسلامي ، تبدو معادية للغرب ، لم تكن يوما" بسبب الصراع الديني على الاطلاق ، بل هو بسبب السياسات الغربية في الهيمنة ومحاولة امتصاص ثروات الاخرين بدون مقابل مساو بالمقدار ،ودعمه اللا محدود واللا منطقي لدويلة الصهاينة في فلسطين .
أن علينا أن نتفهم أن الشعب الاميركي يقع تحت تأثير الأعلام المضاد ، ويجب أن نبرز له الحقائق كما هي وخاصة عن سماحة الاسلام العظيم دين العدل والحق والحرية والسلام ، وأن نمحو ما حاول البعض أن يلطخ فيه صفاء ديننا الحنيف ونقاءه .
4
نحن بأمس الحاجة لأستحضار الرسالة المحمدية ،والتي نتخذها دينا" وشرائع ونتناساها سيرة وتطبيقا" في أمورنا الحياتية والاجتماعية والسياسية ،كما نجد من بيننا من يخرج باحثا" عن افكار قادمة من الشرق أو الغرب ، جاهلا" أو متناسيا" أن الرسالة المحمدية التي ابتدأت برجل واحد هو رسولنا الكريم ،أصبحت اليوم مذهبا" لأكثر من ثلث سكان العالم وأن نور الإسلام في اتساع رغم كيد الكائدين ، وأن أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان اليوم هو ليس ببلد عربي .
وأصبحنا نسمع بين الفينة والفينة عن بعض الجهلة المجندين من قبل الجهات التي أصبح نور الاسلام العظيم يقض مضاجعها ويؤرقها ، حفدة خيبر وبني
النضير ومن تلفع برداءهم ، يرتكبون حماقات في النيل من قدس رسولنا الكريم وأن ما يدفعهم الى هذا التجاوز هو شعورهم بالنقص مما آل اليه دين محمد ،وعجزهم المدقع عن مجاراته بالطرق الحضارية ، فقد وجدوا أن ما يملكون ، وكل ما كادوا ويكيدون به قاصر أمام الإسلام العظيم ونوره الذي ينتشر في أرجاء الأرض بسرعة البرق برغم مايملكون من إعلام مظلل وبرغم مايبذلون من اموال ،أنه الأنهزام الفكري لأعداء الأسلام ولكن مع الأسف هناك اليوم من هم محسوبون على الأسلام ولكنهم يسددون الى الوحدة الأسلامية والدين الحنيف ما يريح صدور الأعداء، ولكن ..أنشاء الله كيدهم يعود الى نحورهم ..ويعود رسولنا الكريم من جديد ،وبرغم عظم المكائد ... يوحدنا .